حملت ساحة "الحمام" اسمها من حمام أثري قديم اختفى اليوم وراء بيوتها المتكاثرة، ولكنها حافظت لليوم على وظيفتها كمعبر رئيس لقرى كثيرة وأضافت لها أسواقاً للتبضع والحياة اليومية.

تقع ساحة "الحمام" عند تلاقي أربعة طرق رئيسية وفرعية، فالرئيسية تلك القادمة من مدينة "اللاذقية" عبر ضاحية "بوقا" و"تشرين"، وهو طريق رئيس يصل المدينة بريفها الشمالي الشرقي، كبلدات "سنجوان" و"سقوبين" و"المشيرفة" و"ستمرخو"، وتمر هذه الطرق في قلب الساحة ذهاباً وإياباً بطول يتجاوز الثلاثين كيلومتراً، في حين تصل الطرق الفرعية الساحة بحي "المنتزه" و"قنينص"، وآخرها يصلها بتوسع سكن "بسنادا" و"ضاحية بسنادا" الجديدة.

نعمل انطلاقاً من الساحة منذ الصباح الباكر، وصيفاً نبقى هنا حتى وقت متأخر لخدمة الناس ونقلهم، وتعبر "السرافيس" الساحة قادمة من المدينة أو العكس لنقل الناس إلى الريف، وكثيرون من الناس يقفون هنا في انتظارها بعد أن يصلوا متنقلين إليها، ويوجد هنا موقف خاص للتكاسي يعمل ليلاً نهاراً

سميت الساحة كما يقول المهندس "علي غانم" من أهالي "بسنادا" في حديث مع مدونة وطن “eSyria” بتاريخ 22 تشرين الثاني 2014، على اسم حمام أثري يقع في أحد شوارعها الداخلية الآن، ويقول: «لقد كانت الساحة تبدأ عند هذا الحمام، ويقول كبار السن إنه كان خاناً للمسافرين حتى الخمسينيات من القرن الماضي، إلا أنه هجر واستخدمه الأهالي لاحقاً لتربية الماشية، ولا يزال لليوم قائماً وتحت إشراف مديرية آثار "اللاذقية"، ويوجد في الحمام لحد الآن تجهيزات الخان القديمة من معالف للأحصنة والسقاية إضافة إلى بئر ماء مردومة وساحة أصبحت صغيرة نتيجة البناء عليها من قبل الأجيال اللاحقة».

يقع بالقرب من الساحة عدة مواقع مهمة تاريخياً، منها "مدرسة بوقا الزراعية" وهي كما يقول المهندس "علي": «أقدم مدرسة زراعية في الوطن العربي أسست عام 1921، وتمتد على عشرات الهكتارات، وتخرج سنوياً عشرات الطلاب من مختلف أنحاء الوطن العربي، وتضم كذلك المركز العربي للغابات والمراعي وهو أيضاً المركز الوحيد في المنطقة الذي يقدم خدمات تتعلق بصيانة وزراعة ورعاية الغابات والمراعي، ويدرس فيه نخبة من أساتذة الزراعة في "سورية" والعالم العربي».

من جهة ثانية، فإن هذه الساحة تعد من علامات المدينة التاريخية المهمة، فلا تبعد عنها مساكن الإنسان الأول في العالم في "ست مرخو" سوى بضعة كيلومترات، ويمكن للراغب في زيارتها المرور من الساحة إليها، عدا هذا فإن الساحة نفسها تؤدي إلى نبع "بسنادا" الأثري وإلى طريق "القبو" الأثري أيضاً، (وقد سبق لنا تناولهما في مواد أخرى).

تبلغ مساحة الساحة حوالي نصف دونم تقريباً، وتتوزع على جنباتها المحال التجارية متعددة الوظائف، يحدثنا السيد "محمد السماعيل" صاحب محل لبيع المواد التجميلية، من مدينة "إدلب"، وقد استأجر محلاً في مدخل الساحة، عن حركة البيع والشراء هنا فيقول: «تبدأ الحركة مبكراً في الساحة، فهي مكان انطلاق للناس إلى وظائفهم وأعمالهم، ولذلك تجد الحركة دائمة، وتجد كل ما يحتاج إليه الناس، ومنهم من يقصدها للمشي مساء، تتوافر هنا جميع الحاجيات التي ينزل الناس بسببها إلى أسواق المدينة، وبسبب زيادة أسعار النقل وانقطاع الكهرباء فإن الناس يفضلون المكان القريب، إضافة إلى أن الأسعار هنا أقل من المدينة إلى حد ما».

في الساحة نفسها تقام الاحتفالات الشعبية، وتقوم فيها أيضاً حركة سير دائمة لا تتوقف، يقول السيد "محمد جاموس" صاحب إحدى تكاسي الأجرة: «نعمل انطلاقاً من الساحة منذ الصباح الباكر، وصيفاً نبقى هنا حتى وقت متأخر لخدمة الناس ونقلهم، وتعبر "السرافيس" الساحة قادمة من المدينة أو العكس لنقل الناس إلى الريف، وكثيرون من الناس يقفون هنا في انتظارها بعد أن يصلوا متنقلين إليها، ويوجد هنا موقف خاص للتكاسي يعمل ليلاً نهاراً».

أيضاً وبعد توسع الساحة والمنطقة المحيطة بها سكانياً، فقد افتتحت محال كثيرة لخدمة المواطنين، منها تجارية وصيدليات وأماكن لبيع الخضراوات والفواكه والحلويات وغيرها، سألنا السيدة "وداد القاضي" عن سبب اختيارها للساحة مكاناً للتسوق فأجابت: «الأسعار هنا أرخص قليلاً من أسواق المدينة، ولا نحتاج إلى صرف الكثير من الوقت للوصول إلى هذه المحال، كما أننا لا نضطر لاستخدام التكاسي المكلفة لنقل الحاجيات إلى بيوتنا، فهي قريبة، ويمكننا التنقل بسهولة وفي أي وقت من النهار أو الليل، وجميع ما نحتاجه متوافر هنا، الثياب والمأكل وخدمة الهاتف والكهرباء والخلوي والخضار والفواكه واللحوم، وغير ذلك».

تحتاج الساحة وفقاً لكثيرين من المواطنين الذين التقيناهم، لوجود شرطي (دائم) يقوم بتسيير أمور السير والازدحام اليومي الشديد، خاصة في أوقات الذروة ظهراً التي تصادف خروج أطفال المدارس القريبة من مدارسهم (مدرسة الشهيد عماد علي، ومدرسة بسنادا) في نفس وقت خروج الموظفين من دوائرهم الرسمية، فكثيراً ما يحدث اختناق مروري يمتد أحياناً لساعات، كذلك تحتاج الساحة إلى توفير مظلات مطرية تقي الناس الأمطار في ظل كثافة كبيرة في مستخدميها فلا تكفي مظلة مطرية واحدة أقيمت منذ عدة سنوات وتحتاج في حد ذاتها للإصلاح.