بهدف حماية البيئة وإقامة محميّات طبيعيّة في أجمل بقاع الأرض، أقدمت "الجمعيّة السوريّة للاستكشاف والتوثيق" على مشروع لتأهيل شاطئ "السمراء" على حدود "لواء اسكندرون" ليكون محميّةً طبيعيّةً، والتشجيع على السياحة البيئيّة بعد التعريف بهذا المفهوم.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت "خالد نويلاتي" قائد "الجمعيّة السوريّة للاستكشاف والتوثيق"، بتاريخ 11 تموز 2020 ليحدّثنا عن مشروع شاطئ "السمراء"، فقال: «بعد الزيارات والنشاطات المتخصّصة والمتكرّرة من عام 2017 وحتّى منتصف 2020، قامت الجمعيّة بوضع دراسة أوّليّة لفكرة حماية خليج شاطئ "السمراء" الجنوبي، وتتضمّن الدراسة نموذجاً أوّلياً عن مشروع يجسّد على أرض الواقع مفاهيم مرتبطة بثقافة السياحة البيئيّة، في موقع شاطئ معزول تتوفّر فيه مجموعة من المقوّمات الخاصّة والفريدة من نوعها، وهذه المقومات تتمثل بالموقع الجغرافي على حدود "لواء اسكندرون" المحتل في منطقة "كسب"، ويعرف محليّاً بتسمية خليج "الأرمن"، ولهذا فهو له خصوصيّة رمزيّة لـ"سورية"، والإضاءة على أهميّة الموقع هي أحد أهداف المشروع، حيث يعدُّ خليج "الأرمن" شاطئاً معزولاً بشكل كامل، لأنّه محدود من الشمال والجنوب بكتلتين صخريّتين ضخمتين، والجبل خلف الشاطئ مغطّى بغطاء نباتي كثيف، ما يميّز الشاطئ باعتدال درجة الحرارة ودرجة الرطوبة، بالإضافة للمظهر الفريد لالتقاء الجبل مع البحر. أمّا عن البيئة الحيوانية ففيها الكثير من التنوّع الهام، حيث تمّ رصد الغزلان والخنازير البريّة والثعالب والطيور الجارحة والأهم من كل ذلك وجود فقمة الراهب على الشاطئ».

شاطئ "السمراء" هو منطقة بغاية الجمال، ويمكن اعتباره هويّة بصريّة لجمال "سورية" في المناطق السياحيّة المنسيّة، ومن النشاطات التي قمنا بها، أنّنا كنّا نذهب على شكل مجموعات لاستكشاف طبيعة المكان، وتعلّمنا كيفيّة التعامل مع هذه البيئة مثل إشعال النار، كما قمنا بمسير ليلي بالجبل بين الشجر والصخور، وأقمنا سهرات سمر وتعارف، ونشاطات سباحة وغوص وإنزال جبلي للراغبين به

وعن المشكلة التي تعيق الوصول لهذه الطبيعة والحلول المقترحة، أضاف قائلاً: «هناك مشكلة وهي أنّ النزول إلى الشاطئ يتم من خلال سلوك طريق برّي وعر بشدّة، ويوجد من الجهة الشماليّة للشاطئ مغارة طبيعيّة ضخمة يمكن استثمارها بشكل مميّز من ناحية ممارسة رياضات التسلّق الحر والإنزال الجبلي، بالإضافة لتخصيص جزء منها لتكون مواقع استراحة مهيّأة بشكل مستدام وصديق للبيئة، بما يتناسب مع طابع الموقع.

"خالد نويلاتي" قائد "الجمعيّة السوريّة للاستكشاف والتوثيق"

وبيئيّاً يتعرّض الموقع لإساءات عديدة منها ترك المخلّفات البشريّة بشكل عشوائي، بالإضافة للصيد غير منتظم للحيوانات الموجودة البريّة منها والبحريّة، وقطع الأشجار العشوائي، وتخصيص مواقع ضمن الأحراش لتكون مشاجر غير مرخّصة لصنع الفحم، ففكّرنا في الجمعيّة بحل لهذه المشكلات، ونهدف على مستوى "سورية" بعد عشر سنوات من الحرب والحصار والعقوبات الاقتصاديّة والاجتماعيّة أن نبيّن أنّنا كسوريّين ما زلنا قادرين على ابتكار مشاريع ذات فائدة بيئيّة بالدرجة الأولى، وبشكل غير مباشر تنمويّة للمنطقة سياحيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً، وتقدّم نموذجاً واضحاً وصريحاً عن مفهوم السياحة البيئيّة، وبشكل مختلف عن نماذج سابقة كان فيها المخطّط مشابه لما نطمح لتحقيقه من هذا المشروع، ولكن النتيجة كانت مغايرة تماماً، أمّا الجانب التنموي السكاني للمشروع فيظهر بجذب الزوّار ما يعود بالمنفعة على السكّان المحليّين، وينشّط المشاريع الصغيرة والمتوسّطة الخدميّة والتجاريّة».

"إيمان عبود" مسؤولة العلاقات العامّة "للجمعيّة السوريّة للاستكشاف والتوثيق"، فقالت: «قمنا بأوّل زيارة من نشاطات المشروع للمنطقة، وكان المشاركون متنوّعين بين أشخاص من خارج الجمعيّة، نعرّفهم على الشاطئ والنشاطات الترفيهيّة والرياضيّة التي يمكن إقامتها به، بالإضافة لتعليمهم كيفيّة التعامل مع البريّة، وبين متطوّعين من الجمعيّة هدفهم دراسة المكان بشكل دقيق، وتوثيقه لنبني دراستنا الحاليّة عليه، وبالنسبة للدراسة التي قمنا بتحضيرها لتأهيل شاطئ "السمراء" فهي الإنشاءات المقترحة لتأهيل الشاطئ كي يصبح متاحاً للجميع، وتتضمّن إيصال مياه عذبة لتزويد الشاطئ بمصدر مياه، وإيصال خط كهرباء لتزويده بالإنارة المناسبة ونقطة كهرباء للطوارئ، وإيصال خط هاتف أرضي للطوارئ كَون المنطقة لا تصلها تغطية شبكة الهاتف المحمول، وتزويد الموقع بأربعة حمّامات صحيّة بتصميم يتناسب مع المكوّن البيئي ويحقّق الاستدامة، وأيضاً تمهيد الطريق الترابي الواصل إلى الشاطئ وتزويده بمكوّنات الأمان اللّازمة ولوحات الدلالة المناسبة، لتكون المنطقة عبارة عن محميّة بيئيّة وحيوانيّة، وبالوقت عينه وجهة للسياحة البيئيّة ضمن شروط معيّنة للحفاظ على المنطقة».

"إيمان عبود" مديرة العلاقات العامّة في الجمعيّة

"حنين يافا" من بين المشاركين في النشاط، قالت: «شاطئ "السمراء" هو منطقة بغاية الجمال، ويمكن اعتباره هويّة بصريّة لجمال "سورية" في المناطق السياحيّة المنسيّة، ومن النشاطات التي قمنا بها، أنّنا كنّا نذهب على شكل مجموعات لاستكشاف طبيعة المكان، وتعلّمنا كيفيّة التعامل مع هذه البيئة مثل إشعال النار، كما قمنا بمسير ليلي بالجبل بين الشجر والصخور، وأقمنا سهرات سمر وتعارف، ونشاطات سباحة وغوص وإنزال جبلي للراغبين به».

يذكر أنّ عدد المتطوّعين الفاعلين في مشروع تأهيل شاطئ "السمراء" وصل إلى مئة وخمسون متطوّعاً.

لقطة للمتطوّعون أثناء إصلاح الطريق شديد الوعورة للشاطئ