تأثرت الشاعرة "مرام المصري" باكراً بالثقافة الغربية، وبموسيقى البيتلز وقرأت الكثير وكتبت قصيدة الحب منذ سنوات صباها الأولى وشاركت الشاعرين "محمد سيده" و"منذر مصري" بإصدار ديوان" أنذرتك بحمامة بيضاء" في بداية الثمانينات قبل سفرها إلى فرنسا للاستقرار والعيش.

موقع eLatakia التقاها أثناء زيارتها لمدينة "اللاذقية"وكان الحوار التالي:

  • ماذا يعني أن تكوني شاعرة من وجهة نظرك؟
  • احدى امسيات الشاعرة في اللاذقية ـ قصيدة نثر

    ** من الصعب حقاً أن تقول ماذا يعني أن تكون شاعراً، يبدو واضحاً وسهلاً ولكنه ليس كذلك، أن تكون شاعراً يعني أن تملك شيئاً لتقوله وأن تكون جزء من حركة العالم، بالنسبة لي تعني على الأقل أن تمتلك رغبة كبيرة بأن تكون محبوباً وهي في نفس الوقت طريقة لحب الآخرين، فالشاعر شخص يعتقد أن لديه دوراً في تقدم العالم، أو إعطاء طريقة أخرى في التفكير والشعور والإحساس، بالطبع إنه ليس دور الشعر فقط ولكن كل الفنون لديها نفس الغاية أن تكون شاعراً تحتاج إلى درجة عالية من الإحساس كي يلتقط أصغر الإشارات في الحياة وكان له عيناً ثالثة لمراقبة العالم وحركته، والشاعر من مسؤوليته أن يعطي الآخرين أنقى متعة والتي هي السعادة والمعرفة.

    ولا أقبل تصنيف شاعر وشاعرة، ولا أعتقد أن هناك فرق أو اختلاف بينهما، ومع ذلك فقد تكون الخبرة مختلفة، كما أنه من الممكن أن يختلف الشعر بين شاعرين، فالكتابة متعلقة بحالتنا الإنسانية.

    *كيف تستطيعي أن تجعلي اللغة عاكسة لم تجيش به نفسك؟

    ** من دون اللغة لا توجد طريقة لكتابة الشعر، إنها الأداة الأكثر أهمية، ومستوى نجاح القصائد يأتي عبر اللغة لأن كل الشعراء لديهم إحساس جيد وبالأحرى كل الناس لديها إحساس جيد وكل الشعراء يملكون حساسة عالية.

    لكتابة قصيدة نحتاج لهذه المقومات، اللغة وحدها ليست كافية لكتابة الشعر الجيد لذلك فإنه حقق أمر معقد، أن نشرح ما هي أهم أداة لكتابة الشعر، أحياناً ممكن أن تكون معجزة لأنه أحيانا اللغة تكون جيدة وطريقة التفكير والإحساس جيدة لكنها لا تنفع(تعمل).

    *كونك شاعرة عربية تعيش لفترات طويلة في أوربا؟ هل أحسست بمشكلة أن تكوني عربية في تيار الثقافة الأوربية؟

    ** بالبداية لم أكن اعتقد أن هناك مشكلة في أن تكون عربياً في ثقافة أوروبية، ولكني الآن أدركت أن تركيبتي الشرقية لم تجعل العيش ببلد أوروبي بهذه السهولة، أنا اعترف أنني أملك بعض الأفكار الشرقية المتأخرة كوني فوضوية، طريقتي بالتفكير ليست مباشرة، وليست واضحة، حتى لو كان شعري واضح، عندما كنت محمية وأعيش في حلقة مغلقة، لم أكن اشعر باصطدام الحضارة أنا أشعر بها الآن، في حياتي اليومية.

  • تترجمين من الشعر الايطالي؟ كيف ترين الشعر الايطالي المعاصر، وما هي علاقتك بالمترجمين الذين يترجمون شعرك؟
  • **أعرف بعض الشعراء الايطاليين وأقوم بترجمة نصوصهم الشعرية إلى اللغة العربية، لكنني أشعر بأنني غير قادرة أن أعطي حكماً عن الحالة الشعرية في هذه البلدان ولدي علاقة جيدة جداً مع من يترجم شعري، لأنهم يحملون كلماتي بعيداً ويكونون مرآة قصائدي وأصدق تعبير ترجمة قصيدة "جسد الشمس" التي أقول فيها:

    أنا حارة كدمع رجل فقد مملكته

    كدم الولادة

    حارة أنا

    كالشهوة الأولى

    أرقص وأغني...

