منطلقة من قضائها وقتاً طويلاً على الشبكة العنكبوتية تجول في صفحاتها، تفتق ذهنها بفكرة أثمرت طريقة جديدة في التعريف بالطاقم التدريسي في كليتها أولاً، ثم في باقي كليات الهندسة بجامعة تشرين.

بدأت فكرة "جوانا نديم الملا" (طالبة هندسة اتصالات) من الملل وحب إبراز تعب وجهد أشخاص وهيئات تنسى جهودها في زحام العمل اليومي الذي يمتص كثيراً من الضوء عن أولئك المبدعين؛ في غياب إعلام يهتم بتقديم هذه الوجوه للعموم ما خلا قليل منها مثل المدونة، ما قامت به "جوانا" هو إنشاء صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي حملت عنوان: "أحداث وشخصيات همكية"، و"الهمك" هو المصطلح القصير المتداول لكلية الهندسة الكهربائية والميكانيكية.

أن التجربة يمكنها أن تكون مؤشراً إحصائياً مهماً عن حضور المدرسين في العملية التدريسية، كذلك تفاعل الطلاب مع الأسماء المقترحة التي يجب اختيارها بأسلوب موضوعي بعيداً عن الذاتية

تقول "جوانا الملا" في حديث مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 16 أيلول 2015: إنها بدأت التجربة على استحياء قبل عامين تقريباً حين كانت في السنة الأولى، وتضيف: «بدأت الصفحة نشر تعريفات قصيرة للمدرسين والمعيدين، وبعضها لطلاب عرفوا على مستوى الكلية بمنجزاتهم العلمية والجوائز التي نالوها في المسابقات، أو حتى في التميز بعلاقتهم مع الطلاب من ناحية الخدمة أو بذل الجهد لهم من دون مقابل، تضم كل منها نبذة قصيرة جداً عن حياة وعمل وإنجاز كل منهم، الاختيارات كلها كانت بناء على تجربتي الشخصية وعلاقتي بهم، أي إن الأمر لم يكن في البداية مدروساً بعناية، بل حتى المعلومات التي نشرتها أخذتها من صفحات المدرسين والمعيدين، ما حصلت عليه كان إقبالاً كبيراً من قبل الطلاب الذين شجعوني على تقديم المزيد عبر تقديم اقتراحات لأشخاص لا أعرفهم ولهم حضور مهم في عالم الكلية».

صفحة أحداث وشخصيات "همكية"

قامت "جوانا" بحذف المنشورات القديمة واستبدالها بمنشورات أوسع عن هذه الشخصيات المميزة، معايير الاختيار تغيرت قليلاً لتركز على أسماء لها حضورها ومنجزها العلمي موثقاً بسيرة ذاتية وعلمية مشغولة بطريقة محببة من دون الدخول في جفاف المادة العلمية، الأمر الذي خلق لها جمهوراً جاوز قسمها إلى أقسام الكلية الأخرى.

نالت "الملا" اتهامات متعددة على عملها هذا، أحدها أنها تفعل هذا لإرضاء المدرسين وتحقيق غايات غير نبيلة، كذلك استغرب بعضهم أن يكون وراء هذا الجهد (أنثى همكية) كما تعرف بنفسها على الصفحة، كل هذا لم يمنع من متابعة التجربة وتحديثها والاستمرار في توسيع المواد لتشمل شخصيات أخرى رشحها الطلاب والمعيدون والأساتذة، تقول "جوانا": «كثيرون ممن قدمت لهم في الصفحة لا يعرفون من وراء الصفحة، وأنا لم أكتب على الصفحة اسمي ولا كليتي أو أي معلومات شخصية تعرف بمن وراء هذا الجهد، فحتى الاسم الذي اخترته للصفحة (أحداث وشخصيات همكية) لا يشير إليّ بأي رابط أو صفة».

د.علاء الدين حسام الدين

هناك كثيرون من الأساتذة والطلاب رفضوا بلباقة الكتابة عنهم مع أنهم من المميزين في الكلية، شدة التواضع هذه تدفع "جوانا" اليوم إلى توسيع الصفحة لتشمل جامعة "تشرين" كلها، تقول: «أبحث عن طريقة لتحويل اسم الصفحة لتشمل كل كليات جامعة تشرين، إن نجحت سوف أستمرّ بها، وإن لم تنجح فإنني سوف أنشئ صفحة باسم: "مميزون من جامعة تشرين"؛ للإضاءة على كل هذه القامات التي تقدم من دون أن ينتبه إلى جهدها أحد».

الانعكاسات الجيدة التي تركتها الصفحة لدى أغلب الطلاب والأساتذة تجلت في المتابعة الحثيثة لما ينشر، وتصحيح الأخطاء التي تحدث نتيجة قدم السير الذاتية أحياناً وعدم تحديثها من المصادر الجامعية نفسها، عدا أن بعضهم وجدوا في هذه الطريقة الجديدة فرصة لتقديم صورة مختلفة للطواقم بعيداً عن الصيغ الرسمية التي يتزين بها عادة الطاقم التدريسي عبر خلق مزيد من التفاعل معهم بأسلوب إنساني وعملي.

صورة للصفحة

يقرأ الدكتور المهندس "فائق عراج" المدرس في كلية "الهمك" في التجربة إعجابه بطريقة تفكير الجيل الجديد، ويرى «أن التجربة يمكنها أن تكون مؤشراً إحصائياً مهماً عن حضور المدرسين في العملية التدريسية، كذلك تفاعل الطلاب مع الأسماء المقترحة التي يجب اختيارها بأسلوب موضوعي بعيداً عن الذاتية».

أما الدكتور المهندس "حسام الدين علاء الدين" المدرّس أيضاً في الكلية، فيرى أن في التجربة: «إبداعاً لكونها تسلط الضوء على الكثير من القضايا المجهولة التي يجب إظهارها سواء ما يتعلق بإبداعات طلابنا في الكلية أو بإنصاف الأساتذة الذين يتفانون في تقديم المعرفة في الظروف الصعبة التي يمرّ بها الوطن، التجربة رائدة وتستحق الاحترام وتحتاج إلى الدعم والمتابعة لتسليط الضوء أكثر على كلية "الهمك" بأسلوب موضوعي وصحيح».

على الصفحة اليوم تدور المناقشات والتعليقات والتقييمات أيضاً للشخصيات المطروحة، كما قدمت الصفحة مؤخراً تعريفات بشخصيات في الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية.