بالأمل والتصميم تعالى عددٌ من جرحى الجيش العربي السوري على جراحهم وإصاباتهم، ونجحوا بإحداث تغيير جذري في نمط حياتهم وسلوكهم لتغدو الموسيقا غذاء الروح لأفراد فرقة كورال "وطن الغار".

بدايةُ المشوار

السيدة "فريال عقيلي" رئيس مجلس إدارة جمعية المقعدين وأصدقائهم تحدثت لمدوّنة وطن قائلة: «انبثقت فكرة إنشاء الفرقة من عمل جمعيتنا التي كانت بالأساس تُعنى بتخديم ومساعدة جرحى الحرب، بمشاركة مع عدد من الأطباء المختصين والنفسيين، سعينا إلى تغيير المفهوم السائد لدى الجرحى بأن قطار العمر مضى والحياة انتهت، هنا قررنا أن نغير تفكيرهم بوضعهم الصحي بالتدريج».

نظمت الفرقة خلال السنوات الأربع الماضية أربعَ حفلات في اللاذقية وواحدةً في حمص وحفلتين في دمشق، وهناك تطورٌ دائم وسعي نحو الأفضل وهذا ما دفع عدداً من الجرحى الآخرين للانضمام إلى الفرقة

وتابعت : «نظمت الفرقة خلال السنوات الأربع الماضية أربعَ حفلات في اللاذقية وواحدةً في حمص وحفلتين في دمشق، وهناك تطورٌ دائم وسعي نحو الأفضل وهذا ما دفع عدداً من الجرحى الآخرين للانضمام إلى الفرقة».

إبراهيم سليمان التزه

رغبةٌ ورهبةٌ

الجريح عبق وردة يقهر إصابته

المايسترو "أحمد حسين حمودي" تولى مهمة تدريب أفراد الفرقة في بداية تشكيلها وعنها قال: «تشكّلت فرقة الكورال عام 2017 بمشاركة 120 جريحاً من مختلف أنواع الإصابات وبعد فترة من التدريب تم اختيار 70 جريحاً ليواصلوا مشوارهم، كانت مرحلة ولادة الفرقة صعبة على الجميع وكانت أهم نقطة هي كيفية تأقلمهم وانسجامهم مع الموسيقا والغناء، جميعهم خارج من حرب بإصابات متنوعة وفكرة تعلم الموسيقا لم تكن مرغوبة لديهم بداية الأمر، وعملنا ككادر موسيقي بالتعاون مع إدارة الجمعية وأطباء مختصين على إخراجهم في البداية من حالة العزلة ونسيان الفترة السابقة، وبدأنا بتعليمهم طريقة النطق والأداء والتفاعل مع الموسيقا، وشيئاً فشيئاً بدأنا نستشعر تجاوباً ما لبث أن تطور مع شيء من الرهبة رافقهم حتى الحفلة الأولى التي قمنا بتقديمها بعد ثمانية أشهر من التدريب، وتم نقلها على الهواء مباشرة لمدة 45 دقيقة كانت كفيلة بنقل المصابين من عالم إلى آخر».

وأضاف: «كان لنجاح الحفل والانطباع الإيجابي الذي تركه لدى المتابعين والمحيط العام للفرقة، دورٌ إيجابيٌ عزز ثقة أفراد الفرقة بأنفسهم ورفع الروح المعنوية لديهم، وهو ما ترجمه الجميع بأداء متميز ولافت في الحفل الثاني للفرقة عام 2018 والذي أقيم بالتزامن مع عيد الجيش، وكان متميزاً وبدأ الجميع يشقّ طريقه نحو التميز وتقديم عروض أقرب للاحترافية».

الجريح وئام إبراهيم وتميز بالأداء

تحسّنٌ مضطردٌ

المايسترو "منار محرطم" تولى مهمة تدريب الفرقة بالمرحلة الثانية والتي تزامنت مع عامها الثالث بعد توقف الأنشطة لمدة عام بسبب فيروس كورونا، وعن تجربته مع الفرقة قال: «عملت معهم منذ سنتين وهناك تحسن مستمر خاصة في الجانب الفردي لكل منهم، ومع هذا أجد أن أمامنا الكثير لنعمله وطموحنا لن يتوقف عند المشاركة المحلية بل نسعى لبلوغ مرحلة متقدمة والمشاركة الخارجية عربياً وعالمياً وهذا ليس حلماً بل ناتج عن واقع لمسته لدى أفراد الفرقة الذين باتوا أعضاء فاعلين، كما أن الأصوات الفردية بدأت تثبت جدارتها بالفرقة، ومنها الجريحان "وئام إبراهيم" و"عبق وردة" وبالنسبة للفرقة نعمل وفق المتاح وظروف الأعضاء وتدريبنا لمرة واحدة أسبوعياً».

محطّ تقدير

الجريح "إبراهيم سليمان التزه" مصاب بشلل سفلي، انضم للفرقة منذ أربع سنوات وعن مشاركته يقول: «كنت أتلقى العلاج بالجمعية مع مجموعة من زملائي وعند معرفتي بالعمل على تشكيل فرقة قررت المشاركة، وبصراحة لم أكن أتوقع أن نصل إلى ما نحن عليه الآن، كنا جرحى نعاني من الإصابة ولاقينا صعوبة في بداية مشوارنا مع الفرقة لكن وللأمانة فإن المايسترو "أحمد حمودي" أثبت مقدرة عالية من خلال ما قدمه على مدار سنتين تعلمنا منه الكثير وبتنا فرقة ينظر الجميع لها بتقدير، وحالياً يكمل المهمة المايسترو "منار محرطم" حيث بات للفرقة خصوصية وتميز، الفرقة حولت حياتنا وأنستنا آلام الإصابة وبتنا عناصر فاعلة بالجانب الفني والموسيقي وسنكمل مشوارنا لنرتقي بموهبتنا أكثر».

يذكر انّ فرقة كورال "وطن الغار" أقامت حفلاً فنياً بعنوان "مكملين معك" يوم الأحد 22 أيار، وتتبع الفرقة لجمعية المقعدين وأصدقائهم التي تأسست عام 2006 وتضم جرحى من الجيش العربي السوري ومقعدين ومتطوعين وداعمين ومحبين، وتعمل على خدمة شريحة المقعدين إضافة إلى أنّها تقيم دورات لتعليم مهارات عدة أعمال لتكون مصدر رزق ودخل للمشتركين بها.