تمثل سينما الشباب في "سورية" المعبر الأهم لصناعة سينمائية تحقق هوية البلد، فهي نوع سينمائي بحاجة إلى الدعم والرعاية كي تتحقق على أرض الواقع بخصوصيتها الفنية والبصرية.

تفاوتت مستويات الأفلام التي شهدها مؤخراً مهرجان "خطوات" السينمائي في "اللاذقية" في دورته الثالثة، فبعضها يرقى إلى مشهدية سينمائية واعدة بصناعة قادمة، في حين لم تتحقق هذه المعادلة في بعضها الآخر، هذه الصورة رآها بعضهم أمراً طبيعياً في ظل وجود ما يقارب الثلاثين فيلماً، ثلثاها إنتاج هذا العام ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، رغم الظروف القاسية التي تمر بها مختلف القطاعات الإبداعية وغيرها في الحياة السورية، إلا أن إرادة الحياة نفسها في الإبداع والإنتاج والاستمرارية فرضت حضورها وإيمانها الحقيقي.

لا تتحمل أفلام الهواة الكثير من النقد الفني لما لها من خصوصية في جهة الصناعة الفنية والتقنية والفكرية، وغايتها الأهم كانت وستبقى إنعاش المشاركات والتجارب في البلد عموماً، ومن هنا تتفاوت المستويات الفنية لأفلام الهواة، وعلى العموم تحافظ في أغلبها على الحد الأدنى الفني في المشاهدة والقبول الجماهيري

المخرج الشاب "مجد سهيل خليل" وفي حديث مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 شباط 2015، رأى أن استمرار سينما الشباب في ظل الظروف الحالية وحده أمر كافٍ لكي نرفع لها القبعة، على ألا يكون لذلك في الوقت نفسه تأثير في الجودة، ولا على المادة الفيلمية المختارة للعرض للجمهور، ويقول: «مثّل مهرجان "خطوات" خطوة مهمة للعرض، ولكن قبل ذلك يجب العمل على تأسيس ثقافة دعم لهذه السينما الشابة التي تحتاج إلى حضانة ورعاية، من خلال تحقيق منافسة عادلة بين الأفلام المشاركة في المسابقات، سواء التي تنال دعماً حكومياً أو خاصاً، أو الأفلام التي ينتجها الهواة، فمثلاً لا يمكن مقارنة فيلمي الذي كلف إنتاجياً 875 ليرة سورية هي ثمن أكواب قهوة، مقابل تكلفة أفلام أنتجتها المؤسسة العامة للسينما وتشارك في المسابقات الرسمية للمهرجانات».

المخرج مجد خليل

على أن تكلفة الإنتاج ليست معياراً كافياً للمقارنة بين الأفلام، فهناك عناصر أخرى كثيرة تلعب دورها في التأسيس لصناعة شبابية سينمائية يمكنها في الأيام القادمة أن تشكل فرقاً حقيقياً في التعامل مع لغة الصورة، المصور الضوئي والفنان "أنس إسماعيل" الذي يقوم بإخراج فيلم قصير يقول معلقاً على فكرة تأسيس صناعة سينمائية: «الفكرة ليست بهذه البساطة، يجب التأسيس لمفاهيم السينما تأسيساً صحيحاً، فليس كل من حمل كاميرا ودار بها، ومنتج ما صوّر أصبح مخرجاً، هناك حاجة لأكاديمية في إنتاج الأفلام القصيرة الشبابية، الأمر الذي يفضي مع تكرار التجربة والعناية بها ومراقبتها بعناية وقساوة واهتمام، إلى زرع هذه البذور بطريقة صحيحة، وبالنسبة لمهرجان "خطوات" يجب أيضاً إيجاد آليات أكثر حرفية تتخلى عن مفهوم الهواة التقليدي لتكون أكثر جدية في التعامل مع الأفلام المقدمة بغاية خدمة الصورة السينمائية للمهرجان، إضافة إلى كونها تعلم المقبلين على هذه الصناعة أن هناك أسساً مهمة يجب إتقانها قبل الدخول في معمعة التصوير والإنتاج والعرض».

من جهته مدير مهرجان "خطوات" الفنان "مجد يونس أحمد" تحدث عن فكرة التأسيس لمفهوم الصناعة السينمائية ليس في "اللاذقية" وحسب، بل في كل "سورية"، ويقول: «لا تتحمل أفلام الهواة الكثير من النقد الفني لما لها من خصوصية في جهة الصناعة الفنية والتقنية والفكرية، وغايتها الأهم كانت وستبقى إنعاش المشاركات والتجارب في البلد عموماً، ومن هنا تتفاوت المستويات الفنية لأفلام الهواة، وعلى العموم تحافظ في أغلبها على الحد الأدنى الفني في المشاهدة والقبول الجماهيري».

المخرج مجد أحمد

وعبر التأسيس لورشات عمل متكاملة يمكن التأسيس لصناعة سينمائية يمكنها -كما يقول المخرج "أحمد"- استضافة نقاد سينمائيين يقومون بشرح وتقييم للأفلام المقدمة في نهاية كل عرض، الأمر الذي يخلق تفاعلاً طيباً ليس بين الصناع الشباب فقط بل مع الجمهور الذي يبدو دوماً متحمساً لقول رأيه في هذه التجارب، وهو أساساً لا يقتصر أثناء عرض الأفلام، فيقابل بعضها بالاستحسان في حين يخرج من بعضها الآخر منزعجاً، يقول الشاب "عمار خير بيك" (ممثل هوايته التقليد): إن تفاعل الجمهور مع السينما خاصة الشبابية يبقى مرهوناً بالجودة التي تقدمها الأفلام نفسها.

دعم سينما الشباب مشروع حقيقي تبنته العديد من الدول ومنها "سورية" متمثلة في "المؤسسة العامة للسينما" التي شاركت في دعم عدة مهرجانات ومنح قدمتها للراغبين في العمل السينمائي، على أن هذا الدعم يبقى ضمن جدل ثقافي قديم هو جدل العاصمة الثقافية والأطراف.

شعار مهرجان خطوات