سجاد شتوي يفترش الأرض به أهالي الريف لكي يبعث لهم الدفء، يعد صوفه مضرب مثل بسماكته وضغطه على بعضه بعضاً، وكثيراً ما يقال في الريف عن الأشياء الكثيفة والمضغوطة إنها "ملبدة" من "اللباد".

و"اللباد" يصنع يدوياً دون الحاجة للآلات، حيث كان أهالي قرية "معرين" قضاء "جبلة" يمضون أياماً وليالي في صناعته، ولم يكن يخلو بيت منه، حتى إن بعض الرعاة كانوا يستخدمونه كرداء أثناء الثلج.

كل منزل كان يحتوي على أكثر من "لباد"، حيث يتم استخدامه في الشتاء كسجادة يجلس عليها وينام عليها، فهو يبعث الدفء والراحة

وعن طريقة صناعة اللباد يقول "آصف زهرة" من قرية "معرين" في حديثه لمدونة وطن "eSyria" في 30 آب 2014: «في البداية يقوم الصانع بعملية ندف الصوف مستخدماً وتراً كعود الربابة، مصنوعاً من شعر الماعز أو ذنب الخيل، سماكته لا تزيد على 2سم، يتم ربطه بقطعة خشب على شكل القوس، يوضع الخيط فوق الصوف ومن ثم تبدأ عملية الضرب عليه بواسطة (المخباط) حتى يتخلص الصوف من الوبر والغبار ويصبح خالياً من الشوائب».

معرين

ويتابع "زهرة": «بعد ذلك يقوم صانع اللباد بمد قطعة قماش مستطيلة على الأرض بطول يتراوح بين 2 إلى 3 أمتار وعرض متر ونصف المتر، ليصار إلى نشر الصوف فوقه بطريقة منتظمة وبسماكة واحدة في كل أنحاء قطعة القماش حتى لا يكون هناك تفاوت في الحجم، وفي هذه المرحلة يمكن رسم بعض الأشكال باستخدام الخيوط، وهي عملية فنية».

لكي يتماسك الصوف مع بعضه بعضاً يحتاج إلى مادة مساعدة على اللصق، وعنها يقول "زهرة": «بعد الانتهاء من فرش الصوف، يتم بشر الصابون ووضعه بالماء، ومن ثم يسخن الماء حتى يغلي، لكي يسكب على كامل الصوف فيلتصق ببعضه بعضاً، وما أن يلتصق حتى يقوم الصانع بلف قطعة القماش كما يلف السيجار، وربطها بحبال من الشعر (ربطة كل 2سم)».

بيت التراب حيث يفرش اللباد

هذه العملية ليست النهاية وهي الأقل جهداً، حيث تأتي بعدها عملية "الدلك" التي يشرح عنها "زهرة" قائلاً: «عملية "الدلك" هذه تحتاج أياماً وليالي، فكلما "دلك" جيداً كلما كان أكثر جودة وامتدت صلاحيته لفترة أطول، و"الدلك" يتم بواسطة الأقدام حيث يجتمع الرجال كما يجتمعون على "الدبكة"، يتكاتفون ويبدؤون دفع "القماشة" الملفوفة بالصوف مستخدمين أقدامهم، إذ لا تبتعد القدم عن الأخرى أكثر من شبر واحد، حتى يرّص الصوف بشكل جيد ويتلبد، وهذه العملية شاقة وتتطلب جهداً كبيراً على مدى ثلاثة أيام تقريباً».

"الدلك" بحسب الراعي "علي درويش" هو العملية ما قبل الأخيرة؛ حيث يتبعها قطع الخيوط ومد اللباد لغسله بشكل جيد، قبل تعريضه للشمس حتى يجف ويصبح صالحاً للاستخدام لفترة تمتد إلى عشر سنوات.

"آصف زهرة"

كان "اللباد" جزءاً أساسياً من أثاث المنزل الريفي تقول "خطيرة عبود"، وتضيف: «كل منزل كان يحتوي على أكثر من "لباد"، حيث يتم استخدامه في الشتاء كسجادة يجلس عليها وينام عليها، فهو يبعث الدفء والراحة».

اللباد كان يستخدم رداءً للرعاة، هذا ما يؤكده الراعي "علي صقر"، ويقول: «كنا نضعه على أكتافنا ونتدفأ به خلال فترة الرعي، خصوصاً في فصل الشتاء أثناء الإقامة بـ"المشتاية" لحماية المواشي ورعايتها، كما أن الراعي كان يرتديه ويربط بشكل طولي على جسده مع الإبقاء على فتحة للتنفس، ومن ثم يتم سحبه لفتح طريق الماعز أثناء الثلج».

  • "المخباط": أداة خشبية عريضة من الأمام، ولها مقبض من الخلف.

  • "المشتاية": بيت من التراب يبنيه الرعاة بعيداً عن القرية للإقامة فيه في فصل الشتاء هرباً من الثلج.