للمسرح الجامعي في "اللاذقية" حضوره في عالم المسرح السوري وخارجه، ورغم غياب أدوات المسرح المتخصص عنه، إلا أنه قدم عروضه على خشبات مسارح عالمية كثيرة...

أُسست جامعة "تشرين" عام 1975، وأُسس مسرحها الجامعي بعد ست سنوات، حين بدأت تتشكل نواة فرقة مسرحية على يد مجموعة من الشباب الطموح، وبينهم من ترك علامات مضيئة في تاريخ الإبداع السوري لاحقاً، على هذه الخشبة البسيطة وقف كل من: "محمد حرفوش"، "رجب سعيد"، "فادي سفلو"، "أيمن زيدان"، و"حنا يوسف"، والراحل "نضال سيجري" الذي كان له فضل كبير على هذا المسرح باعتراف كثر من مخرجيه وممثليه، وعلى هذه الخشبة انطلقت أول العروض المسرحية على مدرج جامعة "تشرين" في كلية العلوم، ثم تتالت العروض التي قدمتها فرقة "المسرح الجامعي" في السنوات التالية ليصل عددها إلى عشرات العروض المسرحية.

نحن هنا نتعامل مع شريحة محددة لها مواصفات معروفة، فهو جيل متمرد لا يعجبه أي شيء، ومن هنا علينا أن نكون حذرين، وأن نقترب من هذه العوالم بما يخدم القضية التي نريد طرحها، هناك نصوص يكتبها شباب جامعيون تتفوق على غيرها، بحكم حرفية كاتبها وتماسه مع هواجس هذه الشريحة

للمسرح الجامعي بشكل عام، وفي جامعة "تشرين" بشكل خاص، خصوصيته النابعة من ممثليه ومن جمهوره في آن واحد، فهذا الفضاء الشبابي لديه موارد كثيفة، يشير المخرج والممثل المسرحي ومدير المسرح الجامعي في جامعة "تشرين" "هاشم غزال" في حديث لمدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 13 شباط 2014، إلى أن حال المسرح الجامعي يبدو أحياناً كثيرة أفضل من حال المسرح السوري والعربي على وجه العموم، ويضيف: «نعمل في المسرح الجامعي بروح الفريق، وما حققناه في سنوات عملنا الطويلة، كان بفضل جهود الممثلين الشباب ودعم الهيئات الجامعية المختلفة، التي لم توفر فرصة لدعمنا، خاصة خلال أيام المسرح الجامعي الأخيرة، وحصدنا جوائز عالمية كثيرة، وقدمنا نصوصاً متنوعة لم تنحصر فقط في إطار الجامعة ومشكلات طلابها الحياتية، بل قدمنا مسرحاً اجتماعياً وسياسياً وفكرياً متنوعاً».

المخرج والممثل هاشم غزال

ولم يشكل غياب أدوات المسرح المتخصص أيضاً أزمة جوهرية للمسرح الجامعي، فالمكان على العموم متوافر في مدرجات الجامعة الكثيرة، التي يمكن توظيفها لمصلحة العرض المسرحي، ويمكن استخدام (سينوغرافيا) بأشكال مختلفة لخدمة العرض المسرحي، ويفسر الممثل والمخرج المسرحي الجامعي "قيس زريقة " كيف يتعامل المسرح الجامعي مع أدوات المسرح المتخصص بتجهيزاته وإضاءته وديكوراته، ويقول: «إن العروض المسرحية التي تقدم على خشبة المسرح الجامعي، هي من النوع الذي يحتاج كغيره من أنواع المسرح إلى تلك الأدوات، ولكن تختلف عنها في المسرح العادي باعتمادها على البيئة الجامعية نفسها في تقديم تفسير النص بصرياً ومكانياً، ويرتكز في تقديم النص المسرحي على عدد من الممثلين الهواة الذين يتأقلمون مع السينوغرافيا التي يحتاجها العرض عبر قنوات عديدة، حتى دون الحاجة أحياناً إلى لباس يتوافق مع الشخصية التي يقدمونها على المسرح، ولو أن هذه الحالة قليلة، إلا أن الأغلب التمسك بالشكل المسرحي المطلوب كأي مسرح آخر».

يتم اختيار نصوص المسرحة الجامعية كأي مسرح آخر، ولكنه يختلف باقترابه من الحياة الجامعية ومشكلاتها، ويشير المؤلف المسرحي "زياد العامر" الذي قدم عدة أعمال للمسرح الجامعي، إلى أن النص على الخشبة في الجامعة يختلف عنه في المسرح العمومي، ويقول: «نحن هنا نتعامل مع شريحة محددة لها مواصفات معروفة، فهو جيل متمرد لا يعجبه أي شيء، ومن هنا علينا أن نكون حذرين، وأن نقترب من هذه العوالم بما يخدم القضية التي نريد طرحها، هناك نصوص يكتبها شباب جامعيون تتفوق على غيرها، بحكم حرفية كاتبها وتماسه مع هواجس هذه الشريحة».

من أحد العروض ويبدو الراحل نضال سيجري

ومع أن المسرح الجامعي له قاعدته الشعبية الحاضرة في أروقة الجامعات، إلا أنه يبقى أسيراً لهذه الأروقة، ويكاد لا يغادرها إلا إلى مهرجانات المسرح الجامعي في المحافظات أو في الجامعات الأخرى، وقلما ينتقل إلى مسارح العالم الخارجي إن جاز التعبير، وتعيد ممثلة المسرح الجامعي الآنسة "هبة ديب" الأسباب إلى عدم وجود "عالم جامعي" خارج الجامعة، وتضيف: «للأسف المسرح الجامعي هو مسرح خاص بالجامعة، وأجمل الأعمال تقدم في نطاق المجتمع الشبابي الجامعي دون أن تخرج خارج جدران الجامعات، مع أن هناك أفكاراً طازجة ونقية تستحق المشاهدة خارج هذا المجتمع، ولكن أيضاً داخل الجامعات لا يرى العروض إلا قلة من الطلاب أو في بعض المشاركات مع مسارح الجامعات الأخرى، أو في افتتاح مهرجان ما، ربما لو توافر من يرعى تلك الأعمال من الناحية المادية والمعنوية، لأصبح ممكناً نقل العروض خارج الجامعة».

قدم المسرح الجامعي في جامعة "تشرين" العديد من الأعمال المتميزة، ونال كثيراً من الجوائز المحلية والدولية المرموقة، منها جوائز لأفضل عمل مسرحي، وجائزة أفضل مخرج، وأفضل ممثلة في مهرجانات المسرح الجامعي السوري، كذلك أفضل سينوغرافيا في مهرجان الجامعات العربية، وجائزة أفضل عمل متكامل في مهرجان "المنستير" عن عمل "رياح الحريق"، ومهرجان "فيلادلفيا" في "الأردن" عن عمله "حنين"، وعُرض في مختلف بقاع العالم منها الصين والهند والإمارات.

هبة ديب في مشهد مشرحي