ظاهرة طبيعية وصفها بعض الجيولوجيين بالشذوذ، وبعضهم الآخر بالخدعة، لفتت نظر العابرين باتجاه "مقامات بني هاشم"، للسير بجانب سياراتهم وتجربة السير نزولاً عكس الجاذبية، وسيلان المياه صعوداً، كما جذبت المصطافين.

ما بين قريتي "المتن" و"المران" في ريف "اللاذقية"، باتجاه "مقامات بني هاشم"، بالقرب من موقع "الجوبات" الطبيعية في سلسلة "جبال الشعرة"، وبمسافة نحو 100 متر -كما وصفها سائق "السيرفيس" "عماد عباس"- يقع الموقع الذي جذب مئات الناس من خارج المنطقة كما جذب أهاليها، للتمتع بظاهرة الشذوذ في الجاذبية، وهنا تابع السائق "عماد" بالقول: «هذا الموقع منحدر كما تراه العين المجردة عن قرب، وحتى من مسافات بعيدة، لكن بالنسبة لي كسائق سيارة يسير عليه، فهو طريق صاعد على الرغم من الانحدار؛ لأنني حين أوقف محرك السيارة وهي باتجاه النزول، فإنها تعود إلى الخلف صعوداً بحركة لافتة للانتباه والإعجاب كظاهرة طبيعية فريدة، وهذا الأمر دفع كل العابرين من هذا الموقع إلى تجربتها بالاتجاهين الصعود أو النزول وفقاً للمشاهدة البصرية، فتسير المركبات وحدها صعوداً بعكس ما تشاهده العين المجردة».

في كل مرة ننظم مسيراً إلى تلك المنطقة، نسكب المياه على الطريق المنحدر نزولاً ويراقب الجميع كيف تعود باتجاه الأعلى؛ وهو ما يدفعهم إلى تجربتها، وحتى خلال السير نزولاً، يدركون أنهم بحاجة إلى عملية دفع كما في عملية الصعود؛ وهذا يؤكد أنها ظاهرة طبيعية فريدة جاذبة للسياحة البيئية والدراسة العلمية

المهندسة "هزار الكردي"، قالت: «في كل مرة ننظم مسيراً إلى تلك المنطقة، نسكب المياه على الطريق المنحدر نزولاً ويراقب الجميع كيف تعود باتجاه الأعلى؛ وهو ما يدفعهم إلى تجربتها، وحتى خلال السير نزولاً، يدركون أنهم بحاجة إلى عملية دفع كما في عملية الصعود؛ وهذا يؤكد أنها ظاهرة طبيعية فريدة جاذبة للسياحة البيئية والدراسة العلمية».

"السيرفيس" في وضع النزول يرجع إلى الخلف بعكس الجاذبية

أما رئيسة مجلس إدارة "الجمعية الوطنية لإنماء السياحة في سورية" "أشواق حميشة"، فقالت: «بالنسبة لنا كجمعية نسعى إلى التعريف بهذه الظاهرة الطبيعية الفريدة، لتكون رديفاً مهماً لباقي المقومات السياحية الموجودة في ريفنا المشبع بالجمال الطبيعي البكر، فهي تأخذ مساحة كبيرة من اهتمام المصطافين في تلك المنطقة لتجربتها ونقل المشهد البصري الغريب للآخرين مع التشجيع على تجربتها؛ وهذا يعني أنها مكان سياحي يمكن الاعتماد عليه لفرادته وغرابته».

وفي لقاء مع الجيولوجي "مضر سليمة" بتاريخ 16 آذار 2017، من "فريق مدونة وطن الاستكشافي"، الذي زار الموقع في رحلة بحثية علمية، قال: «إن ملاحظة وجود شذوذ جاذبية في منطقة قريبة إلى "الجوبات"، يضعنا أمام احتمالين؛ إما أن يكون هذا الشذوذ وهمياً؛ أي لا وجود لأي جاذبية إلا الجاذبية الأرضية المتعامدة شاقولياً مع خط الأفق؛ وهذا يؤدي إلى شعور وهمي لدى الناس المراقبين والمتابعين لهذه الظاهرة؛ نتيجة خدعة بصرية أو شيء من هذا القبيل. أو أن يكون هذا الشذوذ واقعاً؛ أي إن خط الشاقول لا يتعامد مع خط الأفق بزاوية تساوي تسعين درجة، وهذا لا يتحقق إلا في حال وجود صخور خاصة لها ميزات مثل المغناطيسية، أو الوزن النوعي الكبير حيث تجذب الكتل إليها، الرصاص مثلاً يزيد وزنه النوعي على وزن الصخور الكلسية الموجودة في تلك المنطقة بخمس مرات، وهنا لا بد لنا من أن نربط احتمال وجود صخور خاصة بالأنابيب الكمبرليتية الموجودة في "الجوبات" التي لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن مكان الشذوذ، بالمجمل لا يمكن الحكم إلا من خلال دراسات فيزيائية وكيميائية وسبر ثقالي ومغناطيسي محترف».

أشواق حميشة

ويتابع حديثه عن علاقة "الجوبات" الطبيعية في سلسلة "جبال الشعرة" بهذه الظاهرة الطبيعية، ويقول: «صخر الكمبرليت الموجود في "الجوبات" يحتوي معادن مختلفة بعضها نادر، وربما للمياه الجوفية دور في نقل وتجميع هذه الصخور، فالمياه تستطيع تفتيت الفلزات وإذابتها ونقلها وفرزها؛ لذا من الممكن أن نصادف مصائد لمعادن مهمة، ونحن لا نستطيع تحديد نوع هذه المعادن إلا من خلال التنقيب، لكننا نستطيع أن نحدد صفاتها والوزن النوعي العالي والمغناطيسية».

مضر سليمة