الإحساس بمسؤولية الارتقاء بالعملية التعليمية والتربوية دفع المديرة "ميسون بدور" إلى القيام بمبادرات فردية من شأنها أن تعمل على ثقافة الطالب البصرية وتغذيتها، وتبثّ روح الأسرة الواحدة في نفوس الطلاب والمعلمين والإداريين في المدرسة.

مدوّنة وطن "eSyria" زارت بتاريخ 21 تشرين الأول 2018، مدرسة الشهيد "علي حسن بدور" في قرية "الهنادي"، والتقت مديرة الحلقة الأولى "ميسون بدور"، فتحدثت عن نشأتها ودراستها قائلة: «نشأت في عائلة متوسطة الإمكانيات المادية؛ والدي موظف، ووالدتي ربة منزل، عملا على نجاحي من النواحي كافة، حيث كنت أشارك في المرحلة الابتدائية بنشاطات فرع طلائع البعث الفنية والأدبية وغيرها؛ وهو ما رسّخ عندي كيفية التعامل مع الطلاب والأطفال، والقدرة على توظيف طاقاتهم واستيعابهم خلال عملي الحالي كمديرة لفئة عمرية تحتاج إلى نوع خاص من التعامل، كما درستُ المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدرسة "الهنادي"، والمرحلة الثانوية بمدرسة "الثورة" في "اللاذقية"، ودرست معهد إعداد معلمين عام 1998، ثم درست دبلوم تأهيل تربوي لمدة سنتين بكلية التربية في جامعة "تشرين"، وعلّمت في مدينة "حلب" لمدة عام، ثم انتقلت إلى "اللاذقية" وبقيت أعلّم الصف الأول أربع عشرة سنة، ثم انتقلت إلى العمل الإداري كمعاونة مدير لثلاث سنوات، وفيما بعد عملت مديرة».

تتمتع المديرة "ميسون بدور" بشخصية قيادية وتحبّ الالتزام، حيث تظهر الحزم واللين، واستطاعت أن تترك بصمات إيجابية بالمدرسة في جوانب مختلفة، وبما يخص الكادر التدريسي والطلاب، وتتعامل بإنسانية وعطاء؛ وهو ما ينعكس على الروح العامة في المدرسة، فأصبحنا نتيجة هذا التعامل أسرة واحدة، وتأتي المعلّمة لأداء واجبها بمحبة؛ وهذا يخلق مساحة للعطاء بلا حدود

تسلّمت المعلّمة "ميسون بدور" إدارة مدرسة الشهيد "علي حسن بدور" منذ ثلاث سنوات، فلم تكتفِ بالدور التقليدي كمديرة، وهنا تقول: «تعدّ إدارة المدرسة من المحطات المهمة بالنسبة لي، التي فتحت لي الباب على ثقافة العطاء على الصعيد الإنساني والتربوي، فقد كانت مدرسة القرية مهمشة وغائبة عن أبسط المظاهر التي تجعلنا نطلق عليها اسم مؤسسة تعليمية في الشكل والمضمون، لكن استطعت خلال ثلاث سنوات أن أنهض بالواقع التعليمي فيها حتى أصبحت من المدارس الرائدة في "اللاذقية"؛ من خلال النشاطات والمبادرات الفردية التي نفذتها في المدرسة، إضافة إلى مستوى الطلاب التعليمي».

إحدى الغرف الصفية

مبادراتها الفردية كانت تحتاج إلى الدعم المادي، فعملت على تمويلها ذاتياً، عن ذلك قالت: «كانت البداية من منظر الشجر الهرم والآيل للسقوط وشكل المدرسة الداخلي والخارجي الذي لم يكن يوحي بجاهزيتها، ولم يكن كافياً لنلمّ بالعملية التعليمية والتربوية من الناحية النفسية، فوجدت أنه لا بدّ من التغيير، وبدأت مبادرتي بأشجار الزينة من النوع الممتاز، وقمت بزراعتها بمساعدة بعض مستخدمي وحرّاس المدرسة، وأصبحت أعتني بها، ثم قمت بمبادرة في العام الماضي بمناسبة عيد الشجرة، وقمنا بحملة تشجير وزرعنا شجرة باسم كل شهيد من شهداء القرية، ونظمت معرضاً واحتفالية شارك بها طلاب المدرسة في الحلقة الأولى بالتعاون مع فرع طلائع البعث، وتجسد هدفي بزراعة الأشجار لدلالتها الرمزية على الحياة والاستمرار».

