لتكون قادراً على فهم وتغيير الآخر يجب أن تبدأ بفهم وتغيير نفسك أولاً؛ وهذا ما وجدته "منار عبود" في العمل التنموي الذي ساعدها على ترك الأثر في نفوس الكثيرين، فكانت المنارة للعديد من الشباب واليافعين، ومن تعاملت معهم لترشدهم سبل نشر العطاء والمحبة لغيرهم.

في لقاء مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 4 نيسان 2019، تحدثت "منار عبود" عن الدافع لدخول العمل التنموي والبدايات في العمل، فقالت: «راودتني منذ الطفولة العديد من الأسئلة الوجودية عن الإنسان والحياة، ولماذا نحن على قيد الحياة؟ وكانت هذه الأسئلة دافعي للبحث عن فعل أو عمل يترك بصمة، فبدأت تصميم ألعاب أتشاركها مع رفاقي، وعروض أزياء أقدمها أمام الأهل والأقارب. وفي الصف الخامس قررت تنفيذ كرنفال في المدرسة؛ الأمر الذي أثار استغراب المعلمين؛ لذا عملت مع مجموعة من الطلاب على التخطيط والتنظيم، وكان عبارة عن عروض مسرحية وإلقاء شعر وغناء، إضافة إلى حفلة تنكرية ارتديت فيها مع أصدقائي زيّ الهنود الحمر، واستخدمنا بقايا الريش الذي تركته الطيور المهاجرة التي تمرّ فوق قريتنا آنذاك. واظبت على حضور المعسكرات والمخيمات والملتقيات التي كانت تقيمها منظمة "شبيبة الثورة"، وتم تسلمي مهمات في عمر مبكر، كقائد مخيم أو مدرب؛ فساعدني ذلك على تطوير مهاراتي وصقل شخصيتي في العديد من المجالات، كالفلك، والإعلام، والمعلوماتية، وإعداد القادة، فكنت أعمل على إعداد المادة التدريبية بنفسي، وأقوم بتنفيذها، وساعدني على ذلك خيالي الواسع وميولي الفنية والإبداعية. وفي عام 2007 قمت بتمثيل "سورية" في دولة "مصر" مع مجموعة من الشباب في مخيم للتبادل الطلابي، إضافة إلى العديد من الملتقيات في مجال الفلك في "دمشق" و"مشتى الحلو" و"دير شميل". أما في عام 2013، فحصلت على درع ريادي على مستوى "سورية" بالعمل الإعلامي والمعلوماتي».

ساعدتني خبرتي الدراسية بمجال تكنولوجيا الاتصال والمعلومات على إنجاز كل ما يتعلق بالأمور التقنية الخاصة بالمبادرة، سواء كان الحفظ والتوثيق وغيرهما، وحتى تصميم المحتوى البصري الخاص بالمبادرات على "الفيسبوك"، الذي يلعب دوراً كبيراً في جذب وإلهام الناس

وتتابع "منار" الحديث عن التشعب بالعمل المجتمعي التنموي: «كان لحضوري العديد من الأنشطة التطوعية وتنفيذ الحملات والأنشطة وتحضير المواد التدريبية، الدور في اكتشافي إمكانية تأسيس عملي المجتمعي الخاص؛ لذا حضرت الكثير من الورشات مع منظمات ومؤسسات مختلفة، ومن بينها مؤسسة "مبادرون" التي تركت الأثر الأكبر لديّ، وخاصة برنامج "أفلاطون" للتربية المالية الاجتماعية للأطفال واليافعين، وخاصة نادي "أفلاتين" لليافعين الذي طبقناه بالتعاون مع جمعية "رعاية المساجين" في قرية "القنجرة"، وأكثر من أربع أو خمس مدارس في مدينة "اللاذقية"، ومع جمعية "صناع السلام"، وحالياً نعمل في مدينة "جبلة"».

إحدى الورشات مع اليافعين

وبعد المشاركة وتنفيذ العديد من الحملات والمبادرات قررت "منار" تجسيد الأفكار التي تدور في خلدها، فأسست مبادرتها الخاصة، وأطلقت عليها اسم "ضيعتنا"، وتحدثنا عن ذلك بالقول: «تعدّ مبادرة "ضيعتنا" تجسيداً للأفكار التي راودتني منذ الطفولة، وهي عن الخطوة الأولى في سبيل ارتقاء الإنسان بإنسانيته، فكانت البداية عام 2016، وقصدت بـ"ضيعتنا" فكرة العائلة الواحدة والقرية الواحدة، وليس القصد أنها مبادرة ريفية لكون مقرّها في قرية "القنجرة". استفاد من أنشطة المبادرة أفراد من عدّة قرى ومدن ومحافظات أخرى أيضاً، واتخذت شعار: (لا تطعمني سمكة، ولا تعلمني كيف اصطاد، بل علمني كيف أصنع صنارتي أيضاً)؛ أي تنطلق من جذور المعرفة، ونعمل بالمبادرة عن طريق تحريك الوجدان والعاطفة، فعندما تتعلم بحبّ، يمكنك العطاء بحب، كما نعتمد على إمكاناتنا الخاصة سواء الخبرة أو المادة، التي على الرغم من تواضعها، إلا أنها حققت نتائج جيدة».

أما عن التشبيك ما بين دراسة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات والعمل المجتمعي، فتقول: «ساعدتني خبرتي الدراسية بمجال تكنولوجيا الاتصال والمعلومات على إنجاز كل ما يتعلق بالأمور التقنية الخاصة بالمبادرة، سواء كان الحفظ والتوثيق وغيرهما، وحتى تصميم المحتوى البصري الخاص بالمبادرات على "الفيسبوك"، الذي يلعب دوراً كبيراً في جذب وإلهام الناس».

نشاط مع الأطفال

"عفاف حنوف" مسؤولة التواصل والإعلام بمبادرة "ضيعتنا"، تحدثت عن شخصية "منار" بالقول: «ولدت "منار" بعزيمة مقاتل، وهي جاهزة لتلبية كل من يحتاج إليها على الصعيد الإنساني والاجتماعي والعملي، وتحلم منذ عمر مبكر بمشروع إنساني تتمكن من خلاله بتقديم خدمة مجتمعية تسهم في تغيير أفكار المجتمع، وتعزيز فكرة عدم الاعتماد على الآخرين، وما يأتي منهم كمساعدات جاهزة؛ لذلك خلقت مؤسستها التي تقوم من خلالها بزرع هذه البذور في عقول اليافعين ليخلقوا فرصهم بأيديهم مهما كانت الظروف المحيطة بهم. ومشروعها مبادرة "ضيعتنا" أكبر دليل حسي ونفسي وواقعي ملموس لتجسيد أفكارها وتحويلها إلى قيم وأفعال وسلوك وأنشطة تفاعلية ببرامج عالية الاحترافية حتى تواكب سياسة التدريب الذاتي، إضافة إلى تسخير كل ما تمتلكه من مساحات الإبداع لصنع برامج احترافية تواكب العلوم عبر العالم؛ لذلك تعدّ المنارة التي تضيء بكل الاتجاهات».

يذكر، أن "منار عبود" من مواليد "اللاذقية" عام 1987، تخرّجت في الجامعة الافتراضية، اختصاص تكنولوجيا اتصال ومعلومات، وهي منسقة مبادرة "ضيعتنا"، التي تعمل على التمكين المعرفي والاقتصادي.

عفاف حنوف