تشتهر قرى الساحل السوري بانتشار الينابيع فيها؛ التي كانت مقصداً للتجمعات البشرية وشيدت القرى في البداية بالقرب منها لتأمين مياه الشرب والسقاية.

إلا أن المفاجأة كانت في قرية "بطموش" 1050 متراً عن سطح البحر، ولا تحتوي على أي نبع وأقرب الينابيع إليها يبتعد قرابة 5 كيلومترات.

مع دخول الإسمنت للقرية شرعنا في بناء الخزانات من الإسمنت المسلح، حيث كنا نبيع رأساً من الماعز حتى نؤمن تكاليف تشييد الخزان، وتمكنّا حتى الآن من بناء 450 خزاناً موزعين على بيوت القرية التي لا يزيد تعداد سكانها المقيمين فيها على 1000 نسمة

هذا الواقع دفع الأهالي للبحث عن حلول إبداعية إنقاذية في نفس الوقت لضمان استمرار الحياة على اعتبار أن المياه هي الشريان الرئيس للحياة ومن دونها لا يمكن العيش.

خزان صخري كان مستخدماً في الماضي

يقول مختار "بطموش" السيد "محمد يوسف" إنهم شهدوا معاناة كبيرة في تأمين المياه، ويضيف: «تحتوي القرية على مجموعة من الآبار، وهي آبار مجهولة المصدر فلا نعرف إن كان أجدادنا من حفروها أم أنها أقدم من أجدادنا، إلا أن عددها قليل ولا تكفي حاجة القرية، حيث كان آباؤنا يتقاسمون مياهها بواسطة الدلاء (السطل) حيث خصص لكل خمسة أشخاص (دلو) واحد فقط في اليوم، وهي كمية قليلة جداً لكن هذا هو الواقع».

الأهالي ابتكروا حلولاً وصنعوا من الصخور خزانات يجمعون فيها مياه الشتاء لاستخدامها في الصيف، ويتحدث المختار عن الخزانات الصخرية وطريقة تصميمها قائلاً: «يوجد في القرية عدد كبير من الصخور الطبيعية وبين هذه الصخور تتواجد فراغات صغيرة محاطة من الجهات الأربع والمياه لا تنفذ منها، وهو ما دفعنا لاستغلالها في تجميع مياه الأمطار بعد توسيعها، حيث كنا نملأها بالأحراش اليابسة ونقوم بحرقها، النيران المشتعلة بداخلها تساهم في ضعضعة الصخور وهو ما يسهل علينا تكسيرها لتوسيع الحفرة وجمعها لكمية أكبر، وبعد انتهاء العملية نقوم بتنظيفها ونتركها لمياه الأمطار تملأها بخيرات السماء».

تملأ دلوها من الخزان المنزلي

هذا الحل كان ناجعاً في مرحلة معينة حيث امتلأت القرية بالخزانات الصخرية التي طالما سقيت منها الأراضي، أما المواشي التي تنتشر في القرية الجبلية الباردة بكثافة فكانت تسقى من ينابيع القرى المجاورة بحسب مدير مدرسة بطموش "محمد صقر" الذي بيّن أنها كانت تسقى كل يومين مرة واحدة.

وأضاف "صقر" متحدثاً عن واقع القرية الحالي وكيف تطورت الحلول مع تطور الواقع: «مع دخول الإسمنت للقرية شرعنا في بناء الخزانات من الإسمنت المسلح، حيث كنا نبيع رأساً من الماعز حتى نؤمن تكاليف تشييد الخزان، وتمكنّا حتى الآن من بناء 450 خزاناً موزعين على بيوت القرية التي لا يزيد تعداد سكانها المقيمين فيها على 1000 نسمة».

خزان مكشوف لسقاية المزروعات

خزانات القرية لها استخدامات متعددة كما يوضح "صقر": «في كل منزل هناك ثلاثة خزانات كمعدل وسطي، وهي ذات استخدامات متعددة، فكما تعلم نحن قرية زراعية ونعتمد على زراعة التبغ اعتماداً أساسياً إلى جانب الخضراوات وهي زراعات بحاجة لسقاية دائمة، وهو ما دفعنا لتخصيص خزانات للسقاية وأخرى للشرب، وهي نوعان مغلقة ومكشوفة، وقد حققت الغاية المنشودة منها وساهمت في إيجاد حل لمعاناتنا مع انعدام الينابيع في قريتنا».

يذكر أن، قرية "بطموش" تعد من القرى الريفية التي مازال سكانها إلى الآن محافظين على ريفية قريتيهم وعاداتها وتقاليدها وكذلك تراثها الجميل.