رأت "زينب الخيّر" النور وهي تحمل جينات أدبية ورثتها من بيت علم وثقافة، ونهلت ألف باء الأدب من فم والدها الشاعر "عز الدين" لتتكوّن شخصيتها الأدبية مبكراً.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت المهندسة الأديبة "زينب عز الدين الخيّر" بتاريخ 13 آب 2020 لتتحدث قائلةّ: «نشأت في بيت شاعر، حيث تتزاحم المزاجية والتطلع والإحساس بعلو الغاية والمحبة وفوضى المشاعر والحساسية المفرطة من كل الأشياء، كما تتزاحم الكتب والمجلات ودواوين الشعر، ويصبح الشأن الثقافي هاجساً جماعياً في الأسرة المكونة من تسعة أولاد كنت قبل الأخيرة بينهم، ورغم مضي سنوات طوال ما زلت اشعر بأنني الصغيرة».

صدّر لي "من خبايا الذاكرة"، وهي مجموعة مقالات عام 2012، ومجموعتان قصصيتان "أغداً ألقاك" عام 2012، و"أبناء السبيل" عام 2016، ورواية "الأمتار الستين" عام 2018 تحدثت فيها عن مدينة "جبلة" وأهلها

وأضافت: «كان الهم المعرفي والثقافي هاجسنا اليومي، أما المباريات الشعرية بين بعضنا البعض فكانت تسليتنا الرئيسية صيفاً في بيتنا الريفي المنعزل برفقة الشمس والقمر والهوى الغربي ونسيم الليل القادم من عمق الجبال الشرقية، وأصوات "فيروز وأم كلثوم ووديع الصافي ومحمد عبد الوهاب" تمدنا بالأمل حتى يبدأ العام الدراسي ونعود للمدينة. كل ما سبق وما تضمه مكتبة والدي من كتب ودواوين ومجلات كانت كفيلة بتحفيز أي ميل وراثي أو فطري للأدب، هكذا عشنا جميعاً في ظل حلم الإشراق كأدباء، وبقي الأدب حتى اليوم يظللنا بخيمته، وأشياء كثيرة كانت تشير إلى علاقتي بالأدب، لكن التفوق العلمي كان هاجسي الأول.

الأديبة زينب الخيّر تقرأ لمتابعيها

بدأت الكتابة أيام الجامعة، وبعد تخرجي عملت في بلدية "اللاذقية"، وقمت بتدوين ما يحصل أمامي كيوميات، ثم كقصص قصيرة، وبعد سنوات كتبت مقالاً خدمياً، ونشرته في صحيفة "الوحدة"؛ ليكون الشأن العام همي على مدار 15 عاماً، أسرتني التجربة الصحفية، وكمهندسة كتبت الزاوية والمقالة بلغة علمية سليمة مطعمة بلمسة أدبية، حيث كتبت عن المدارس والطرقات والأبنية ومخالفاتها والقوانين الناظمة لها، وعن حفر الشوارع والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والسدود، كانت تجربة رائعة انتقلت منها للزاوية الأسبوعية، وقلت كل ما أرغب في قوله، تلتها تجربة إذاعية جميلة أسبوعية في إذاعة "أمواج" ببرنامج "قرأت لكم"، وعلى مدار عامين قدمت 94 حلقة كنت أقرا كتاباً وألخصه، وأقدمه للمستمعين».

وتابعت: «بعد سنوات فتحت دفاتري القديمة، وجمَعت بعض المقالات التي تصلح قراءتها في كل زمان، وأعدت صياغة القصص، ونشرت ثلاث مجموعات. بعدها كتبت القصة القصيرة رغم صعوبتها كفن أدبي كونها ملتبسة ومخادعة ولذيذة وظالمة ومظلومة معاً، وهي لا تسمح للكاتب بالاسترسال، ومظلومة لأن قلة من القراء يلتقطون شرارة اللعبة القصصية الخلابة، وهذا دفعني إلى كتابة الرواية كونها تملك فضاءً رحباً واسعاً يسمح لي بقول ما أرغب رغم صعوبة إنجازها، لكنها لينة وأكثر طواعية من القصة القصيرة».

من توقيع مجموعتها القصصية "أغدا ألقاك"

وأضافت: «أكتب لنفسي لأعيش الحالة الصحيحة، حيث جمال الكون والعناصر وكل ما لزم له في الوجود، حين أجلس وراء طاولتي ومعي قلمي وأمامي ورقة بيضاء أخلق كوناً موازياً أنشر فيه الجمال والحب وأدين البشاعة، أوجد شخصيات وأقدر لها حظوظاً ومسارات، أرسم لها الملامح وأعيرها أصواتاً وأزينها بما أشاء من قيم وجماليات، أو أرميها بوشم النحس المبين، وأواجه بها هذا العالم المجنون، هكذا هي كتابة الرواية بالنسبة لي إنها فعل حياة، الأديب يقرأ كثيراً ولا بد للنص الأدبي أن يترك أثره، فالتأثير السلبي يستفزه ويحبطه، أما الإيجابي فيحرض مخيلته الإبداعية».

وختمت بالقول: «صدّر لي "من خبايا الذاكرة"، وهي مجموعة مقالات عام 2012، ومجموعتان قصصيتان "أغداً ألقاك" عام 2012، و"أبناء السبيل" عام 2016، ورواية "الأمتار الستين" عام 2018 تحدثت فيها عن مدينة "جبلة" وأهلها».

من إحدى مشاركاتها الأدبية

الأديب "عادل شريفي" قال: «إذا تحدثنا عن شخصية الزميلة والروائية "زينب الخيّر"، تفوح رائحة الطيّون والغار، هي ضمير القرية في جسد المدينة، قلمها السكوب كغيم الجبال، أنبت بيئة روائية خاصة بها، وهي المهندسة التي تعرف كيف تؤسس للبناء الفني، فالأسرة الكريمة والأصل الراسخ دعامتان أساسيتان للنفس، وبعد الهمة والإيمان دعامتان للروح، هكذا هي كما في أعمالها مثال للتكامل والرّقي».

المهندسة الروائية "مها حمودي" قالت عنها: «تنساب كلماتها كماء سلسبيل منبعه نقيٌّ صافٍ ليروي عطش محبي الكتاب، تربّت في كنف الشعر والأدب، فكانت الأديبة المخلصة والعاشقة، وأبدعت بنتاج فكري أحدث حراكاً ثقافياً يضاف إلى ما قدمه والدها الأديب الراحل "عز الدين الخيّر" وشقيقتها الشاعرة "مناة الخيّر"».

يذكر أن "زينب الخيّر" من مواليد 1963 مدينة "جبلة"، استشارية في الهندسة المدنية، متزوجة وأم لأربعة أولاد، وجدة لثلاثة أحفاد، رئيسة لجنة الإعلام والنشر في فرع "اللاذقية" لنقابة المهندسين، وعضو اللجنة المركزية للإعلام والنشر في نقابة المهندسين السوريين، وشاركت بعشرات المهرجانات واللقاءات الأدبية.