كرّس الدكتور "جمال حيدر" عمله ودراسته في مجال الآثار وترميمها وتوثيقها والتنقيب عنها، والعمل على الأرشفة الأثرية، واستطاع من خلاله أن يكون سفيراً لآثار بلده وتاريخه من خلال أبحاثه ودراساته والمعارض والمحاضرات التي أقامها.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 17 شباط 2020 المؤرخ والباحث الدكتور "جمال حيدر"، ليتحدث عن نشأته ودراسته قائلاً: «ولدت في ريف "إدلب" بحكم عمل والدي في سلك الشرطة، فدرست المرحلة الابتدائية في "أريحا"، ثم انتقلت إلى "اللاذقية" وتابعت مراحل دراستي في مدارس "بسنادا".

كنت مدرساً في عام 1988 ثم انتقلت من وزارة التربية إلى وزارة الثقافة عام 1993 عاملاً في أعمال التوثيق والمسح الأثري في دائرة آثار "اللاذقية"، أنهيت الماجستير في الجامعة اللبنانية بدرجة جيد جداً، وكان الموضوع عن الحياة الدينية في "أوغاريت"، وحصلت على درجة الدكتوراه عام 2010 في جامعة "دمشق" عن تاريخ الشرق القديم أيضاً، لكن هذه المرة عن المعابد السورية الدينية من الألف العاشرة قبل الميلاد وحتى عصر البرونز

طفولتي في القرية أغنت تجربتي، حيث علاقتي المباشرة مع موجودات الطبيعة ملأى بالتجارب التي شكلت خبرات مبكرة، كما كان لدي ميول للقراءة وخاصة كتب الأدب والتاريخ، وبعد نجاحي في الثانوية العامة انتسبت إلى كلية الآداب قسم التاريخ في جامعة "دمشق"، وبعد تخرجي تابعت دبلوم تربية وعلم نفس، ثم دراسات عليا في تاريخ الشرق القديم عام 1986».

مجموعة من مؤلفاته

يتابع القول: «كنت مدرساً في عام 1988 ثم انتقلت من وزارة التربية إلى وزارة الثقافة عام 1993 عاملاً في أعمال التوثيق والمسح الأثري في دائرة آثار "اللاذقية"، أنهيت الماجستير في الجامعة اللبنانية بدرجة جيد جداً، وكان الموضوع عن الحياة الدينية في "أوغاريت"، وحصلت على درجة الدكتوراه عام 2010 في جامعة "دمشق" عن تاريخ الشرق القديم أيضاً، لكن هذه المرة عن المعابد السورية الدينية من الألف العاشرة قبل الميلاد وحتى عصر البرونز».

استطاع من خلال عمله في هذا المجال أن يكون سفيراً وأميناً لآثار "سورية"، وهنا يقول: «ساهمت بالكثير من المعارض الأثرية في العالم، ومثلت بلدي خير تمثيل، وشاركت خلال كل سنوات عملي في معارض خارجية وآخرها في "طوكيو".

غسان القيم

عملت بما أوتيت من قوة وعلم وخبرة وسعي لإيصال الصورة الواضحة والمشرقة عن حضارتها، ونشرت العديد من الأبحاث والمقالات بالدوريات العربية والأجنبية في الآثار والتاريخ، وقمت بإيصال الرسالة للعالم كله من خلال ما تحقق من اكتشافات وأبحاث، وقدمت مع فريق عمل دائرة آثار "اللاذقية" عدة أبحاث، كمركز بحث علمي وليس كمديرية لأنّ دائرة الآثار تضمّ النخب العلمية والمختصين بالدراسات الأثرية».

وعن مسيرته العملية الغنية بالأعمال والبعثات الأثرية قال: «عملت مديراً لآثار "اللاذقية" بين عامي 1996 و2014، وكنت عضواً في المكتب التنفيذي لمجلس مدينة "اللاذقية" بين عامي 1995 و2000، وعملت مديراً عن الجانب السوري في العديد من البعثات الأثرية السورية الأجنبية المشتركة منها: السورية اليابانية العاملة في سهل "الروج" في "إدلب"، والسورية الفرنسية المشتركة العاملة في موقع "أوغاريت"، والسورية البلجيكية المشتركة العاملة في موقع "تل تويني" الأثري في "جبلة".

وشاركت في العديد من المؤتمرات والمعارض الأثرية في "كندا"، "اليابان"، "فرنسا"، "بلجيكا"، "اليونان"، "هنغاريا"، "ألمانيا"، "النمسا"، "إيطاليا"، وكان آخرها في معهد حماية التراث العالمي في "طوكيو" عام 2011، وخلال عملي قمنا بتوثيق أعمال قديمة في "جبلة"، وسجلنا مدينة "جبلة" القديمة على قائمة التراث السوري، وتمت إعادة تأهيل مسرحها الأثري، وألّفت مجموعة من الكتب والمؤلفات أهمها "اللاذقية وأهم المعالم الأثرية"، "أوغاريت"، "قلعة صلاح الدين"، "المعابد والمدافن في أوغاريت"، و"المعابد السورية خلال عصور البرونز"».

الباحث "غسان القيم" مدير آثار "أوغاريت" قال عنه: «المؤرخ عالم الآثار السوري الدكتور "جمال حيدر"، هو صديق العمر ورفيق رحلة المسافات الطويلة لأكثر من ثلاثين عاماً، وهو صاحب الرسالة النبيلة.

عشق عمله بكل تفانٍ وإخلاص، أدى رسالته بطريقة تسمو حدّ التقديس بكل حيوية ونشاط بعد أربعين عاماً من العطاء قضاها في خدمة بلده الحبيب الأغلى على قلبه، وساهم في كتابة تاريخ بلده عامة و"اللاذقية" خاصة، نشر المئات من الأبحاث والدراسات الأثرية في الكثير من الصحف السورية والعربية والعالمية.

وكانت له جولة وصولة في الكثير من المعارض الأثرية العالمية التي أقيمت في الكثير من المدن والعواصم العالمية، وكان خير سفير لبلده، ترأس الكثير من البعثات الوطنية السورية والأجنبية في مواقع أثرية عديدة، وله عدة إصدارات، وقد ترجمت هذه الكتب إلى لغات عدة، كما كرّم مؤخراً برعاية وزارة الثقافة السورية على مسيرته المشرفة التي قضاها في عمله.

ساهم في تطوير متحف "اللاذقية" ورفده بقطع أثرية جديدة من مكتشفات مواقعنا الأثرية التي تكثر في المحافظة إضافة إلى الأعمال الكثيرة التي قام بها لتطوير بقية المواقع الأثرية منها "رأس الشمرة"، وقلعة "صلاح الدين" ورفدها بالكوادر والخبرات، وذلك عندما كان مديراً لآثار "اللاذقية"، إضافة إلى مهامه كمدير لآثار "جبلة" وما قدمه من إمكانيات لهذه الدائرة والعمل على تطويرها بالمجالات كافة كالقيام بأعمال ترميمية وتنقيبية شملت مسرح "جبلة" الشهير.

رحلة عطاء لم تتوقف فقد قدم من خلال عمله إفادة كبيرة لي من خبرة ومعلومات كانت بمثابة الخطوات التي انطلقت منها».

يذكر أنّ د. "جمال حيدر" من مواليد "حارم" في ريف "إدلب" عام 1956، ويقيم في "بسنادا" التابعة لمحافظة "اللاذقية".