استطاع الشاب "غدير كرمو" بإرادته القوية أن يتحدى إصابته، ويبتكر طريقة للكتابة على هاتفه المحمول، مكنته من النجاح في امتحانات الشهادة الثانوية هذا العام بعد انقطاع دام ثلاث سنوات.

مدونة وطن "eSyria" زارته بتاريخ 17 تموز 2016، في منزله، فتحدث عن هذا الإنجاز قائلاً: «أصبت بالخطأ نتيجة طيش أحدهم بطلق ناري سبّب لي شللاً رباعياً؛ وهو ما جعلني عاجزاً عن الحركة، وأدى إلى انقطاعي عن المدرسة عام 2013، حيث كنت في الصف الثاني الثانوي آنذاك، وبعد مرور عام على إصابتي قررت أن أواجه عجزي عن الحركة بفعل شيء».

كان طالباً ذكياً خلوقاً، وأعامله كصديق، وأيدت اتخاذ قراره بدراسة "البكالوريا"، فالنجاح لا يعرف إصابة، والعجز ليس عجز الجسد، وإنما عجز الفكر؛ فهو يتمتع بفكر متجدد، وإرادة قوية، ومحبّ للحياة

يتابع الشاب حديثه قائلاً: «طلبت من أمي إحضار قلم رصاص ووسادة وهاتفي المحمول، وثبتت لي الوسادة وعليها هاتفي، ثم وضعت القلم بفمي، فقد ساعدتني شاشة اللمس للهاتف على الكتابة، فبدأت الكتابة بسرعة كبيرة، وفيما بعد صنع لي والدي قلماً من الخشب، ساهمت هذه الطريقة بالتواصل مع أصدقائي على شبكات التواصل الاجتماعي والتفاعل معهم، كما أنني أكتب الشعر والنثر والقصة القصيرة، فخلق ذلك نوعاً من التواصل الاجتماعي والثقافي معهم».

مع عائلته

غيابه عن المدرسة، وعدم قدرته على متابعة صفوفه مع أصدقائه لم يمنعه من الدراسة والنجاح، يقول: «بتصميم مني، وتشجيع من الأهل والأصدقاء تقدمت لامتحانات "البكالوريا"؛ فهناك نظام يتيح لي التقدم وبما ينسجم مع وضعي الصحي، هيأ لي أهلي الجو المناسب للدراسة والتحضير للامتحان، وحصلت على الشهادة الثانوية بدرجات جيدة، وأنوي التسجيل في الجامعة، كما أمارس حياتي بطريقة شبه طبيعية، وأزور أصدقائي، وأشاهد المباريات في المقاهي، وأكتب بواسطة قلمي الخشبي الشعر والنثر كل يوم، وأقرأ الكتب الإلكترونية. ما زال العلاج مستمراً، ولكن استجابتي بطيئة نوعاً ما، فأبي يساعدني في ممارسة نشاطاتي كافة، وأمي تعلمت العلاج الفيزيائي لأجلي».

يحب أصدقاءه، والتواصل معهم من الأمور الأساسية في حياته اليومية، فصديقه "محمد كرمو" تحدث عن علاقتهما بقوله: «لم تمنعه إصابته من التواصل مع أصدقائه وزيارتهم، فهو يتصف بالحيوية والنشاط، ويحب جلسات الأصدقاء، والتجديد والتعرف إلى الناس والأماكن، لديه خيال واسع حوّل نشاطه الجسدي إلى نشاط عقلي، ويهتم بحملات التنظيف والمسابقات الشعرية، فقد اشترك مؤخراً بمسابقة شعرية، وحصل على المركز الثالث».

يكتب على "الموبايل"

الأستاذ "ياسر الأزكي" درّسه في مرحلة الثانوية، تحدث عنه أيضاً: «كان طالباً ذكياً خلوقاً، وأعامله كصديق، وأيدت اتخاذ قراره بدراسة "البكالوريا"، فالنجاح لا يعرف إصابة، والعجز ليس عجز الجسد، وإنما عجز الفكر؛ فهو يتمتع بفكر متجدد، وإرادة قوية، ومحبّ للحياة».

الجدير بالذكر، أن "غدير" من مواليد قرية "كرسانا"، عام 1996، ويؤلف الأغاني، ويعمل على التعاون مع فنانين في هذا المجال، ولديه محاولة لكتابة نص مسلسل، كما يسعى إلى جمع كتاباته في ديوان مطبوع.