تعبر في قصتها وبشكل دقيق عما يجول في نفس الإنسان من هواجس وأفكار حول واقع المجتمع، تتقن صنع شخصيات قصصها مُدخلة إياك في عالمها القصصي بكثير من الحرفية وتأسرك ضمن أروقة السطور وتسير معها وأنت شغوف لتعرف نهاية القصة التي تقرؤها، إنها القاصة "سارة حبيب" والتي التقاها "eLatakia" وتحدث معها عن البنية القصصية التي تعتمدها في كتاباتها:

أما عن مفهوم الحداثة الذي سرى مؤخراً في الشعر وانتقل إلى القصة فتقول حول هذا الموضوع: «أعتقد أن الحداثة قد طالت القصة والرواية أيضاً، في القصة اليوم نجد الأسلوب الشعري والصور البلاغية أكثر من السابق والتغيرات التي طالت البنية والحبكة هي أيضاً من أثر الحداثة، وهذا كله يرجع بشكل أو بآخر لتغير روح العصر الذي غير أنماط كل الفنون وقوالبها إلى حد ما».

لمست عند "سارة" شغفاً في الحدث فهي تقبض عليه وتسير بمحاذاته طويلاً دون أن تفلت أي شيء فهي تمتلك الموهبة والتقنية

مواضيع القصة التي تختارها "سارة" هل هي اقتباس من واقع الحياة المعيش؟ أم هي من شطحات الخيال؟ تحدثنا قائلة: «عادة قصصي مستقاة من الواقع المعيش سواء أكانت قصصاً عن شيءٍ عشته أم مرّ بجانبي فنحن في زمنٍ لم نعد نتقبل فيه قصصاً عن المخلوقات الفضائية والعوالم الافتراضية ولابد أن نكتب عن واقعنا لكي نصبغ أعمالنا بالصدق الذي يقربها من قلوب الناس أكثر».

القاصة سارة حبيب

وحول رؤيتها للموازنة بين الرواية والقصة القصيرة تقول: «لست متأكدة تماماً من معنى "موازنة" لكنني أظن أن الرواية هي مجموعة قصص قصيرة تتقاطع خيوطها عند قصة محورية تكون أساس حبكة الرواية، وهكذا فإن مدى تشعب الموضوع الذي نتحدث عنه هو ما يحدد فيما إذا كان يصلح لرواية أو أن قصة قصيرة تكفي للإحاطة به».

اهتم الكثيرون من القصاصين بالفلاشات القصيرة أو ما بات يعرف بـ "ق.ق.ج" أي القصة القصيرة جداً، بينما هي تجنح بقصصها نحو عالم القصة الطويلة، فماذا تقول "حبيب" إزاء ذلك: «لا أعرف بالضبط لماذا قصصي طويلة نسبياً فهذا شيء لا أخطط له ولكنه ينتج تلقائيّاً من توارد أفكاري دفعة واحدة، وفي بعض الأحيان أجد نفسي بعد انتهاء القصة أضيف إليها مقطعاً أو عبارة خطرت لي لسبب ما وهذا يؤدي إلى طول القصة أما رأيي بمن يكتبون القصة المختصرة فلا أراهم مستسهلين ولا مجددين فالأمر برأيي اختلاف بالأساليب فقط ولكل أسلوب جماله وقراؤه».

وحول مفهوم القصة القصيرة جداً تقول: «هي ومضة سريعة لحالة حياتية مختصرة لا تحتمل الإطالة وهي برأيي أكبر معبر عن روح العصر الذي يتسم بالسرعة والاختصار لدرجة أننا قد لا نجد وقتاً للقراءة ولهذا نترك "أولاد حارتنا" في المكتبة ونقرأ ما يسمح لنا وقتنا به من القصص القصيرة جداً».

وتقول حول محاولتها اجتراح أسلوب خاص بها بعيداً عن الأساليب المعروفة في صياغة النص القصصي فتقول: «لم يتأثر ما أكتبه بالقص العالمي، ليس فقط لأنني أحاول قدر الإمكان أن أصنع طريقاً وأسلوباً خاصاً بي بل كذلك لأنني لا أؤمن أننا قادرون على قولبة نصوصنا بأساليب محددة فما نكتبه يبتكر أسلوبه الخاصة تبعاً لعواطفنا ومزاجات أقلامنا ثم يفرض علينا ما نلبسه من ألوان».

وحول تأثير أدب شبابنا بأدب الشباب الغربي واختلاف الرؤيا المطروحة ضمن القص تقول:

«من المؤكد أن أدب الشباب العربي قد تأثر بتطورات أدب الغرب من حيث الميل الملاحظ إلى الإيجاز والذهاب مباشرة باتجاه الهدف بالإضافة إلى اللغة التي تعتمد الدقة والدلالة المباشرة أكثر من اللجوء للبدائع والمحسنات اللغوية، أما التباعد فيبدو في المواضيع المطروحة واختلاف الأفكار بسبب البعد بين العادات العربية والغربية واختلاف الظروف على كل الصعد، فالعرب ما يزالون يبكون أراضيهم أو حرياتهم المسلوبة داخل أو خارج أوطانهم وهذه مواضيع لا يتطرق لها الكتاب الغربيون عموماً والشباب منهم على وجه الخصوص».

وقد تحدث الشاعر "ألفرد نصير" حول ما تكتب الأديبة سارة: «لمست عند "سارة" شغفاً في الحدث فهي تقبض عليه وتسير بمحاذاته طويلاً دون أن تفلت أي شيء فهي تمتلك الموهبة والتقنية».

أما الروائية "ابتسام سامي شاكيش" فتقول: «لسارة لغة شفافة بعيدة كل البعد عن الترهل الذي تعيشه القصة السورية وهي من القليلات اللواتي حققن المعادلة الصعبة في كتابة القصة ويبدو أنها متأثرة بالأدب الغربي وهذا ميزها قليلاً عن أبناء جيلها الباحثين في أروقة القصة العربية».

ويقول السيد "علي السعيد" صاحب مكتبة الحقيقة: «أتابع النشاطات الثقافية بغزارة وقد لفتتني الأديبة الشابة "سارة" بقوة الجملة التي تعبر من خلالها وبوضوح عما يجول في ذهنها من أفكار فهي غير تقليدية وممتعة بآن واحد».

أما "شادي صديق خليل" وهو مهتم بالشأن الأدبي ويدرس اللغة الانكليزية: «إن الكاتبة "سارة" تتكلم عن معاناتنا كجيل الشباب في قصصها، وهذا ما دفعني لمتابعة نشاطاتها المميزة، خاصةً أنها خريجة أدب انكليزي وأعتقد أن اللغة الجزلة التي تكتب بها ستؤثر مستقبلاً في مسيرتها الأدبية وتطلقها واحدة من أهم الأديبات عربياً».

والجدير بالذكر أن الأديبة الشابة "سارة حبيب" خريجة كلية الآداب قسم اللغة الانكليزية في جامعة تشرين وهي طالبة في الماجستير وتحضر لإصدار مجموعتها الأولى وحاصلة على المركز الأول في مسابقة "الاتحاد الوطني لطلبة سورية" والمركز الثاني في مسابقة اتحاد الكتاب العرب في مجال القصة القصيرة.