استطاعت الشابة "فرح نعنوع" التغلب على ظروفها الصحية ببتر قدمها وخسارة والدتها بحادث سير، لتحوّل الألم إلى أمل، وتخلق لمسةً خاصةً بها في عالم المكياج.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت "فرح نعنوع" بتاريخ 1 تموز 2020 فتحدثت عن آثار الحادث المفجع بالقول: «تعرضت لحادث سير أليم؛ فقدت إثره قدمي وتكسرت أضلاعي الصدرية إضافة لخلع في الحوض، لكن وجعي الأكبر كان فقدان والدتي التي توفيت بسبب الحادث.

هذا التغيير أضاف لي الكثير من السعادة والأمل لحياتي، وهي تجربة رائعة غيّرت الكثير في داخلي، بصمة "فرح" ستبقى واضحة لما قدمته لي من احتياجات، فالعطاء دون مقابل هو أسمى درجات الإنسانية، إضافة لحرفيتها الواضحة في المكياج من بساطة ورقي

بدأت رحلة العلاج بعد تقبل الصدمة بتركيب قدم صناعية، لكن الوجع العصبي أو ما يسمى "طرف الشبح" لم يفارقني أبداً، وعجز عنه الطب، حينها قررت التغلب على وجعي نفسياً ومتابعة الحياة بشكل طبيعي متناسية ألمي، وبدأت فعلاً بمشروع خاص بالمكياج صدفة عندما قررت تطبيقه لصديقاتي، وكانت الأصداء مشجعة جداً لأنه حلم الطفولة ومن هنا دخلت هذا العالم، وتعلمت بمفردي كل ما يخص فن المكياج سواء بالتطبيق العملي أو متابعة "اليوتيوب"، فعملت فترة زمنية بشكل مجاني، ويومياً كنت أقوم باستقبال خمس إلى ست فتيات لحين تمكّني من العمل بشكل جيد، فتوسعت ضمن هذا المجال، وبدأت بشكل جدي، ووجهت لي دعوة خاصة من مكتب السيدة الأولى "أسماء الأسد" لحضور دورة تدريبية لدى الكوافير "ميلاد حنون"، وكانت خطوة دعم إيجابية كبيرة أثرت في داخلي وحفزتني على النجاح أكثر».

شهادة حضور الكورس الخاص

وتابعت عن عملها: «بدأت العمل عام 2018 بعد رحلة علاج ما زالت مستمرة إلى اليوم، فبدأت باستقبال السيدات في منزلي، وأصبح العمل مأجوراً ومهنة حقيقية أعطيتها من قلبي لدرجة أنني في أيام المناسبات قمت بتزيين أكثر من أربعين فتاةً، وبالطبع هنا لجأت لبعض الفتيات لمساعدتي بشكل استثنائي، وما تعدا ذلك كله عملي الخاص.

يأتيني زبائن على امتداد الساحل من "طرطوس" إلى "اللاذقية"؛ وحتى "دمشق"، وقدمت لي عروض كثيرة، لكنني فضلت العمل وحدي لحين تجهيز الصالون الخاص بي.

أثناء مقابلتها على قناة لنا

اكتسبت الكثير من الخبرة بعد العمل والتجربة، وكونت نظرة خاصة للوجوه وأنواع البشرة وما يليق بكل فتاة ويناسبها لإبراز جمالها بالشكل المثالي، وهذا لا يبرر تعرضي لمواقف رفض (الميك آب)، ولكن بعد المناسبة تعود الفتاة لتقول أنه كان جميلاً جداً بشهادة من الناس، حينها أكون حصلت على ثقتها المطلقة، فالإنسان معرض لكل أنواع الخيبات للوصول إلى هدفه».

أما عن مشروع التغيير الذي أطلقته فقالت: «الفكرة بدأت من خلال مسابقة وضعتها على "الإنستغرام" لعمل تغيير لفتاة ما، فوصلت لأكثر من ثلاثين ألف متابع من بينهم أشخاص قدموا عروض دعم للفتيات، ومن هنا أطلقت برنامج "التغيير" بتمويل شخصي، والفكرة تقوم على دعم وتشجيع كل فتاة لاستعادة ثقتها بنفسها وشكلها لأن التغيير لا يعتمد فقط على الشكل الخارجي، فالحالة النفسية للأنثى هي الأهم، فانضم للمشروع فريق عمل متكامل من أطباء ومصورين.

فرح نعنوع

البرنامج بدأ من "اللاذقية"، ويشمل كل الساحل، هدفه إنساني، وكون التمويل فردي لم أستطع استقبال سوى فتاة واحدة في الموسم الذي يمتد لأربعة أشهر، من خلال هذا البرنامج يتم العمل على إصلاح أي خلل في شكلها يسبب لها الإحراج سواء في الأنف أو الأسنان بمبادرة من طبيب التجميل "عدنان مكية"، وطبيب الأسنان "أسامة مكية"، والشكل الخارجي يبقى مهمتي».

"ديما دالاتي" مهندسة اتصالات ومديرة العلاقات العامة لمشروع "التغيير" قالت عن "فرح": «تقديم المساعدة للناس هو شيء جميل، وكوننا فتيات على دراية تامة بمتطلبات واحتياجات كل فتاة، وهذا المشروع هدفه إنساني يشمل جميع النساء وبالأعمار كافة، وسعيدة لكوني جزءاً منه، وبالنسبة لي "فرح" هي ملهمة ومثال للطموح بتجاوزها كل عقبة، ومتابعتها تحقيق أحلامها وحصد نجاحاتها».

"غريس حبيب" إحدى المشتركات ببرنامج "فرح" قالت: «هذا التغيير أضاف لي الكثير من السعادة والأمل لحياتي، وهي تجربة رائعة غيّرت الكثير في داخلي، بصمة "فرح" ستبقى واضحة لما قدمته لي من احتياجات، فالعطاء دون مقابل هو أسمى درجات الإنسانية، إضافة لحرفيتها الواضحة في المكياج من بساطة ورقي».

يذكر أنّ "فرح نعنوع" من مواليد "جبلة" عام 1990، مهندسة حاسوب وتحكم.