على مساحة الشجرة الوحيدة الباقية على دوار "هارون" توزعت أشرطة تحمل بطاقات صغيرة كتب عليها أمنيات جديدة للعام الحالي، تقول إحداها: "أتمنى أن أرجع إلى الرقة، لقد اشتقت لها".

في تجربة تكمل هذا العام سنتها الثالثة يتابع فريق "قطرات ملونة" تقديم أفكار جديدة لتلوين مدينة "اللاذقية"، فبعد "الدرج الملون" العام الفائت، وشجرة "العبوات البلاستيكية الفارغة" العام الذي قبله، يتابع الفريق هذا العام تجربة هي "شجرة الأمنيات"، وعلى بساطتها ولكنها تحمل في مضامينها إصراراً على تقديم ثقافة الحياة والفرح رغم الظروف السورية القاسية.

هذا العام تمنيت لسورية السلام، ولقاء الغائبين منذ وقت عني وعن أهلي، والسلام لكل السوريين في داخل البلد وخارجها، ولم أنس بالطبع أني في الثالث الثانوي وأتمنى أن أكون في الجامعة العام القادم

بدأت تجربة شجرة "الأمنيات"؛ كما يقول في حديث مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 26 كانون الأول 2014، الشاب "لؤي سليمة" من فريق "قطرات ملونة" من فكرة طرحتها إحدى صبايا الفريق، وكانت الموافقة جماعية عليها، والدعوة للحضور عبر التواصل الاجتماعي، أما التنفيذ فقد كان على دوار "هارون" وسط المدينة تقريباً لكون الدوار مركزاً رئيسياً للعبور إلى كل أنحاء المدينة، يضيف "لؤي" قائلاً: «قمنا بتجهيز كل ما نحتاجه عبر التبرعات التي قمنا بها نحن، كل فرد دفع مبلغاً صغيراً وجمعناها لتكون لدينا هذه الاحتفالية الصغيرة لثلاثة أيام، نستقبل فيها الراغبين بكتابة سطر أمنياتهم وتعليقها على الشجرة الوحيدة هنا على الدوار، المكان يساعد في جذب كثيرين من الناس صغاراً وكباراً لتسجيل سطور أمنياتهم الصغيرة وتعليقها، هي على العموم مساحة لزرع الفرح والتفاؤل والإصرار على الاستمرار بالحياة ما أمكن».

من الأمنيات الجميلة

أمنيات كثيرة كتبت بخط اليد وعلقها أصحابها، منهم من كتب اسمه، ومنهم من اختار أن يوقع باسمه الفيسبوكي، وآخرون كتبوها بالإنكليزية، تشكيلة كبيرة من أمنيات طغى عليها كلها الحلم بأن يعم السلام "سورية" العام الجديد، يقول المهندس "فادي جزعة" من الفريق أيضاً: «هذه ثالث مشاركة في الفكرة، الحضور في العامين الفائتين شجعنا على تكرار التجربة مع مصادفة التوقيت مع أعياد نهاية العام كعيد الميلاد ورأس السنة، ما كتب هنا سيبقى محفوظاً في دفتر ننقل إليه كل ما سيعلق هنا من أمنيات، الجميل هو أن كل الأمنيات مشتركة مع الجميع، فكلهم يقرؤون أمنيات الآخرين بالتالي تنتقل عدوى التفاؤل إلى الجميع، الفكرة بسيطة ولكنها تصل إلى الناس بسهولة ويسر وهذا هو المهم، بساطة الرغبة في تقديم شيء مختلف يسمح للجميع بالتشارك في هذه المساحة من الحلم والرغبة الواعية في تسجيل ذاكرة جماعية تحلم بوطن جميل في أغلبها».

تقول إحدى الأمنيات لصبية: "أتمنى أن نبقى أصدقاء للجامعة على الأقل، وأن أعثر على ألف ليرة لأشتري ثياباً للمشردين"، طالب بكالوريا تمنى الخلاص منها "إلى الأبد"، أحدهم تمنى أن يجول حول العالم مشياً، آخرون دعوا للقاء الغائبين، بعض الأمنيات لأناس من خارج "سورية" أرسلوها عبر الفيسبوك ليكتبها لهم أصدقاء هنا، يقول أحد الشباب في "براغ" واعداً: "سأعود إلى سورية ولو في آخر لحظة من عمري".

أمنيات جديدة

شارك في الكتابة الصغار والكبار، تقول الصبية "سارة سلوم" طالبة في الثالث الثانوي من مدرسة "لؤي سليمة" إنها مشاركة دائمة لهذه النشاطات، وهذه السنة ستكتب أيضاً أمنيتها وتعلقها على الشجرة فهي تتفاءل بهذه الفكرة وتجد "إنها تعبر عن رغبة حقيقية بالحياة"، تضيف "سارة": «هذا العام تمنيت لسورية السلام، ولقاء الغائبين منذ وقت عني وعن أهلي، والسلام لكل السوريين في داخل البلد وخارجها، ولم أنس بالطبع أني في الثالث الثانوي وأتمنى أن أكون في الجامعة العام القادم».

نشير أخيراً إلى أن التجربة بقيت مفتوحة حتى أيام قليلة ماضية، على دوار "هارون" وسط المدينة بالقرب من الأعمدة الأثرية التي تشكل شعاراً لمدينة "اللاذقية"، وسوف تتكرر في العام القادم في نفس المكان.

أمنيات