شجعتها بيئتها الأدبية على أن تكون من المهتمين بالأدب وكتابة الشعر العمودي، حيث الشعر يحيا بصميمها، والوطن يملأ شعرها نبضاً، وللحب باقة من قصائدها.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الشاعرة "فتاة عيد" بتاريخ 12 كانون الثاني 2018، فتحدثت: «ولدت في بيئة ثقافية من عائلة علم وأدب ونضال، والتاريخ يشهد على مسيرة أجدادي الوطنية والنضالية؛ فأنا حفيدة الشيخ "إبراهيم يوسف علي عيد" المستشار الفكري والسياسي للمجاهد الشيخ "صالح العلي" قائد الثورة السورية في الساحل، وهذه البيئة منحتني هويتي وقوتي ومنبع فكري، وحين أريد التحدّث عن بداياتي الشعريّة تعود بي الذاكرة إلى أيام الطفولة الجميلة، تدغدغ مشاعري مشاهدها وأحداثها، كانت كتاباتي مجرد خربشات ندية كضحكة طفل وليد ولا ترقى إلى مستوى القصيدة، كان أكثر ما يحرك مشاعري ويأسرها وأخطه بقلمي عن البحر ودفء أبي الذي كان يشجعني على العلم والأدب. وفي بداية مرحلتي التعليميّة تأثرت بشعر "المتنبي" وحفظت قصيدة له: "من الحِمام إلى الحِمام"؛ لقد كانت تُحدث في نفسي حسّاً طربيّاً مميّزاً، وما زلت إلى الآن بين وقت وآخر أقرأ ما أستطيع من ديوان "المتنبي"، وأُدرك في كل مرّة أنني أفهم شعره فهماً أعمق، وأكتشف لغة شعرية جديدة».

تمكنت في مجمل القصائد من أدواتها النبوية التي تشير إلى موهبة متحولة تجاه التطور الشعري الحقيقي، الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة مع عاطفة أنثوية متأثرة بالواقع، وفرضت بما فيها من صدق كتابة النص الذي سيكون صاحب مكانة أدبية، لم تترك أثراً لإشكال عروضي عندما جاءت نصوصها في بنية حذرة وعفوية

وتتابع عن تعريفها للشعر: «هو مرآة الحياة وتوأمها، ويحيا في صميمها، وعلى الشاعر أن يكون ابناً أصيلاً لها، وإلاّ كُتب لشعره الموت؛ فالشاعر رسول الحياة، فإن لم تكن هناك رسالة، فليس هناك شعر ولا شاعر؛ فالشعر عاطفة وفكر، ومتناقضات الحياة تهب الشعر روحه واستمراره وبقاءه، ولعلّ القيمة العظيمة لتلك المتناقضات لا تتكامل إلا إذا كان الشاعر شاعراً بالفطرة. أبتعد بأسلوبي عن الغموض، أحيا مع وطني وأموت معه؛ فهو يملأ شعري نبضاً، فيحلق معه كأجنحة النوارس التي تنفض عنها آثار الطين، كما للحب باقة من قصائدي يقطف التآلف من شفاه الحروف غارقاً في نشوة القصيد، يمشي على ماء الكلمات يشدو كمن يجمع الغلال والشذا من الحقول».

