طائر بري ومنزلي في آن معاً، يعيش في البراري بين وديان وغابات الساحل السوري، ويعيش في المنازل بين الأهل، يلعب مع الأطفال ويتغنى به الكبار.

العم "محمود رمضان" يربي أنثى الحجل في منزله ويسميها "ميادة"، ويقول "رمضان" في حديثه مع مدونة وطن "eSyria" في 17 شباط 2014: «أتعامل معها كما أتعامل مع أي طفل، ألاطفها أداعبها وتتفاعل معي بهدوء وود، كما أن أحفادي يلعبون معها مثل صديق لهم، قبل فترة كان لدي أنثى حجل (ماتت) ربيتها منذ صغرها وقد تحولت إلى صديق لي، تلاحقني أينما ذهبت في المنزل، وتنام بقربي وتأكل من يدي».

إذا أخذنا بيوضه من عشه ووضعناها تحت "قرق" الدجاج، فإنها تفقس وترعى مع الصيصان بشكل طبيعي وكأنها منها، أما "قرقة" الحجل فهي تجمع فراخها عبر صوتها حيث يهرعون إليها عند سماع الصوت

ويضيف "رمضان": «الحجل بالنسبة لنا في الساحل السوري طائر أليف صالح للتربية المنزلية، وكأبناء للريف نفضل كثيراً تربيته، وعلى اعتبار أن الآباء والأجداد كانوا يهتمون به فقد أخذ بعداً رمزياً خاصاً بين الأهالي».

"مريم" تلاعب "الحجل"

و"الحجل" طائر نظيف بحسب ما تقول السيدة "سهام العلي" التي تربيه في منزلها، وتضيف: «كربة منزل لا شيء يمنعني من تربيته، فهو طائر نظيف ذو رائحة زكية، كما أن صوته لطيف وحنون إلى حد ما، يحب الحركة والأنس من حوله، وإذا غبنا عنه في المنزل يصدر أصواتاً لكي يلفت نظرنا إليه، لكن لكي يتأقلم مع المنزل بشكل جيد يجب أن يربى فيه منذ الصغر».

كما أن "الحجل" ذو طعم شهي وهو هدف للصيادين الذين لطالما أمضوا يومهم في البراري وهم يبحثون عنه لاصطياده، ويقول السيد "علي الصخر" وهو في الثمانين من عمره: «في الماضي القريب كان الساحل السوري غنياً بالحجل خصوصاً مناطق الغابات الحراجية الكثيفة والقصيرة، وقرب السواقي والأنهار حيث تسمى في الريف مجموعة طيور الحجل (رف حجال)، وهو طائر محبب للصيادين حيث إنهم لطالما اصطادوه وكان وجبة طعامهم، أذكر أننا كنا نخرج لاصطياده في مناطق "معرين، الدالية، خرائب سالم، بصرمون .. إلخ"، ونأتي به للنساء اللواتي ينتظرنه بفارغ الصبر لطهوه أو شيّه مثله مثل الدجاج، وتجتمع العائلة على المائدة في يوم كنا نسميه "يوم الحجل"».

مع الحجل في المنزل

يعد "الحجل" من عائلة الدجاج بحسب ما يقول الباحث "إياد السليم"، ويضيف: «يربى مثل الدجاج في القن، وحتى داخل البيوت، يشعر من يربيه بأنه وديع جداً، غير أن الحجل لئيم جداً مع الطيور، فإذا ما ربيته مع طيور أخرى، استغفلها فنقر رؤوسها وقتلها رغم وداعته وجماله».

وأضاف "السليم": «إذا أخذنا بيوضه من عشه ووضعناها تحت "قرق" الدجاج، فإنها تفقس وترعى مع الصيصان بشكل طبيعي وكأنها منها، أما "قرقة" الحجل فهي تجمع فراخها عبر صوتها حيث يهرعون إليها عند سماع الصوت».

صيد "الحجل" ليس أمراً سهلاً بحسب "السليم" الذي يقول: «هو من أحب الطرائد للصيادين لكثرة لحمه ولذته، وقد غدا صيده صعباً جداً، وخاصة في المناطق الجبلية؛ حيث تعلم تفادي الصيادين والطيران بسرعة يساراً ويميناً بشكل منخفض قبل أن يتجه إلى مكان مخفي ويحط فيه، وهو الطائر البري الأساسي كطعام للناس تاريخياً منذ عهد الفينيقيين».

والحجل في الساحل السوري مموه الشكل نسبياً وذو ألوان غامقة، وهو موجود في ريفي "اللاذقية وطرطوس" منذ مئات السنين، ويقول "السليم": إنه كان يتكاثر بكثافة في الماضي لدرجة وصل فيها عدد طيوره إلى "30" حجلاً في كل "2" كم2 على امتداد الساحل السوري، أما الآن فلا يزيد على طائر واحد في كل "2" كم2.

البيئة المثالية للحجل في الساحل كانت ومازالت المناطق شبه الجرداء والقصيرة الحراج لكي يرى مفترسيه قبل وصولهم إليه، حتى إنه قادر على العيش بالقرب من البحار كما في اليونان لكنه لم يعش على شاطئ الساحل السوري على الأقل في العصر الحديث، والكلام هنا للباحث "السليم".

ويتابع "السليم": «في القرى الريفية لطالما تربى الحجل مع الدجاج حيث وصل عدد أفراخه إلى 15 فرخاً في بعض الأحيان، حتى إنه كان يأكل من أيدي مربيه من شدة ما هو أليف، ويتغذى من البيئة المحلية الساحلية حيث يأكل بذور الأعشاب بمختلف أنواعها، (حب الريحان، حب الآس .. إلخ)، وكذلك الفواكه"، في حين كان هو طعاماً للطيور الجارحة وخاصة "الشاهين" إضافة إلى الأفاعي البيضاء والثعالب التي كانت منتشرة بكثافة في المنطقة».

يمر طائر الحجل بمرحلة الخطر حالياً حيث إن أعداده تدنت بشكل مستمر، ويحيل الباحث "السليم" سبب التدني إلى أنه بات يأكل السماد الكيميائي ظناً منه أن هذا السماد طعام أو حبوب في حين هو مضر جداً له وقاتل أيضاً، لذلك ينصح بعدم وضع السماد إلا تحت المطر أو قبيل هطوله، وأن يحفر ويطمر السماد المركب لكي لا يأكل منه هذا الطائر ويتأذى.