زهرة "الأوركيد الأناضولي" زهرة ربيعية يعرفها أبناء الريف الساحلي كثيراً ويقدرون قيمتها الجمالية، لكن معظمهم يجهلون قيمتها الغذائية والدوائية.

تنتشر زهرة "السحلب" أو "الأوركيد الأناضولي" في مناطق متفرقة من ريف الساحل السوري، ويقول رئيس جمعية طبيعة بلا حدود "حازم سليمان" إنهم سجلوا وجودها في مناطق مختلفة من جبال الساحل السوري وعلى ارتفاعات متفاوتة ولكن ضمن مساحات ضيقة نسبياً سواء في غابات الصنوبر البروتي أم الأراضي المكشوفة.

وبالنسبة للحفاظ عليها أفضل ما نقوم به هو التوعية سواء من خلال ندوات أم منشورات أم رحلات سياحة بيئية إلى مناطق تواجدها بصحبة اختصاصيين يقدمون شرحاً عن أهميتها

ويضيف "سليمان" في حديثه مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 31 آذار 2014: «من بين المناطق التي رصدنا فيها "الأوركيد الأناضولي" على سبيل المثال لا الحصر غابة "القلعة" في قرية "بسطوير" على ارتفاع 950م عن سطح البحر، وفي وادي "جيبول" على ارتفاع نحو 500م عن سطح البحر».

الأوركيد

الاسم العلمي للزهرة بحسب الاختصاصي الدكتور "زهير الشاطر" هو Orchis anatolica، ومن أسمائها "خصى الثعلب" ويعتقد أن هذا الاسم هو الأصل العربي لكلمة السحلب، كما تسمى "العنطريف" في بعض مناطق الساحل السوري و"الوليفة" في مناطق أخرى.

"الشاطر" تحدث لمدونة وطن عن هذه الزهرة قائلاً: «السحلب الأناضولي نبات معمر طوله 15-40سم ذو درنات بيضوية، الأوراق القاعدية منبسطة عليها بقع بنيّة اللون، والأزهار في سنبلة مرتخية تحمل 2-12 زهرة بلون زهري إلى أرجواني، ويزهر في آذار ونيسان. وينمو "الأوركيد الأناضولي" في شرق المتوسط (تركيا، سورية، قبرص، لبنان، فلسطين، العراق) في المواقع الحراجية المتدهورة، وعلى أطراف الغابات، وعلى أنواع مختلفة من الترب وخاصة المحجرة منها».

أوراق الأوركيد

وتابع: «ينتمي السحلب الأناضولي إلى الفصيلة السحلبية (الأوركيدية)، وهي تضم العديد من الأنواع ذات القيمة الاقتصادية الكبيرة على مستوى العالم سواء لأهميتها الغذائية والطبية أم لأزهارها الجميلة والنادرة وذات الأشكال الغريبة، وهي من الفصائل المهددة بالانقراض بشكل عام، هناك العديد من أنواع السحلب الأخرى في المنطقة الساحلية وأغلبها نادر كسحلب "كومبريانا"، والسحلب ثلاثي الأسنان».

يعدّ "الأوركيد الأناضولي" غذاءً قيماً ودواءً ذا فائدة كبيرة، وقد وضح لنا الدكتور "الشاطر" سبب ذلك قائلاً: «تحتوي الدرنات على مواد هلامية وبروتينية ونشاء وسكريات وأوكسالات إضافة إلى أملاح معدنية وزيت طيار، ويستخدم مسحوق الدرنات بعد سلقها وتجفيفها في صناعة شراب السحلب وهو ذو قيمة غذائية وطبية كبيرة حيث يفيد كمقو ومضاد للإسهال والدسنتاريا خاصةً لدى الأطفال، وفي بعض حالات التسمم، كما يستعمل لوقف النزيف الداخلي في المعدة (القرحة المعدية) والأمعاء والبواسير، والرئة (السل الرئوي) والجهاز البولي والرحم، ناهيك عن خواصه المثيرة للشهوة الجنسية».

يعاني "الأوركيد الأناضولي" من سوء الاستخدام البشري بحسب الدكتور "الشاطر" حيث يقول: «تعرض الأوركيد الأناضولي في الجبال الساحلية سابقاً لضغط بشري كبير حيث كانت تقلع درناته وتباع لأشخاص من خارج المنطقة دون أن يتم استهلاكه من قبل السكان أنفسهم، ولكن انخفاض الضغط عليه في السنوات الأخيرة أدى إلى بدء عودته بشكل واضح حيث تزين أزهاره الجميلة أطراف الغابات في هذا الوقت، ومن المفيد نشر الوعي بأهمية هذا النوع والأنواع الأخرى من الفصيلة الأوركيدية وضرورة حمايتها لما لها من أهمية بيئية وطبية».

رئيس جمعية طبيعية بلا حدود "حازم سليمان" يشير إلى أهمية نشر الوعي البيئي للحفاظ على هكذا نوع من الأزهار، ويقول: «وبالنسبة للحفاظ عليها أفضل ما نقوم به هو التوعية سواء من خلال ندوات أم منشورات أم رحلات سياحة بيئية إلى مناطق تواجدها بصحبة اختصاصيين يقدمون شرحاً عن أهميتها».

رغم الضرر البشري الذي تعرض له الأوركيد إلا أن زهرته ليست مشهورة في "سورية" كما هي في الغرب بحسب "سليمان" الذي يضيف: «لا تحظى زهور الأوركيد بالاهتمام الكبير من قبل الناس فعلاقتهم معها ضعيفة جداً على خلاف ما هو حاصل في الكثير من دول العالم الغربي حيث يهتم بها الناس كثيراً هناك ويتهافتون على جمع عينات منها وتزيين محلات الزهور بها نظراً إلى تميزها وفرادة شكلها والغنى الكبير في التشكيلات التي تعطيها تلك الزهرة».

الأوركيد الأناضولي أو خصى الثعلب ليست إلا زهرة من زهرات كثيرة ولدت من رحم الطبيعة، وأبدع أجدادنا في توظيفها لخدمتهم غذائياً ودوائياً.