على مدى مئات السنين الماضية تناقل الآباء والأجداد مقولة زراعية تلفظ بالعامية هكذا: (نصبة كانون الأول أفضل من نصبة عمنول)، وقد أثبتت جدواها والتزم بها المزارعون من زمن الأجداد إلى الآن.

والمقولة العامية هذه تعني أن زراعة الأشجار في شهر كانون الأول هي الأفضل بين شهور السنة، لدرجة أن الشجرة التي تزرع في هذا الشهر تكون أفضل من الشجرة التي زرعت قبل عام، لكن في شهر آخر غير كانون الأول، والكلام هنا للعم ”علي صالح علي" من قرية "القلعة" بريف "جبلة"، ويضيف "علي" في حديثه لمدونة وطن "eSyria" في 26 كانون الأول 2014: «كلمة نصبة تعني في الريف غراس الأشجار، وكلمة (عمنول) تعني العام الماضي؛ أي تصبح المقولة بالفصحى كالتالي: (غرسة شهر كانون الأول أفضل من غرسة العام الماضي)».

ما حدا بي لزراعة كل القسم المتبقي من بستاني بالغراس في شهر كانون الأول، وهو الآن بستان جيد وأتوقع منه الكثير من العطاء

وفقاً للتجربة والتطبيق العملي فإن هذه المقولة تثبت صحتها على الأرض فمن طبقوها يؤكدون ذلك، حيث يشير العم "إسماعيل حيدر" من قرية "خرائب سالم" قضاء "جبلة" إلى صحتها بالقول: «زرعت غرسة تفاح في شهر آذار من عام 2011، وغرسة تفاح أخرى في شهر كانون الأول من عام 2012، وبعد عام من الزمن أي في عام 2013؛ كانت غرسة شهر كانون الأول أفضل من غرسة العام السابق من حيث النمو والنجاح في زراعتها».

نصبة كانون الأول

ويضيف ”حيدر": «ما حدا بي لزراعة كل القسم المتبقي من بستاني بالغراس في شهر كانون الأول، وهو الآن بستان جيد وأتوقع منه الكثير من العطاء».

هذه المقولة هي خلاصة تجارب الأجداد؛ هكذا يقول السيد ”ياسين ماجد" ويضيف: «قبل أكثر من نصف قرن قال لي والدي إذا كنت تريد غرس شجرة فعليك بشهر كانون الأول إنه الأنسب لذلك، ووالدي بالتأكيد ورث المقولة عمّن سبقوه».

شجرة بندق

ويضيف العم "ياسين" وهو في العقد الثامن من العمر: «لقد أصاب من سبقونا في مقولتهم هذه، لأن شهر كانون الأول هو عاصمة الشتاء كما نسميه نحن في منطقتنا، والغرسة التي تزرع فيه تأخذ حقها وكفايتها من مياه الأمطار، وجذور الغرسة تتفرع وتتمدد أكثر».

وغرسة كانون الأول أو ما يسمى في الريف (نصبة عمنول) لا تحتاج إلى سقاية بعد زراعتها؛ فيكفي من يقوم بزراعتها أن يتبع الأسلوب الزراعي الصحيح حتى تنجح الزراعة وتعيش الغرسة وتصبح شجرة مثمرة، حيث عليه حراثة الأرض أولاً، ومن ثم فتح الحفر على أن يكون عمق الحفرة قرابة 50سم، لتوضع الغرسة أو النصبة فيها ويردم التراب فوقها، وتترك بعد ذلك حتى فصل الصيف؛ حيث ينصح بسقايتها أكثر من مرة بحسب العم "ياسين ماجد".

غرسة تين

ووفق الأساليب الحديثة يجب أن يترك مسافة بين كل غرسة وأخرى لا تقل عن أربعة أمتار، وتقاس المسافة بطريقة مائلة حيث توضع غرسة في يمين الحقل وأخرى يساره في الأراضي التي تأخذ شكل المدرجات وتقاس المسافة بين كل غرسة والغرسة التي تليها، وسبب ذلك مرده إلى الاعتماد على الآليات في حراثة الأرض من جهة، ولكي يتاح للشجرة التمدد براحتها والحصول على مساحتها الكافية والتهوية، بحسب ما يؤكد ”دانيال إسماعيل" وهو سائق جرار ويعمل في حراثة الأرض.