هي ورقة خضراء منفردة، تلتحم بغصن شجرة؛ معلنة عن ولادة شجرة جديدة، هذا ما يسميه أهل ريف "جبلة" التطعيم، فالتطعيم بالنسبة لهم يعني أن تولد الشجرة من الورقة.

عملية الولادة هذه قيصرية معكوسة، فهي تحتاج إلى فتح بطن الشجرة أو الغصن؛ لكن بدل أن ينتشل الجنين من البطن فإنه تتم زراعة جنين فيه؛ ليلد الشجرة الجديدة، يقول السيد "ياسين سليطين" لمدونة وطن "eSyria" في 20 آب 2014 متحدثاً عن آلية التطعيم: «في البداية نقتطع ورقة من الشجرة المراد إنضاجها أو الحصول على ثمارها، ونحافظ على عودها وجذعه بحيث يكون الجذع عبارة عن قاعدة مستقيمة؛ ومن وسطه الورقة ترتفع نحو الأعلى، ومن ثم نقوم بتجريف الجذع والإبقاء فقط على قشرته ملتصقة بالورقة، بعدها ذلك نقوم بإحداث ثلاثة شقوق في الشجرة كل واحد بطول حوالي 4 سم، شق من الأعلى وآخر من الأسفل وشق ثالث يصل بينهما من الوسط (كما في الصورة المرفقة)، بهذه العملية نكون قد جهزنا الموقع الذي يجب أن يوضع فيه جذع الورقة، حيث يتم رفع قشرة الشجرة مكان الشق ووضع الجذع تحتها، بحيث يلتحم معها». ويضيف "سليطين":«لا تنتهي العملية هنا، وعلينا تغليف الشق الذي أحدثناه بالشجرة، عبر قطعة قماش كما يضمد الجرح، لكن نبقي على عود الورقة ظاهرا؛ً بحيث يغطى جذعه الملتصق بالشجرة تماماً حتى لا يتعرض والشجرة للهواء فيموتا معاً وتفشل عملية التطعيم».

نجاح التطعيم موضوع تقارب وراثي، فكلما كانت القرابة كبيرة كلما نجح الموضوع، ويختلف ذلك حسب الأنواع طبعاً؛ فبعضها لديه قابلية كبيرة للتطعيم وبعضهاً حساس جداً

هذه العملية لها شروط محددة بحسب السيد "محمود صالح علي" الذي يقول في حديث سابق لمدونة وطن:«هناك فترة محددة لعملية التطعيم، فهي لا تنجح إلا في شهري شباط وتموز، وإذا تمت العملية بشكل جيد وفي موعدها المحدد فإن الورقة المطعمة لاتحتاج لأكثر من شهور حتى تنمو وتنمو وتتحول إلى شجرة في بضع سنوات».

تحضير جذع الورقة

يلجأ الناس للتطعيم في حالات عديدة؛ يوجزها السيد "سليمان سعيد" بالقول: «بعض الأشجار تكون نوعية ثمارها غير شهية، ما يدفع المزارع لتطعيمها بصنف آخر، كالتفاح البلدي مثلا يتم تطعيمه بصنف آخر كالفرنسي مثلاً، وكذلك لدينا بعض الأشجار البرية؛ كشجرة "العرموط" التي يتم تطعيمها بشجرة "المراب" فكلاهما من نفس الفصيلة تقريباً، وهذه العملية تنجح في حال كانت طريقة التطعيم صحيحة».

بحسب الدراسات فإن أغلب أنواع الأشجار يمكن تطعيمها، هذا مايقوله الدكتور في الهندسة الزراعية "زهير الشاطر" ويضيف في حديثه لمدونة وطن: «طريقة التطعيم هذه تسمى "التطعيم بالبرعم" والذي يكون في إبط الورقة وليس على الورقة نفسها، وهذا البرعم الذي يكاد لا يرى يدعى بالبرعم الخضري، وهو الذي سينمو مستقبلاً ليعطي الشجرة الجديدة، وأغلب الأشجار المثمرة ذوات الفلقتين (وهي حالة أغلب الأنواع في سورية) يمكن تطعيمها، أما ذوات الفلقة الواحدة مثل النخيل والموز فلا يمكن تطعيمها».

فتح بطن الغصن أو الشجرة

ويضيف "الشاطر":«نجاح التطعيم موضوع تقارب وراثي، فكلما كانت القرابة كبيرة كلما نجح الموضوع، ويختلف ذلك حسب الأنواع طبعاً؛ فبعضها لديه قابلية كبيرة للتطعيم وبعضهاً حساس جداً».

جدير بالذكر أن عملية التطعيم منتشرة جداً في ريف "جبلة" وهي ثقافة متوارثة عبر الأجداد، وتبدي فاعلية كبيرة ونجاحاً في الكثير من الأحيان.

زرع الطعم، أو إدخال جذع الورقة في شق الشجرة