بمفردات الضيعة العتيقة والذاكرة المخبأة في كروم الأمس الجميل وألوان الطيف الريفي القديم ينقلنا الشاعر "غسان عبيد" عبر قصائده إلى عبق الماضي وتراثه وهو الذي يكتب الشعر الموزون المقفى والشعر الزجلي الغنائي والشعبي..

الشاعر من مواليد "اللاذقية" يسكن في قرية "سنجوان" حيث صدر له ديواني شعر باللغة المحكية الأول بعنوان: (كروم وعناقيد) والثاني بعنوان: (ليلة شتي) وله ديوان جديد قيد الطباعة بعنوان: (غناء الأقحوان)

الشاعر يكتب بالعموم للناس ولا قيمة لما يكتبه إذا لم يصل للمتلقي بالطريقة الصحيحة فحين تؤثر به ويستعذب شعرك من حيث الحكاية أو القصة التي يتضمنها النص والموسيقا الشعرية وإيقاعها فهذا يجعل نصك يحلق ويتردد كصدى وأنا يهمني كثيراً أن أضع المتلقي في صور واقعه وأعايشه همه وأداعب أحلامه وذاكرته

eLatakia التقت الشاعر في 15/7/2008 وقد حدثنا عن شعره وتمسكه بالقصيدة المحكية قائلاً: «معاصرتي للبيئة الريفية وسكانها منحاني الكثير من الصور المختزنة في الذاكرة عن حياة هؤلاء البسطاء من مظاهر الحياة اليومية كالذهاب إلى العمل في الحقول والبساتين في الصباح الباكر واجتماعاتهم المسائية في ساحة الدار، أو أمام البيت وسهرات الصيف الجميلة وتلك العلاقات البسيطة المبنية على الحب واللحمة الجماعية كلها اجتمعت كحديقة أزهار أقطف منها أجمل الصور التي نفتقد الكثير منها في زماننا، وأعتقد أن الشعر المحكي له تاريخه الطويل وكثيرون هم الذين كتبوا باللغة المحكية كـ "أحمد رامي" و"أحمد فؤاد نجم" و"طلال حيدر" و"الرحابنة" كما إن تراثنا الشفوي مليء بالأدب المحكي الذي يستحق أن يخلد ويعاش ويسمع.

وعن تأثره بالبيئة التي يعيشها فيها قال: «ولدت في بيئة ساحلية أثرت بي واستهواني جمالها كثيراً لذلك أشعر وكأنني مولود من تراب هذه الأرض ومن كرومها فأخذت منها الحب والطيبة وبالمقابل كانت المادة الأساسية التي لا تزال في مخزون ذاكرتي ولم أستطع إلا أن آخذ منها ولم أعطها بقدر ما أخذت منها فكانت قصائدي محاكاة لهذا الواقع مستوحى من نظمه الدقيقة والجميلة فكتبت مشاعري بصور حقيقية وصادقة فيها الكثير من الحب والعطاء وخالية من أخطاء وعيوب هذا الزمن حيث الذهاب بحرية تامة إلى النقاء بشمسه وهوائه وأرضه».

وحول علاقته بالمتلقي قال: «الشاعر يكتب بالعموم للناس ولا قيمة لما يكتبه إذا لم يصل للمتلقي بالطريقة الصحيحة فحين تؤثر به ويستعذب شعرك من حيث الحكاية أو القصة التي يتضمنها النص والموسيقا الشعرية وإيقاعها فهذا يجعل نصك يحلق ويتردد كصدى وأنا يهمني كثيراً أن أضع المتلقي في صور واقعه وأعايشه همه وأداعب أحلامه وذاكرته».

وعن المرأة في شعره قال: «المرأة والطبيعة بالنسبة لي توأمان فالمرأة هي البراءة والوداعة والحب كالأرض تماماً قابلة للعطاء بلا حدود وحين يكتب الشاعر يبدأ بالحب الذي يرتبط بصورة أو بأخرى بالمرأة المعشوقة الأبدية فهي ملهمة الشعراء وهي الأرض في خصوبتها وعطائها والوطن في احتوائه وانتماءاته إنها القصيدة التي ننظمها على مختلف الإيقاعات والموازين الشعرية».

وحول الشعر الغنائي أو الأغنية قال: «الكثير من الشعر الذي يقال لا يعجبني والسبب هو تردي الأغنية لأن تردي الشعر من تردي الأغنية والعلاقة عكسية لذلك يجب أن تحمل الأغنية موضوعاً ومعنى، بالإضافة إلى الموسيقا أي أن يكون لها إيقاع يرفع من اللحن إلى مستوى جميل وجيد، أما الذي يحدث فهو أن هناك كتابات جميلة ولكن البحث عن الدارج يؤدي إلى خلق هذه الفوضى وبرأيي أن الشعر الزجلي الغنائي هو موروث ساحلي شعبي ومهم جداً أن نحافظ عليه وأن نتداول قصائده الجميلة».

وعن جديده في الشعر قال: «هناك ديوان جديد موجه إلى الأطفال وهو باللغة الفصحى وبعض القصائد المحكية البسيطة والمليئة بالتراث وعذوبته أحاول فيها أن أتوجه لهذا الطفل وأتكلم بلسانه عن تلوث الطبيعة وما يصيبها من أذى من خلال الإنسان وسوء معاملته لها.