تتواجد في "سورية" نباتات برية لها أهميتها الاقتصادية والبيئية والإنسانية، بعضها تنفرد به بلادنا ومنها انتشرت في مختف مناطق العالم حاملةً معها اسم "سورية" أينما حلت.

يتصور بعضهم أنه ليس للنباتات البرية فائدة، وأنها ليست إلا مجرد "حشائش" تلتهم خيرات الأرض، خاصة عندما تظهر في المناطق الزراعية أو الحقول المعدة للزراعة، هذه الصورة الخاطئة يصححها لنا الدكتور "سمير نصير" الأستاذ في كلية الزراعة بجامعة "تشرين" قسم "البساتين"؛ فيقول في حديث مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 كانون الأول 2014 التالي: «يجب ألا ننسى أبداً أن لكل كائن حي دوره البيئي والاقتصادي بالنسبة للإنسان أو الحيوان أو الطيور، فما لا يستفيد منه البشر يمكن أن يكون غذاءً شهياً للطيور والحيوانات والحشرات، كما أن الفائدة الاقتصادية للبشر ليست المعيار الأساسي في تقييم حياة النباتات والحيوانات، بل البيئة هي الأم والحياة وبتعرضها لأي إساءة لن نكون نحن موجودين».

يجب ألا ننسى أبداً أن لكل كائن حي دوره البيئي والاقتصادي بالنسبة للإنسان أو الحيوان أو الطيور، فما لا يستفيد منه البشر يمكن أن يكون غذاءً شهياً للطيور والحيوانات والحشرات، كما أن الفائدة الاقتصادية للبشر ليست المعيار الأساسي في تقييم حياة النباتات والحيوانات، بل البيئة هي الأم والحياة وبتعرضها لأي إساءة لن نكون نحن موجودين

يتواجد في البيئة السورية نباتات وأشجار مهمة للبيئة والحياة في آن واحد، يذكر الدكتور "نصير" بعضاً منها في حديثه، فعلى سبيل المثال: «إن نبتة "شوك الجمل" واسمها العلمي "أقنثا سورية Acanthus syriacus"، وتسمى أيضاً في بعض المناطق "مار عويلا" (مار كلمة سريانية تعني السيد، عويلا، من العويل ولعل ذلك بسبب شوكها الذي يبكي الجمال حين تأكلها بسبب شوكه الحاد)، هي نبتة شوكية تعيش في المنحدرات الصخرية الجافة وبين الأحجار الكلسية وفي الأراضي البور، واسعة الانتشار بالحالة البرية من المناطق المعتدلة إلى الاستوائية، ولها أسماء محلية عديدة منها "مؤخرة الدب" والنوع ذو الأزهار البيضاء يسمى "زهرة المسامير"».

ثمار الصنوبر الحلبي

هذه الزهرة البرية، استخدمت في الزينة، كذلك فإن أشكال الزخرفة الكورنثية لتيجان الأعمدة في أوابدنا الأثرية (المدن المنسية، القلاع، تدمر...) وغيرها (اليونان وجرش في الأردن) منسوخة من الشكل التركيبي لهذا النبات الذي اسمه وبكل فخر "الأقنثا السورية"، كما يقول الدكتور "نصير"، مع العلم أن الاسم "أقنثا" يعني العمود الفقري باليونانية بسبب التداخل الكبير لأجزاء النبتة بعضها مع بعض، ويعتقد بعض الباحثين أن نبات "القراص" المذكور في الكتاب المقدس هو ذاته "الأقنثا".

من الأنواع الأخرى التي حملت اسم "سورية" أيضاً عالمياً نبتة "سكابيوزة سورية" (syriaca Scabiosa, syriaca Cephalaria)، وهي نبتة عشبية سنوية تنتشر في الحقول، تسمى أيضاً "زهرة الجرب"، لأنها كانت تستخدم في معالجة مرض الجرب. كما تسمى في "دمشق" بالعامية "ماسح محرمته"، يصل طولها إلى متر واحد تقريباً، ثمرتها مكسوة بالشعر مخططة، وتنتشر في سورية والعراق وإيران وتركيا وأفغانستان وباكستان والقوقاز.

أقنثا سورية برية

استخدمت هذه النبتة في معالجة الجرب في الأيام الخوالي، تذكر (الموسوعة العربية الشاملة) أن ذلك يعود بوجه أساسي إلى العصارة التي تفرزها هذه النبتة، والتي تؤدي عند دهن الجلد بها إلى التخفيف من آلام المصابين بهذا المرض لاحتوائها على مواد معقمة تقود في بعض الحالات إلى الشفاء التام من هذه الآفة، خاصة في ذلك الوقت الذي لم تكن قد عرفت فيه أسباب هذا المرض وكيفية علاجه، وهذه التجربة مشتقة من الحيوانات التي كانت تفرك جسدها بهذه النبتة عند إصابتها بالجرب أيضاً.

ثالث هذه النماذج، شجرة الصنوبر الحلبي Pinus Halepensis، وهي شجرة معمرة تعيش أكثر من مئة عام، ترتفع إلى 25 متراً تقريباً، تتواجد في بلادنا في الحالة الطبيعية على شكل بقع صغيرة قرب "القدموس" على ارتفاع 600 متر، ونلاحظ أنها تحمل الاسم "الحلبي" في كل لغات العالم، مع العلم أنها تنتشر في كثير من البلدان؛ مثل دول حوض المتوسط وألبانيا وفلسطين والأردن، وتعد "سورية" ومناطق "حلب" موطنها الأصلي مثل الخرنوب الحراجي.

من الأنواع السورية العالمية

هناك نباتات أخرى تحمل أسماء سورية، وتستخدم في غايات كثيرة منها الطب والعلاج ومنها كغذاء للحيوانات، ومنها أيضاً نباتات بيئية تقدم للبيئة الهواء النقي على قصر عمرها، بعضها يؤكل كما هو حال القريصة والهندباء التي تحمل هي الأخرى أسماء سورية عالمية، لذلك علينا -ولأسباب كثيرة- المحافظة على هذه الأغطية النباتية واحترام تواجدها.