لم تكتفِ الفرق التطوعية الشبابية في المدن السورية بالعمل التطوعي الإغاثي في ظل الأزمة الراهنة، بل حاولت تغيير أنماط التعامل مع معمارية المدن عبر تقديم أفكار جمالية ساهمت بخلق إضافات مميزة، مثل فريق "قطرات ملونة".

تم تأسيس الفريق من قبل مجموعة طلاب مختلفي الاختصاصات في "جامعة تشرين" عام 2011، الفكرة الأساسية كانت كما يقول الشاب "لؤي سليمة" عضو فريق قطرات ملونة - اللجنة الإعلامية؛ في حديث لمدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 9 أيار 2016: «هي في رؤية المدينة كما لم نرها قبل، مستفيدين من تجارب عالمية ساهم فيها شباب الجامعات لتغيير الصورة النمطية للعمل الأهلي من جهة التركيز على نواحٍ جمالية في المدن، ويمكن تنفيذها بتكلفة قليلة يتكفل الفريق بها، لكنها تحمل إضافة بصرية مهمة ومختلفة عن السائد».

اعتمدنا في البدء عدة تصاميم، لكن بما يتوافق مع الواقع اخترنا التصميم الحالي المعتمد على توزيع الألوان بشكل متناسق ومريح، إضافة إلى الشكل الهندسي في المنتصف، ثم انتقلنا إلى التنفيذ العملي على أرض الواقع

بدأ التنفيذ العملي لهذه الأفكار عبر طلاء درج في منطقة "القلعة" إلى جانب "المركز الثقافي الجديد" بألوان مختلفة، أنتجت درجاً ملوناً تناقلت صورته عدة مواقع عالمية مسجلاً حضوره كأحد أطول الأدراج الملونة التي نفذها المجتمع الأهلي السوري على الرغم من الأزمة، يقول "لؤي": «تم التنفيذ بالتعاون مع مجلس المدينة بوقت قياسي استغرق يومين من الصباح إلى المساء، الفريق بكامله شارك في توقيع بصمته على الدرج الذي كان درجاً إسمنتياً ببلاط رمادي يكسو أغلب شوارع المدينة، وبهمة الشباب في الفريق تحول إلى نقطة استقطاب للتصوير والزيارة لدى الكثيرين، وبات من العلامات الفارقة في المدينة، مع العلم أنه بحاجة إلى متابعة دورية من قبل الجهة التابع إليها وهي مجلس المدينة».

الشاب لؤي سليمة

تم التحضير للأمر لمدة شهر كامل، حيث قام الفريق في أولى خطوات العمل بأخذ القياسات، وعدد الدرجات، والتصميم الفني، وماذا "سنختار"؟ تضيف الآنسة "نور الزمان حيدر" من الفريق؛ التي تكمل دراستها في "روسيا" قائلةً: «اعتمدنا في البدء عدة تصاميم، لكن بما يتوافق مع الواقع اخترنا التصميم الحالي المعتمد على توزيع الألوان بشكل متناسق ومريح، إضافة إلى الشكل الهندسي في المنتصف، ثم انتقلنا إلى التنفيذ العملي على أرض الواقع».

من المشاريع الأخرى التي قدمها الفريق مشروع "شجرة الأماني"، وقد نفذ على دوار "هارون"، تقول الآنسة "مايا شما" وهي ممن عمل أيضاً بمشروع الدرج الملون: «توجه العمل هنا بطريقة مختلفة، الشجرة الموجودة على الدوار تحولت إلى شجرة أمنيات للطلاب ولمن يرغب بكتابة أمنياته ويعلقها هنا، الفكرة بسيطة وتقدم فكرة مختلفة عما اعتدناه من إخفاء للأماني وجعلها متاحة للعموم، ما نقصده كان تحقيق مشاركة الأماني الشخصية مع العامة، بعض الطلاب تمنّوا انتهاء الامتحانات، وبعضهم اختاروا السفر، آخرون اختاروا عودة محبيهم، كانت تجربة مختلفة قدمناها على مدار عامين بتكلفة بسيطة، وبحضور كبير من الشباب والصغار وبعض الأهالي، ونأمل إعادتها مرة ومرات».

نور الزمان حيدر

تعتمد سياسة الفريق اختيار عناصر جمالية يمكنها ملامسة العقول والقلوب في آن واحد، تقول "نور الزمان": «إن عمل الفريق مستمر على الرغم من الظروف التي يمر بها البلد؛ التي تجعل من الصعب أحياناً كثيرة تأمين المواد، طرح الفكرة يكون جماعياً، ويتم التصويت عليها للاتفاق على صيغة لتنفيذها، ثم تبدأ رحلة البحث عن مساعدين لتحويلها إلى عمل واقعي، نحن ابتعدنا عن الأطر التقليدية للعمل التطوعي المرتبط دوماً بالعمل الإغاثي والإنساني، لكل عمل قيمته، لكن الفريق يعمل بأسلوب مختلف يتوجه فيه إلى النواحي الجمالية التي تساعد في التخفيف من الكآبة البصرية، وتجعلنا نرى مواطن جمالية جديدة لم نعتدها، وتحويل هذه الرؤية إلى نهج عام في ظل ضغط نفسي ومجتمعي يركز على السلبي أكثر من الإيجابي».

يستعد الفريق للقيام بنشاطات مختلفة، لكن ما يحدّ من كمية الأعمال هو الحاجة الدائمة إلى تأمين مصادر مساعدة للأعمال، سواء ارتبط ذلك بالجهات المحلية أم بالقدرة على جمع المتطوعين في أوقات محددة، لكن الحصيلة حتى اليوم مشجعة وتدفع إلى مزيد من الإصرار على تقديم مساحات جمالية مختلفة لمدينة "اللاذقية".

مايا شما