    *هل ترين أن لبعض الشعوب علاقات وطيدة مع الشعر أكثر من غيرها؟

    ** نعم أعتقد ذلك، أعتقد أنه هناك عادات مختلفة للشعر وهناك شعوب لديها علاقة عتيقة بالشعر، إنها تعتمد أيضاً على حالتهم الاجتماعية والسياسية، الشعر هو صرخة عدم رضا عندما يكون لدينا سبب للدفاع، أذكر عندما كنت في الدانمارك، قال لي شاعر عظيم: ((فقدنا نار شعرنا لأننا نملك كل شيء)).

    *هل تستطيعين أن تخبرينا شيئاً عن: 1 ـ 2 ـ 3 ؟

    **كتبت (3) عندما كنت شابة وكانت أول همسة شعرية لي، حتى لم أكن أعلم إن كانت شعراً لأنها لم تكن كالشعر التقليدي، لم يكن لدي أي غاية شعرية، كانت فقط لأكتب ما أحس به، أعتقد أن الشعر هو ثمار أشجارنا كل واحد لديه ثماره الخاصة، الكتابة مرتبطة بيولوجياً بشخصيتنا وكينونتنا، إنها كلعابنا وملمس الشعر بشرتنا وعندها يأتي تأثير الآخرين، يستطيع الأخر تحسسها ولكن لا يستطيع تغييرها. أما(2) فقد كتب بعد أكثر من سنة ونصف من الصمت وغياب فعلي للحياة الثقافية كأنني كنت (بكلمات أخرى) في عالم آخر، عالم الأم والزوجة في بلد آخر، بلغة أخرى وطريقة حياة أخرى، لذا رؤيتي للحياة والحب تغيرت لكن طريقة الكتابة لم تتغير كثيراً، أظن أن هذا التمزق مع ما يجري أعطى شعري الأصالة، لأنه ليس هناك من مؤثر آخر عليه، أما (1) فقد جاءت بعد ثلاث سنوات من (2) لذا كانت طريقة لتعميق اكتشافي لنفس التجربة الحياتية، ومنذ إن كتبت (2) كان لدي مشروع ومسؤولية لم يكونا لدي قبل ذلك، فكتبت ثلاث مجموعات أخرى (عودة ولادة، القدم الحافية، الأجساد والإشارات)).

    *هل ترين أن الشعر المترجم ينقصه شيء في الغالب؟

    ** لغته الأصلية.

  • ماذا ترمز الألوان التي تتحدثين عنها دائماً الموجودة في شعرك مثل الأحمر والأبيض، والتي نراها في عناوينك أيضاً؟
  • ** الشعر هو رؤيا للحياة والحياة ملونة، الأحمر هو لوني المفضل، والذي يعني لي الرغبة والألم، أما الأبيض فهو النقاء والشفافية، أعتقد أنني لو لم أكن شاعرة لكنت رسامة.

    |*تم التعريف بطبيعتك الشعرية بأنها "شاعرة السذاجة" كيف ترين هذا الموضوع؟

    **لا أحب ذلك، لكن أنا أعتقد أنها كتبت كمديح لذلك تقبلتها، إنها مشكلة التفسير لكلماتي، عندما أقول أنني ألعب الذكاء في كلماتي بالرغم من أنه يجب أن نكون أذكياء في كتاباتنا ولكن ليس هدفي أن أظهر ذكائي، وأمنيتي الوحيدة هي أن أعرض رؤيتي الخاصة للعالم وجوانب أخرى مظلمة للحياة.

    الجدير بالذكر أن الشاعرة من مواليد اللاذقية 1962 وهي خريجة الأدب الإنكليزي من جامعة دمشق ولها عدداً من الدواوين الشعرية من أهمها " كرزة حمراء على بلاط أبيض"عام 1997 ثم عام 2000 ديوان " أنظر إليك" وأخيرا ديوان "العودة" وهو مترجم أيضاً إلى اللغة الاسبانية.