من الأسماك التي توجد في الوعر البحري، وتعيش بمجموعات في الأرض الخشنة، دخلت الموائد السورية منذ القديم، لكنها عرفت بغلاء ثمنها وطعمها اللذيذ، واختلفت تسمياتها حسب البلدان.

مدونة وطن "eSyria" زارت سوق السمك في مدينة "جبلة" بتاريخ 15 أيلول 2018، والتقت الصياد "أحمد النابلسي"، الذي تحدث عن رحلة صيده للأسماك ومنها سمكة "القجاج"، أو كما هي معروفة باللغة المحكية "الأجاج"، حيث قال: «منذ الصغر كنت أرافق أبي وجدّي إلى الصيد، حيث كنا نصطاد مختلف أنواع الأسماك، ونستخدم العديد من الطرائق لصيدها، كالشباك، والشرك، والصنارة، وتختلف طريقة صيد الأسماك حسب نوعها، فبالنسبة لسمكة "القجاج" فلها طريقة خاصة لصيدها؛ فعند اصطيادها نضع لها طعم "الصمبيدة" وننزله إلى قاع البحر لكونها من الأسماك التي توجد في الأرض الخشنة الوعرة الملأى بالحصى في قاع البحر، وتعيش حياتها في المياه الساحلية المالحة بالقرب من مصبات الأنهار والبحيرات الضحلة، ضمن مجموعات لا تقل عن ثلاث سمكات تعوم ببطء وتتحرك بشكل دائري للبحث عن الديدان والقواقع والأحياء البحرية، وتعتمد على قوة أسنانها، فلديها القدرة على طحن قوقعة صدفية والتهام ما في داخلها، إضافة إلى أنها من الأسماك الموجودة طوال العام تقريباً في شواطئ الساحل السوري، لكن أفضل وقت لصيدها في شهر تشرين الأول ولغاية كانون الأول.

اسمه النجار في "جدة"، والقجاج ودجاج البحر في "دمياط"، والنجار والقجاج في محيط المحيط نوع من السمك، وكما ورد ذكر "القجاج" أيضاً في معجم "ياقوت الحموي" بين أسماك جزيرة "تنيس"، وذكره "الإدريسي" ضمن أسماك جزيرة "بنزرت" في "تونس" وسماه "القاجوج"، وسمي "النجار" لأن الزعنفة الظهرية فيها أشواك طويلة كأسنان منشار كبير، وربما منه أتى الاسم "قجاج"، وسمي "الكوفر" في "البحرين"

قيمتها الغذائية مرتفعة لغناها بالأملاح المعدنية والفيتامينات والكالسيوم والفوسفور، وندرة وجودها جعلتها من الأسماك الباهظة الثمن، لكن عشاقها يدفع الصيادين إلى متابعتها والصبر للوصول إليها».

الصياد "أحمد النابلسي"

وتابع: «تتميز سمكة "القجاج" بشكلها البيضوي العميق المضغوط من الجانبين، وهي مصنفة ضمن قائمة الأسماك اللحمية ذات اللحم الأبيض الذي يحوي القليل من الدهون، ويبلغ طولها نحو 35سم، ويمكن أن يصل إلى 70سم، ووزنه قد يصل إلى 17كغ، ورأسها منحنٍ بشكل منتظم، عيناها صغيرتان، وفمها يقع إلى الأسفل من وجهها، ولها شفتان غليظتان. ويعدّ سمك "القجاج" من الأسماك النادرة الوجود، لذا سعره مرتفع، فأثناء عملية الصيد يمكن أن نحصل على سمكة واحدة في الشبكة، وأحياناً لا نصطاد أي سمكة منها، على عكس الأنواع الأخرى التي تعلق بكميات كبيرة بالشباك أثناء الصيد».

وعن طريقة تحضيرها حدثتنا "ألفت سلمان" بالقول: «يشتهر المطبخ الساحلي بغناه بأنواع الأطباق البحرية نظراً لتوافر الأسماك بكثرة، وتتفنن النسوة في إعدادها، ومع من أن الأسماك تتشابه بطريقة طبخها، إلا أن لكل نوع نكهته المميزة وطعمه المختلف، وبالنسبة لسمكة "الأجاج" كما هي معروفة في منطقتنا، فعند إعدادها نقوم بتنظيف السمكة من الداخل والخارج، وتغسل بالماء والليمون، ثم نقوم بشقها حتى تتشرب الملح والبهارات المضافة إليها، نضيف إليها الملح والفلفل والكمون والزيت، ونخلط البقدونس والطماطم والفلفل الأخضر الحار والثوم، ثم نحشو بالخلطة السمكة مع وضع القليل منها في الشقوق التي أحدثناها من قبل في السمكة، نضع السمك في صينية ونتركه في الفرن مع وضع شرائح طماطم وليمون فوقه، ونضيف نصف كوب ماء، ونغلّف الصينية بورق القصدير، ونتركها في الفرن على نار متوسطة لمدة 40 دقيقة، ثم نرفع ورق القصدير عنها ونتركها حتى يحمر وجهها. كما يمكن استخدامها في طبخ "الصيادية"، ونظراً لغلاء ثمنها أصبحنا نستخدم أنواعاً أخرى من الأسماك في أطباقنا البحرية بدلاً منها، وعلى الرغم من غلاء ثمنها، فإن طعمها الشهي ونقاوة لحمها ورائحتها الزكية تجعلها تحتل الصدارة بين الأطباق التي لا يمكن الاستغناء عنه لتحضيره على موائدنا في المناسبات المختلفة».

بارودة لصيد السمك

الجدير بالذكر، أنه ورد في معجم الأديب "أمين معلوف" أسماء سمكة "القجاج" حسب البلدان العربية التي وجدت فيها، حيث جاء عن هذا النوع من السمك في معجمه: «اسمه النجار في "جدة"، والقجاج ودجاج البحر في "دمياط"، والنجار والقجاج في محيط المحيط نوع من السمك، وكما ورد ذكر "القجاج" أيضاً في معجم "ياقوت الحموي" بين أسماك جزيرة "تنيس"، وذكره "الإدريسي" ضمن أسماك جزيرة "بنزرت" في "تونس" وسماه "القاجوج"، وسمي "النجار" لأن الزعنفة الظهرية فيها أشواك طويلة كأسنان منشار كبير، وربما منه أتى الاسم "قجاج"، وسمي "الكوفر" في "البحرين"».

سمك "القجاج" بأحجام مختلفة