وتتحدث عن مبادرتها الثانية التي حملت بعداً فنياً ونفسياً قائلة: «حين أصبحت بموقع الإدارة وجدت أن جدران المدرسة باهتة ولم يكن طلاؤها من الأمور المتاحة، فاقترحت مبادرتي بتزيين جدران المدرسة الخارجية والداخلية والغرف الصفّيّة برسومات، واستعنت برسّام من خارج المدرسة، ثم نقلت مبادرتي إلى مدرّس التربية الفنية "عماد ناصر" في المدرسة ودعمتها مادياً، إضافة إلى مساعدته ببعض الأفكار والرسم والألوان، وحاولت من خلال انتقائي للألوان أن أمسح صورة الحرب وألوانها السوداء ولون الدماء من أذهان الطلاب بألوان مكونات طبيعتنا وجغرافيتنا الجميلة لتُضيف إليهم بعض الفرح؛ وهو ما شكّل وسيلة جذب للطلاب في الصف الأول والثاني، كما استقبلت مدرستنا معسكر أنشطة طفليّة في الصيف لطلاب صفوف الرابع والخامس والسادس واستقبال رواد "ريف دمشق"، وأقمنا لهم نشاط رسم في المعسكر لنرتقي بمدرسة تليق بنا».

تكريم بعد نشاط النظافة

وعن عملها على تفعيل العملية التعليمية من خلال نهج معين، أضافت: «فعّلت كل الوسائل التعليمية الحديثة لنبني جيلاً مواكباً للتطوير والابتعاد عن الرتابة في التعليم، والمزج بين التعليم كواجب والتعليم كنوع من أنواع العطاء، وخلقت حلقات تواصل مع الأهالي في القرية ليشعروا بأن أبناءهم في أيدٍ أمينة، وأتابع سلوكهم الإيجابي والسلبي لأتعاون معهم بإيجاد الحلول والإلمام بظروف الطلاب للارتقاء بهم، وأقوم بتكريم الطلاب لتحفيزهم على كل ما هو إيجابي من انضباط ونظافة وتفوق ونجاح، كما حقق طلابنا المراتب الأولى في رواد الطلائع بالرياضيات والغناء والرسم وكتابة القصة، والكثيرون منهم انتسبوا إلى مدرسة المتفوقين في "اللاذقية" بعد إجراء سبر لهم؛ وهو ما يحفزنا كإدارة وكادر تدريسي أن نتابع الطريق الذي بدأناه في المدرسة».

وتتحدث "داليا ميا" معاونة المديرة في مدرسة "علي حسن بدور" عن المديرة قائلة: «تتمتع المديرة "ميسون بدور" بشخصية قيادية وتحبّ الالتزام، حيث تظهر الحزم واللين، واستطاعت أن تترك بصمات إيجابية بالمدرسة في جوانب مختلفة، وبما يخص الكادر التدريسي والطلاب، وتتعامل بإنسانية وعطاء؛ وهو ما ينعكس على الروح العامة في المدرسة، فأصبحنا نتيجة هذا التعامل أسرة واحدة، وتأتي المعلّمة لأداء واجبها بمحبة؛ وهذا يخلق مساحة للعطاء بلا حدود».

عماد ناصر

أما المدرّس المساعد لمادة التربية الفنيّة "عماد ناصر" والمشارك بمبادرة تلوين وتزيين المدرسة في الداخل والخارج فنياً، فقال: «بدأت المبادرة منذ أكثر من سنتين لتغيير وجه المدرسة وإضفاء الطابع الفني الجمالي عليها، فأحضرت المديرة "ميسون بدور" الألوان ودعمت المبادرة مادياً ومعنوياً على الرغم من غلاء أدوات ومواد الرسم؛ وهو ما ساهم في تفعيل حصة الرسم والفن في المدرسة، كما أتشاور مع الطلاب أحياناً للرسم على جدران الغرف الصفيّة واختيار رسومات تحمل أفكاراً ورسائل ونصائح هادفة؛ وبذلك تترسخ الفكرة بذهن الطالب، ويبعث هذا العمل السعادة على الصعيد الشخصي ولدى الآخرين، ويعطي بعداً علمياً حضارياً كمؤسسة تعليمية».

الجدير بالذكر، أن المعلمة "ميسون بدور" من مواليد "اللاذقية" قرية "الهنادي"، عام 1980.