يتفاءل الصيادون مع تقدم أيام الصيف، وكلما هبت ريح غربية قوية قالوا: «جاءت العناصر»، وهذه الجملة تعني أن الصيد وافر، لكن دون تحديد وقت لهذه الفترة وموعد قدوم تلك العناصر ومدتها خلال العام.

زيارات متكررة إلى الشاطئ وميناء الصيادين "اليوغوزلافية" قامت بها مدونة وطن "eSyria" في شهري أيار وحزيران للعام 2014، للبحث في هذا الموسم المميز للصياد، والتقينا الصياد "معين صبيرة" بتاريخ 15 حزيران 2014، فقال: «أنا أعمل منذ أكثر من عشرين عاماً، ومولع بصيد سمك "البوري" و"الغربية"، وبالنسبة لهذه القصة وحسب تجربتي فإن مدة العناصر هي ستون يوماً تبدأ مع بداية شهر حزيران وتنتهي في آخر شهر تموز، وما يميزها هو أنها تأتي دورية حيث يكون الجو هادئاً لثلاثة أيام، وفي ثلاثة أخرى تكون الرياح جنوبية غربية قوية».

مدة العناصر هي 45 يوماً، وهي تبدأ بتاريخ العاشر من حزيران وتتناوب بشكل دوري فتكون الرياح جنوبية غربية قوية لثلاثة أيام، وثلاثة أيام "غلينة"

وعن سبب تفاؤل الصيادين بهذا الموسم أضاف: «عندما تهب الرياح لثلاثة أيام متواصلة تتوقف الأسماك عن الأكل، ذلك بسبب هلعها من حركة المياه "الخضة"، وعندما تتوقف الرياح يدفع الجوع الأسماك للإقبال على الأكل بشراهة، وهذا سبب سهولة صيدها في هذه الفترة».

عبد الرحمن جانودي

من على فلكه الريس "عبد الرحمن جانودي" يختلف مع "صبيرة" حول التوقيت، فيقول: «مدة العناصر هي 45 يوماً، وهي تبدأ بتاريخ العاشر من حزيران وتتناوب بشكل دوري فتكون الرياح جنوبية غربية قوية لثلاثة أيام، وثلاثة أيام "غلينة"».

الريس "جمال حمادة" قال: «تبدأ العناصر مع بداية شهر أيار، وهي عبارة عن رياح جنوبية غربية مدتها 45 يوماً، تأتي متغيرة من سنة لأخرى، وفي بعض السنوات تأتي برياح قوية وأخرى برياح خفيفة، ثم تأتي بعدها "البرونزات" وهي التي يطلق عليها الثلاثية أي ثلاثة أيام برياح قوية وثلاثة أخرى برياح ضعيفة، وفيها أيضاً يكون النهار شديد الرياح والليل "غلينة" أي من دون ريح، ولكن هذا أيضاً مرتبط بعمر القمر (بدر- هلال)، والبرونزات أيضاً ذات رياح جنوبية غربية مثلها مثل العناصر تماماً».

صيادون على فلك

وعن آلية تحديد بدء توقيت "العناصر" قال: «يبدأ تحديد العناصر بعد نوة الجلاء أي 17 نيسان، ثم يتبعها فترة هدوء نسبي في الطقس يستمر حتى نهاية نيسان وبداية أيار، بعد هذا الهدوء مباشرة تتحرك العناصر. وفي هذه الأيام تغيرت طبيعة الجو، فنوّة الجلاء تحديداً ثابتة لا تخلف الموعد، أما باقي المواعيد فهي متغيرة، وعلى سبيل المثال لم تأت هذا الشتاء نوّات شديدة في الشتاء، وعلى العكس يحدث هذا في الصيف، وهذا يدفعنا إلى عدم اعتبار الروزنامة التي تحدثت عنها ثابتة وملزمة».

من المؤكد أن الروزنامة التي وضعها السوريون القدماء هي روزنامة واحدة بمواعيد ثابتة، ومواعيد الريح والمطر لم يكن يختلف عليها اثنان، لكن للحداثة أثرها، ومرجعية الصيادين تغيرت فالفلك المزودة بمحركات تعمل على الوقود لم تعد تحسب حساباً للريح كي تبحر، ولم يعد هناك حاجة لانتظار سمك "البلميدة" أو "الإمتياس" أن تقتر من الشاطئ، فالصيادون اليوم يتبعونها إلى عرض البحر والمناخ أيضاً يتغير، كما أن المناخ هو ذاته تغير، ومن يدري إلى متى سيبقى الصيادون يذكرون هذه الروزنامة، أو لربما نسوها تماماً ولم يبق منها إلا أسماء تتداول على الشاطئ لملء الوقت في ساعات الانتظار الطويلة.

اللاذقية من البحر