الجفاف الذي يضرب منطقة "الساحل السوري" منذ سنوات ويؤثر سلباً في الإنتاج، دفع مزارعوها إلى ابتكار حلولٍ جديدةٍ، تساهم في استمرار العمل والرّيّ والإنتاج.

مدوّنة وطن "eSyria" زارت بعض المزارعين في عدة مناطق من "ريف جبلة"، بتاريخ 24 آب 2014، للحديث عن وسائلهم المتّبعة لدرء الأخطار المتوقّعة على محاصيلهم، حيث التقت المزارع "حسام خضّور"، ويقول: «منذ زمنٍ لم تتعرّض منطقتنا لهذه الموجة من "الجفاف"، بسبب قلّة الأمطار، وهذا ما أدّى إلى قلّة جريان الماء في الفروع القادمة إلينا من خطّ "العيديّة"، حيث كنّا نسقي محاصيلنا بواسطةِ المضخّات المائيّة، وقد اعتمدنا بشكلٍ أساسيّ منذ فترةٍ على المياه المضغوطةِ لريّ محصول "الليمون" خصوصاً، فتم التعاون بين الجيران لتنظيم وقت الرّيّ فيما بينهم».

إنّ سبب هذه الحالة من الجفاف، هو انحباس الأمطار لمدّة سنتين مُتتاليتين، حيث كانت الكمّيّة الهاطلة أقلَّ من معدّلاتها في السّابق؛ وهذا ما انعكس على مستوى مخزونِ المياه الجوفيّة، ومخزون مياه الآبار، والسّدود التّجميعيّة

ويتابع: «على صعيد الآبار الموجودة سابقاً، فقد تمّ استثمارها حيث روى البئر الواحد، مجموعةً من أراضي الحمضيّات، أمّا المزروعات الأخرى مثل "الباذنجان" والمزروعات المنزليّة، فقد اعتمدنا في ريّها على الوسائل المنزليّة المتاحة على مراحل، التي قد تستمرّ عدّة أيام وأحياناً أسابيع، ولتجاوز هذه المحنة قرّرَ معظم المزارعين حفر الآبار، وعلى الرّغم من أنّ بعض الآبار السّطحيّة، لم تضخّ سوى إنش أو ثلاثة أرباع الإنش من المياه، فقد تمّ الاستفادة منها عبر "الدّينامو" الكهربائيّة، وإضافة لذلك اشتركتْ أكثر من أسرةٍ في مساعدة بعض الفلاحين، لحفرِ الآبار، ممّن لا يساعدهم الوضع الماديّ لتحمل أعباء ذلك».

أثناء حفر إحدى الآبار

المراقب المائيّ "حسن إسماعيل" موظّف في الموارد المائيّة التّابعة لنهر "السّنّ" يقول: «لم تسرح المياه في الخطّ المائيّ ذي المنسوب 26 سوى مرّتين هذا الصّيف، بسبب انخفاض منسوب بحيرة "السّنّ"، الّتي تدعمُ الخطوطَ المائيّة، حيث تمّ استغلال هذه المياه للشّرب، دون إمكانيّة استخدامها لريّ المحاصيل بكثرة، وقد اعتمد المزارعون بسبب ذلك في ريّ الأراضي المزروعة على المياه المضغوطة، القادمة من "سدّ الحويز"، وقد قمنا في الشّتاء بضخّ المياه من الخطّ ذي المنسوب 50 إلى "سدّ الحويز" لدرء "الجفاف" المُتوقّع، بسبب قلّة الأمطار، وتبخّر المياه، وقد أدّت الحرارة المرتفعة إلى تشقّقات في بعض الأراضي؛ وهذا ما زاد الحاجة إلى مياهٍ أغزر، إلا أن حفر الآبار قد غطّى مساحات مقبولةٍ في "السّاحل"».

وعن أسباب الجفاف وتأثيراتِه في المواسم تحدّث المهندس الزّراعيّ "علي صبّوح"، رئيس الوحدة الإرشاديّة في قرية "رأس العين"، ويقول: «إنّ سبب هذه الحالة من الجفاف، هو انحباس الأمطار لمدّة سنتين مُتتاليتين، حيث كانت الكمّيّة الهاطلة أقلَّ من معدّلاتها في السّابق؛ وهذا ما انعكس على مستوى مخزونِ المياه الجوفيّة، ومخزون مياه الآبار، والسّدود التّجميعيّة».

المراقب المائي "حسن إسماعيل"

ويُتابع: «على صعيد محصول "اللّيمون" سنلاحظ هذا العام حالات تبكير في النّضج، وزيادة انتشار الحشرات، وخصوصاً ذباب "ثمار الفاكهة"، حيث يُتوقّع حصول إصاباتٍ كثيفةٍ، بسبب غياب المطر الشّديد، والبرودة القاسية الّتي تساهم في القضاء على أعدادٍ كبيرةٍ من هذه الحشرات، وعلى صعيد حجم ثمرة "اللّيمون"؛ فإنّ عدم حصولها على التّغذية الكاملة، سيؤدّي إلى صغر حجم الثّمرة، وتساقط بعض الثّمار، وسنلاحظ زيادةً في الإصابة بالحشرات القشريّة والعناكب، وعلى الرّغم من هذا، حصل معظم المُزارعين على الأدوية اللازمة لمكافحة الحشرات».

وعن الحلول المقترحة لمشكلة الجفاف، يتابع: «تمّ التعاون بين مديريّة الزّراعة وحوض "السّاحل"، لتقديم مجموعة مقترحاتٍ؛ منها توفير حفّاراتٍ لحفرِ الآبار السّطحيّة بعمق 7 إلى 10 أمتار، حيث يُمكنُ لمجموعةٍ من المُزارعين الاعتمادُ على بئرٍ واحدة، وأيضاً تمّ ربطُ مجموعةٍ من السّدود القريبة مع بعضها بعضاً، عبرَ شبكاتٍ خاصّةٍ كما حصل بين سدّ "بيت ريحان" وسدّ "السّفرقيّة"، وتمّتْ توعيةُ المُزارعين لتنظيم وقت الرّي من المياه المضغوطة، وسمحتْ المديريّة بحفر آبارٍ ارتوازيّة بعمق 20 إلى 30 متراً، للاستفادة منها بطريقة "الرّيّ بالتنقيط"، حيث جَعلت كلّ هذه المُقترحات مشكلةَ الجفاف في حدودها الدّنيا».