قبل أن تنتشر وسائل الإعلام والميديا، وقبل وجود الناشيونال جيوغرافيك، وفي زمن الحياة الريفية العذراء الجميلة اكتشف السيد "علي يونس" كيف يتخلص الثعلب من البراغيث، لكنه لم يمتلك أدوات توثيق ذلك بالصوت والصورة.

السيد "علي يونس" رحل عن هذه الحياة لكنه روى الحادثة للمحيطين به ويحفظها معظم أهالي قرية "معرين" ومن بينهم العم "آصف زهرة"، "زهرة" تحدث لمدونة وطن eSyria في 30 آب 2014 عن حكاية تخلص الثعلب من البراغيث قائلا: «في معظم قرى الريف الساحلي يوجد حفرة كبيرة تتجمع فيها المياه وتسمى "رامة ماء"، هذه "الرامة" تتحول في مختلف الفصول وخصوصا فصل الصيف إلى مقصد للكائنات الحية بما فيها الطيور، وتحديدا العصافير التي كان يصطادها جدنا "علي يونس" كثيرا في تلك المنطقة مستخدما بارودته (بندقيته) التركية التي كان يدكها دكاّ».

ذهب العم "يونس" وهو مذهول إلى المكان الذي كان يقف فيه الثعلب لمعرفة مالذي رماه من فمه، وإذا به يرى قطعة خشبية صغيرة وقد حط عليها مئات البراغيث

عملية الصيد هذه تتم بطريقة فنية بحسب "زهرة":«حيث يبني الصياد غرفة صغيرة من الأحجار على شكل دائرة، ويترك لها منفذا باتجاه "رامة" الماء، ومن ثم يجلس بداخلها ويغطي سطحها بأغصان الأشجار لكي لا تراه العصافير وتمتنع عن الاقتراب ، وفي أثناء جلوسه في تلك الغرفة الصغيرة يبقي عينه وبندقيته متجهتان من المنفذ إلى الرامة لترقب قدوم العصافير واصطيادها».

آصف زهرة

ويضيف "زهرة" متحدثا عن قصة فريدة حدثت مع العم "يونس" أثناء الصيد:«مرة كان جدنا "علي يونس" يترقب أن تحط العصافير في محيط الرامة، وفجأة لاحظ قدوم ثعلب باتجاهها، فاستغرب الأمر وأخذ يراقبه حتى وصل إليها، وإذا به يستدير نحو الخلف ويضع رأس ذيله في الماء، ويبدأ العودة باتجاه الخلف ببطء شديد، واستمر هكذا تدريجيا حتى غطت المياه كل رأسه، ومن ثم انتفض وهز جسده ورمى شيئا من فمه وذهب من حيث أتى».

ويضيف "زهرة" :«ذهب العم "يونس" وهو مذهول إلى المكان الذي كان يقف فيه الثعلب لمعرفة مالذي رماه من فمه، وإذا به يرى قطعة خشبية صغيرة وقد حط عليها مئات البراغيث».

رامة ماء

الطبيب البيطري "محمد مخلوف" علق لمدونة وطن على الحادثة قائلا:«يعتبر الثعلب من الحيوانات الذكية جدا ومشهود له بذلك، ومن المفترض أنه فعل ما فعله في الرامة لكي ينظف فروه من البراغيث، وهي طريقة تدل على ذكائه، حيث أنه كلما نزل قسم من جسده في الماء، هربت منه البراغيث للأعلى حتى وصلت إلى القطعة الخشبية وتجمعت فيها خارج جسده أو فروه، فما كان منه إلا أن رماها مع براغيثها وذهب منتشيا بعد أن انتصر على البراغيث وبات نظيفا منها».

في كل يوم تبدعنا الطبيعة وكائناتها بأشياء جديدة وحلول إبداعية، وقصة الثعلب هذه تشير بوضوح إلى ذكاء هذا الحيوان الذي كان ومازال منتشر بكثافة في ريف الساحل السوري وخصوصا قرية "معرين" التي شهدت قبل حوالي شهر هجوم ثعلب على شاة من الماعز وقتلها وأكل لحمها.