خلال إحدى مشاركاتها الأدبية

وعن اختيارها للشعر العمودي ومشاركاتها، تضيف: «يبقى للقصيدة العمودية إغراؤها وإشراقتها وروعة أجنحتها التي تسافر بالشاعر وتحلق به إلى فضاءات إبداعية جميلة على الرغم من قيودها الأنيقة، فاخترت الشعر العمودي لأنه الأصعب، وبطبعي أعشق التحدي، ولأنه الأرقى والأبقى، والأهم من ذلك أنه يحافظ على الهوية والأصالة والإرث العربي، كلّ كتاباتي شعرٌ ليس فيها نثر، ما عدا نثريات قليلة كتبتها في موضوعات متنوّعة، كتبت شعر التفعيلة، لكن لم أستمر به، ولي إصداران بالشعر العمودي: "ظلال حسناء"، و"إني أرى فجراً"؛ صدرا عن مؤسسة "سوريانا" للإعلام في "دمشق". احترامي للشعر وتهيبي منه يجعلني مقلة على الرغم من غزارة ما لدي من قصائد، فالشعر قامة لا نطولها بالإصدار، بل بقيمة ما نصدر. وبالنسبة للمشاركات الأدبية، الإجابات تتزاحم وتتجلى في نقاط أساسية، وأهمها هو أن الكاتب مثلما يحتاج إلى العزلة لنسج منتجه الأدبي، يحتاج إلى النشاطات الأدبية للتعرف إلى شركائه في الإبداع الكتابي، فلا يمكن أن يطوّر الكاتب حالته الإبداعية إلا بمشاركة تكشف عن قيمة المنجز الذي يقدمه، وحال المنجزات التي تتزاحم في الساحة الأدبية معه، فلو بقي غير منفتح على التجارب والأسماء الجديدة التي تقدمها الحركة الثقافية، لبات في حلقة مفرغة ويعيد إنتاج نفسه إلى أن ينضب؛ لهذا أسعى حسب ظروفي المتاحة إلى المشاركة بها، وأؤمن بأن المجتمع بكل ما فيه هو المنبع الذي لا ينضب أبداً لكل نشاطات الشاعر، بل هو أيضاً المكون الأول لفضاءات التخيل الشعري؛ لهذا أظن أن رسالة الشاعر هي السمو به من ناحية شاملة تجعله فعلاً كائناً متميزاً وراقياً لمجتمعه ووطنه بقيمه وخلقه وإنسانيته كلها، وآمل أن أكون قد استطعت تجسيد ذلك في كتاباتي».

وعن رأيها بالمنتديات الأدبية الإلكترونية ودورها بنشر مشاركات الموهوبين، تقول: «أعدّ هذه المنتديات الأدبية أحد أهم الوسائل الإعلامية المتاحة للكاتب لإيصال منتجه الأدبي، وهي تختزل "الشللية"، التي اتسمت بها وسائل الإعلام المرئي والمسموع في مجتمعاتنا العربية؛ فتلك الوسائل تستقطب فقط الكاتب أو الكاتبة المشهورين لزعمها أنه وحده مالك الموهبة والكلمة والأدب وفكر المشاهد، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن وسائل الاتصال تلعب دوراً مهماً في تكوين الوعي المعرفي والتعرف إلى الثقافات الشاملة، وفرصة التأثير الإيجابي أو السلبي متكافئة من وجهة نظري وفقاً للمحتوى المقدم، وأرى أنّ العلاقة بين المطبوع الورقي والإلكتروني علاقة تكامل لا تنافس؛ فأحدهما يكمّل الآخر؛ ولكل واحد منهما ميزاته وإيجابياته وسلبياته، والمشكلة لم تعد تتوقف عند المفاضلة بين كتاب ورقي وآخر إلكتروني، بل في القراءة نفسها أمام هذا التراجع المرعب والمخيف عنها».

من إصداراتها

ومن بعض ما كتبت:

"يـــا حــبــيـبـاً طــابَ فـــيـهِ الـــغَـزلُ

كــيــفَ قَــلـبـي فـي الـنَّــوى يَـحـتـملُ

يشــــهدُ النـَّجـــمُ على سـُــهدي وقـــدْ

عــــــاثَ في روحـــي حــنـيـنٌ هطـلُ"

قال عنها الدكتور "عاطف الأكرت" أستاذ البلاغة والنقد بجامعة "الأزهر": «تجيد "فتاة عيد" النظم والتأليف بين المفردات اللغوية لإنتاج معاني تمور بها النفس المؤرقة، وينفعل بها العقل الجاهد في البحث عن السلام والأمن والطمأنينة، وبراعة الشاعرة في انصهار تلك المفردات التي تبدو للوهلة الأولى أنها سهلة قريبة من الاستعمال اليومي؛ وهو ما يوحي بسهولة التجربة في عملها الشعري، ولا يلبث القارئ أن يلامس الدلالات الكامنة خلفها، ويستخرج الجهد المبذول في ضمها وتركيبها».

وأضاف الشاعر "محمد خالد الخضر": «تمكنت في مجمل القصائد من أدواتها النبوية التي تشير إلى موهبة متحولة تجاه التطور الشعري الحقيقي، الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة مع عاطفة أنثوية متأثرة بالواقع، وفرضت بما فيها من صدق كتابة النص الذي سيكون صاحب مكانة أدبية، لم تترك أثراً لإشكال عروضي عندما جاءت نصوصها في بنية حذرة وعفوية».

يذكر أن الشاعرة "فتاة عيد" من مواليد "اللاذقية"، 25 تشرين الثاني 1971، تحمل إجازة باللغة العربية من جامعة "تشرين"، وإجازة في التربية من جامعة "دمشق".