قبل عقد من الزمن تقريباً كانت الثلوج تغطي قرية "معرين" لأيامٍ وليالٍ طوال؛ ما استدعى بحث الأهالي الذين يعتمدون على تربية الماعز عن حلول لمواجهة ذلك، فكان الحل عربة بشرية لا يجرها حصانان.

"العربة البشرية" هذه حكايتها غريبة؛ فهي تعتمد على جسد الإنسان الذي يتحول إلى ما يشبه (شفرة التركس) في عصرنا الراهن، حيث يجرف الثلوج بجسده لكي يفتح الطريق أمام القطيع.

كانت المكان الذي تحلب فيه الماعز، ويرسل منتجها إلى نساء القرية لكي يقمن بتحويله إلى "لبن، وشنكليش، وزبدة، ووووو، إلخ"

يقول السيد "آصف زهرة" من أهالي "معرين" متحدثاً لمدونة وطن "eSyria" في 30 آب 2014، عن أسلوب شق طريق الماعز في الشتاء: «خلال العقود الطويلة الماضية وقبل أن يتغير المناخ، كانت قريتنا تغطيها الثلوج معظم فصل الشتاء، ما يضطرنا للبحث عن حلول لهذه المشكلة، فبقاء الثلوج يعني موت مواشينا من الجوع، ما كان يستدعي إخراجها للرعي بأي وسيلة ممكنة ومهما كلف الثمن، فهذه المواشي هي التي تنتج لنا طعامنا وتؤمن لنا معظم احتياجاتنا، إنها بحق كانت ومازالت العمود الرئيسي في حياتنا».

ماعز في "معرين"

ويضيف "زهرة": «ولإيجاد حل لذلك كان أجدادنا يتبعون طريقة ورثناها من بعدهم لعشرات السنين، وأذكر أنها كانت تنفذ حتى نهاية التسعينيات، وتقوم الطريقة على لف الراعي بقطعة من القماش والصوف نسميها "اللباد"، حيث يتم حزمه بها بشكل جيد مع إيجاد منفذ للتنفس، ومن ثم يربط من كتفيه ووسطه وقدميه، وتقوم مجموعة من الرجال بسحبه بطريقة عرضية باتجاه المكان المقصود للرعي، وأثناء ذلك ينزاح الثلج وتفتح الطريق، حيث يسير قطيع الماعز خلفه مباشرة حتى يصل إلى موقع الرعي، الذي قد يكون بعيداً حوالي 3كم أحياناً».

الراعي "علي صقر" يوضح سبب اللجوء لهذه الطريقة قائلاً: «الماعز ساقه رفيعة، وبالتالي فإنها تغوص في الثلج بسهولة ولا يمكنها الاستمرار في المشي والوصول إلى المكان الذي تغطيه الثلوج ويمكن الرعي فيه؛ مما كان يجبرنا على استخدام طريقة العربة البشرية».

"آصف زهرة"

مكان الرعي الذي يكون بعيداً عن القرية في أحد الوديان التي لا يعلق عليها الثلج، يتحول إلى مكان للإقامة بحسب السيد "زهرة" الذي يقول: «الثلوج في الماضي كانت تبقى لأيامٍ وليالٍ، والراعي لا يمكنه العودة إلى منزله كل يوم وإعادة نفس التجربة بفتح الطريق، فهي عملية شاقة ومجهدة جداً، لذلك كان يبقى في المرعى طوال مدة الثلج حتى ولو استمر الأمر شهراً كاملاً، ومن أجل ذلك كنا نبني ما يسمى "المشتاية" التي يقيم فيها الراعي ليحمي نفسه من البرد والمطر والوحوش، فمنطقة الرعي كما أشرنا تكون بعيدة عن القرية، ولا تتساقط عليها الثلوج وإن تساقطت لا تعلق على الأرض».

"المشتاية" كانت تتحول إلى تجمع للرعاة الذين يجلسون مع بعضهم بعضاً فيها، كما أنها وبحسب "صقر": «كانت المكان الذي تحلب فيه الماعز، ويرسل منتجها إلى نساء القرية لكي يقمن بتحويله إلى "لبن، وشنكليش، وزبدة، ووووو، إلخ"».

حراج ترعى فيها الماعز

يذكر أن قرية "معرين" تابعة لمدينة "جبلة"، وهي تشتهر بتربية المواشي خصوصاً الماعز، وتبعد عن مدينة "جبلة" حوالي 35كم، وترتفع عن سطح البحر أكثر من 1000 متر.