استطاعت الطالبة الجامعية "شهد حمّال" أن تنتقل من حياة سهلة خالية من المسؤوليات إلى حد ما في منزلها بمدينة "الحسكة"، وتتأقلم مع حياة ومدينة جديدة، وتقدم الرعاية للآخرين من خلال عملها التطوعي وقيادتها لفريق "سيّار" الذي يهتم بأطفال الشوارع في مدينة "اللاذقية".

مدوّنة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 تموز 2018، "شهد حمّال" قائدة ومنسقة فريق "سيّار" في "اللاذقية"، فتحدثت عن حياتها ودراستها قائلة: «درست في مدارس "الحسكة"، وقررت بعد إنهاء المرحلة الإعدادية دراسة المعلوماتية، وبعد نجاحي في الثانوية العامة للمعلوماتية عام 2011 بترتيب ثالث في محافظة "الحسكة"، حيث كانت المنطقة تعاني بسبب الأزمة، وحينئذٍ لم أتمكن من دراسة هندسة المعلوماتية لأسباب عدة، فسجلت في المعهد العالي للحاسوب في "اللاذقية"، ثم سجلت في كلية تكنولوجيا المعلومات في الجامعة الافتراضية».

شغفها وإيمانها بعملها من ركائز نجاحها، شخصيتها قيادية وصادقة وقادرة أن تقنع أي شخص لدعم قضيتها مع أطفال الشوارع، فقد رأيت حبّ الاهتمام بعينيها بهذه الفئة من الأطفال، كما استطاعت "شهد" بفعالية "أبناء الشمس" وفريقها كسب ثقة أولئك الأطفال، خاصة أنهم يحتاجون إلى طريقة مختلفة في التعامل لكونهم في حالة تنقل دائمة

وتضيف: «خرجت من مدينتي وحضن عائلتي مع بداية الأزمة، وكانت الظروف صعبة، وأقمت في مدينة لم أكن أعرفها، ثم انقطع الاتصال بأهلي في "الحسكة" التي ما زالت العودة إليها حلماً بالنسبة لي، فقد كان التأقلم صعباً بالبداية في مدينة "اللاذقية" المفتوحة التي تضم ناس من المحافظات كافة، إضافة إلى طلاب الجامعة والبيئات والعادات الكثيرة المختلفة، ثم تأقلمت بعد ذلك وكوّنت صداقات بعد سنة ونصف السنة، وأصبحت لي حياة فيها».

أطفال سيار

وعن التطوّع وعملها في المجال الإنساني، تقول: «أحب الأشياء الصعبة والسعي للحصول عليها، فقد عملت بعد مجيئي إلى "اللاذقية" في أماكن عدة، وخاصة بعد أن تركت دراستي في المعهد العالي للحاسوب، وعن طريق المصادفة تطوعت في فرع منظمة "الهلال الأحمر" عام 2016، وكنت أفتقد الخبرة في التعامل مع الأطفال في مراكز الإيواء والمدينة الرياضية، لكن بعد احتكاكي ووجودي بين الأطفال تغيّر تعاملي وأسلوبي، واكتسبت الخبرات والمهارات التي تؤهلني لأكون فاعلة في هذا المجال، وبعد عام تطوعت في نادي الرسم المجاني للأطفال كمشرفة على أنشطة الأطفال».

حققت إنجازات واضحة مع فريق "سيّار" في "اللاذقية" خلال عام واحد من العمل، وهنا تقول: «فريق "سيّار" الذي بدأ في "دمشق" ويُعنى بأطفال الشوارع كان محطة كبيرة وعلامة فارقة في حياتي، حيث كنت أمرّ بجانب الأطفال؛ لم أكن أنتبه إليهم، ثم أصبحوا خلال مدة قصيرة من أكثر اهتماماتي، تسلّمت منسقة فريق "سيّار" في "اللاذقية"، وأسست الفريق الذي يضمّ 23 متطوعاً من الطلاب والخريجين الجامعيين باختصاصات مختلفة تخدم الفريق لإنجاح مهمتنا في العمل مع هذه الفئة من الأطفال المهمشين من نواح عدّة، والعمل على التشبيك مع جهات ومنظمات لدعم مشروعنا مع أطفال الشوارع، أصدقائي آمنوا بي ووثقوا بأنني قادرة على المضي والنجاح في هذا العمل الذي أقوم به بشغف».

علي يوسف

وعن مهامها ضمن الفريق تتحدث "شهد" قائلة: «منسقة الفريق ومسؤولة المتطوعين والتوعية، وأضطر أحياناً إلى أخذ أكثر من مهمة ليستمر العمل، نحن فريق متماسك ومتعاون؛ نتبادل الأفكار ونتفق على فكرة تخدم الفريق وتسلط الضوء على الأطفال، ونعود بالقرارات إلى مركزنا في "دمشق" دائماً، ونتشاور لإنجاح العمل وتقديم أشياء مختلفة، فكل خطوة أو مبادرة نقوم بها من أجل أطفال الشوارع مدروسة ومنظمة بدقة، ونحاول من خلالها ترميم بعض ما فات طفولتهم.

لكوني قائدة الفريق أقوم بتوزيع المهام وأضع الخطط والتشبيك مع الجهات العامة، إضافة إلى حرصي على أن نكون فريقاً وروحاً واحدة ومسؤولة عن موارد الفريق ومتابعة شؤون المتطوعين ومسؤولة التوعية؛ أحاول ضمن وسائل معينة إيصال الأفكار إلى الأطفال مستخدمة أربع أدوات حسب دليل "سيار" المعتمد في "دمشق"؛ (الحكواتي، والمهرّج، والدمى الكبيرة، والصغيرة)، وأقدم جهدي وتعبي بفرح على الرغم من كل الظروف».

هبة محفوض

مدير مركز "إدراك" للتعليم التفاعلي "علي يوسف"، يقول عنها: «شغفها وإيمانها بعملها من ركائز نجاحها، شخصيتها قيادية وصادقة وقادرة أن تقنع أي شخص لدعم قضيتها مع أطفال الشوارع، فقد رأيت حبّ الاهتمام بعينيها بهذه الفئة من الأطفال، كما استطاعت "شهد" بفعالية "أبناء الشمس" وفريقها كسب ثقة أولئك الأطفال، خاصة أنهم يحتاجون إلى طريقة مختلفة في التعامل لكونهم في حالة تنقل دائمة».

أما "هبة محفوض" أمين سرّ في فريق "سيّار" ومسؤولة العلاج بالفن، فتقول عن "شهد": «أعمل معها بفريق "سيّار"، وربطتني معها صداقة قصيرة قبل العمل، وهي شخصية قيادية بامتياز، وتعرف كيفية التعامل مع أعضاء الفريق جميعهم، ولديها ذكاء في حلّ المشكلات، وتحملت مسؤوليات كثيرة خلال العام الفائت، وكنا قادرين على رمي الأعباء عليها، وكوّنت صداقة مع كل الفريق، حيث تستمع إلى الجميع بكل التفاصيل الخاصة والعامة، وهي معطاءة وطموحة، وتعرف نهاية كل طريق تمشيه، وتصل إلى هدفها بحبّ».

الجدير بالذكر، أن "شهد حمّال" من مواليد مدينة "الحسكة"، عام 1994.