لطالما تردد اسمها في أغاني فيروز والغناء الشعبي، ولطالما حملها الرعاة معهم في حِلّهم وترحالهم في الفصول السورية المختلفة، زهرة السوسن، زهرة صبايا الربيع.

السوسن السوري Syrian Iris نبات عشبي معمر يعيش أكثر من سنتين، وفي مختلف المناطق السورية، في الجبال والوديان والسهول وفي البادية في ربيعها الأجمل، وله أصناف عديدة وألوانه كذلك، فمنه الزهري والأبيض والبنفسجي والأزرق والأرجواني والأصفر والأسود.

إنه نادراً ما يزيد طوله على ثلاثين سنتيمتراً، يزرع بسهولة، يعمر أكثر من سنتين، وينمو ويتكاثر بسرعة لذلك يجب عدم تركه دون انتباه لأنه سيغزو أي حديقة أو أرض ينوجد فيها. يتكون من جذمور (ساق أرضية تتوضع أفقياً وتنشأ من براعمها الجذور) يحمل ساقاً واحدة تحمل بدورها زهرة واحدة أو تتشكل عدة تفرعات محمولة على ساق رئيسة ويحمل كل تفرع زهرة واحدة، كما تدوم زهرة السوسن مدة طويلة نسبياً بعد القطف، وتتشكل من ست بتلات، ثلاث منها خارجية

يعود ذكر زهرة "السوسن" للمرة الأولى في تاريخ المنطقة -كما يقول الدكتور "سمير نصير" أستاذ في قسم "البساتين" بجامعة "تشرين"- إلى العام 1950 قبل الميلاد، "عندما جلب حاكم مصر "تحوتمس الأول" نبات السوسن السوري معه إلى بلده بعد معركة "قادش" (القصير في ريف حمص حالياً) التاريخية المعروفة. وقد استمر إعجاب فراعنة مصر القدماء بالطبيعة الغريبة لهذا النبات، حيث نجد رسوماً لأزهاره في العديد من القصور الفرعونية".

يقول الدكتور "نصير" عن السوسن: «إنه نادراً ما يزيد طوله على ثلاثين سنتيمتراً، يزرع بسهولة، يعمر أكثر من سنتين، وينمو ويتكاثر بسرعة لذلك يجب عدم تركه دون انتباه لأنه سيغزو أي حديقة أو أرض ينوجد فيها. يتكون من جذمور (ساق أرضية تتوضع أفقياً وتنشأ من براعمها الجذور) يحمل ساقاً واحدة تحمل بدورها زهرة واحدة أو تتشكل عدة تفرعات محمولة على ساق رئيسة ويحمل كل تفرع زهرة واحدة، كما تدوم زهرة السوسن مدة طويلة نسبياً بعد القطف، وتتشكل من ست بتلات، ثلاث منها خارجية».

ينتشر السوسن السوري في مناطق عدة من "سورية"، ويزيد عدد أنواعه على ثلاثين نوعاً، من أبرزها السوسن الدمشقي، الذي ينمو فقط على قمة جبل "قاسيون" بسبب تطلبه لبيئة خاصة، يحمل أزهاراً كبيرة بيضاء رائعة الجمال تحمل كل صفات زهرة السوسن، وتتميز عنها بذلك التنسيق الرائع لألوانها التي تتموج عن اللون الأبيض.

من الأنواع الأخرى النادرة في "سورية" السوسن الذهبي النادر في "الميماس" وجبل "القليب" في السويداء، والسوسن الأسود في منطقة "المزيريب"، وهو كثير الانتشار في الأردن، ويعد أحد أنواع النباتات المزهرة النادرة في العالم التي تتخذ لوناً أسود يميل إلى البنفسجي قليلاً، كذلك السوسن "المهمازي" في جبل "سمعان" و"البارة، وإدلب" وقد أصبح نادر الوجود ومهدداً بالانقراض، وسوسن "بُصرى" في "درعا" الذي انحسر انتشاره نتيجة استصلاح الأراضي وانتشار الزراعات الحقلية والشجرية.

وهناك أيضاً أنواع أخرى يمكنها أن تمثل نواة لصناعة متكاملة لو أحسن استخدامها، هي على التوالي كما يشرح الدكتور "نصير": السوسن الدخاني في "إدلب" وجبل "محسن" قرب "حلب"، وسوسن "نصير" في قمة جبل النبي "متى" في جبال "اللاذقية"، والسوسن الحوراني على ضفاف نهر "اليرموك"، ولدينا سوسن البازلت في ريف "حمص". والسوسن اليبرودي المشابه للسوسن الدمشقي الذي يتميز بكبر حجم زهرته وينوجد في منطقة القسطل بين "دمشق والنبك"، وسوسن تل "شيحان" ذات اللون الأسود والأحمر، إضافة الى تجمع لأنواع متعددة من السوسن السوري في "عسال الورد" قرب "دمشق".

وقد أقيمت حديقةٌ بيئية للسوسن وسط مدينة "حمص" تضمّ أصناف السوسن السوري بألوانها المتعددة كالأبيض والأصفر والأزرق والأحمر والأرجواني والبنفسجي والدخاني والأسود. وهذه الحديقة تعد الأولى من نوعها على مستوى العالم، حيث تمثل بمحتواها مخزوناً وراثياً لكل أنواع السوسن السوري.

للسوسن استخدامات جمالية وطبية أيضاً، ويحتوي "الجذمور" كما تقول الدكتورة "منى علي" على مركبات عديدة منها عطر رائحته قوية، وقوامه صلب ولونه أصفر فاتح، ومن مكوناته "حمض جوز الطيب Acide myristique". تدخل مكوناته في صناعة العطور والمساحيق التجميلية وفي تحضير معاجين الأسنان، ورائحة الجذمور قوية تشبه رائحة البنفسج، طعمه مر لاذع، بعض أنواع السوسن التي تعيش قرب المستنقعات لها أهمية اقتصادية بغلي جذورها مع برادة الحديد فتعطي حبراً أسود يستخدمه الرسامون، كما يستخدم في صباغة الأنسجة والجلود باللون الأسود، كما تحتوي الأوراق على نسبة عالية من فيتامين C.

نختم جولتنا مع السوسن عالمياً، فحالياً تعد زهرة السوسن رمزاً رسمياً لمدينة "بروكسل" عاصمة "بلجيكا"، وتزرع هذه الزهرة في حدائقها بكثافة وبألوانها الزرقاء والصفراء والحمراء، كما أن لكل مدينة علمها الخاص وعليه زهرة السوسن الأكثر انتشاراً فيها، وفي "فرنسا" تعد رمزاً وطنياً، كما أنها في الأساطير المشرقية رسولة الرب العلي، وقد وردت كإحدى الهدايا في الملاحم البابلية، وهي رمز للحكمة والصدق والقوة.