عرفت منذ طفولتها الإبرة والخيط، وساعد في ظهور موهبتها أمها التي أتقنت مهنة الخياطة، فانتقلت من خياطة الملابس للعبتها لتصبح اليوم اسماً معروفاً في عالم الخياطة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 9 كانون الثاني 2017، مدرّبة الخياطة "غيداء زلف"، لتحدثنا عن موهبة طفولية صقلتها بالدراسة والتدريب، فقالت: «فتحت عينيّ على الحياة لأرى أمي تجلس خلف ماكينتها تقصّ وتدرز، وإلى جانبها قطع القماش الكثيرة، فنشأت علاقة بيني وبين تلك المهنة آنذاك، وتجسدت العلاقة من خلال خياطة الملابس للعبتي الصغيرة، فقد كنت أفعل كما تفعل أمي؛ فهي تخيط الملابس لأهل الحيّ، وأنا أخيط للعبتي. وكان لا بدّ من تنمية الموهبة؛ فدرست الفنون وتخرجت عام 1993 في معهد الفنون النسوية في "اللاذقية"، وبعد ذلك التحقت بدورات عديدة ساهمت في زيادة خبرتي وإغناء تجربتي، كدورة "أغابانه" التي تفوّقت فيها، وكذلك دورات في الشك على النول، والتطريز، والإكسسوار».

بعد مجيئي إلى "اللاذقية" طوّرت نفسي في الخياطة، فالتحقت بدورة خياطة لذوي الشهداء بإشراف المدرّبة "غيداء" التي تقدّم المعلومات بطريقة سهلة، وتراعي خطوات التعلم، وقد استفدت من خبرتها، ولها فضل كبير في عملي الآن في مجال الخياطة، وبواسطتها استطعت أن أجد فرصة عمل، فيكفي أن أقول إنها درّبتني لأجد قبولاً في العمل

مع بداية رحلتها العملية وخطوط الخياطة الأولى أسّست لمستقبل مهني مميز لها، وأعطت طرف الخيط في المهنة لكل متدربة في "اللاذقية" وريفها، فالإبرة والخيط هما مفتاح الحياة العملية بالنسبة لها، حيث أضافت: «المبادىء الأساسية للخياطة التي أقوم بإعطائها في الدورات كفيلة أن تنهي أميّة المتدربات في هذه المهنة؛ من تعبئة الإبرة إلى القصّ على القماش بطرائق عدة، ففي اليوم الأول من التدريب أعلّم "التضييق والدرزة والتسريج واللقطة واللفقة وتركيب الأزرار". وتأتي رغبة المتدربة بالتعلم، والتساؤل بما يخص المهنة يحفّزني على تكثيف المعلومات، كما أراعي المراحل في التعلم من السهل إلى الصعب، ففي عام 2007 درّبت في مركز التأهيل المهني ورابطة "القرداحة"، ودرّبت في ريفي "جبلة والقرداحة" مع "الأمانة السورية للتنمية"، ومنذ ثلاث سنوات حتى يومنا هذا درّبت مئتين وثلاثين امرأة من ذوي الشهداء والوافدات بواسطة الجمعيات والمؤسسات المهتمة بالنهوض بالمجتمع لتجاوز الأزمات والآثار السلبية التي سببتها الحرب».

أثناء الدرس

"سوزان محمد" من النساء اللواتي فقدنَ عملهن في "دمشق" بسبب الحرب، ولم يكن أمامها إلا تنمية معلوماتها في الخياطة والاستفادة من المدرّبة "زلف"، حيث قالت: «بعد مجيئي إلى "اللاذقية" طوّرت نفسي في الخياطة، فالتحقت بدورة خياطة لذوي الشهداء بإشراف المدرّبة "غيداء" التي تقدّم المعلومات بطريقة سهلة، وتراعي خطوات التعلم، وقد استفدت من خبرتها، ولها فضل كبير في عملي الآن في مجال الخياطة، وبواسطتها استطعت أن أجد فرصة عمل، فيكفي أن أقول إنها درّبتني لأجد قبولاً في العمل».

ثقة الآخرين بعملها منحتها اسماً لامعاً في هذه المهنة، حيث تحدثت "فريال عقيلي" مديرة الاتحاد النسائي في "اللاذقية" عن معرفتها بها، ورأيها في عملها بالقول: «هي شابة مجتهدة وكبيرة بعملها الذي تعطيه بمحبة وسخاء، تملك المعرفة والخُلق، وتترجمه بسلوكها، ولديها مهارات العمل والحياة التي توظفها في التعامل مع النساء أثناء تدريبهن، وتتميز بقدرة كبيرة في المنح. ومن المعروف عنها أنها لا تكتفي بأوقات الدورة التدريبية؛ فهي تتابعهن خارج مراكز التدريب في الخياطة وكل ما يتعلق بها، كما تعلمهن تصميم الحقائب وخياطتها، وصناعة الصابون والشمع والإكسسوار، ولم يكن ذلك ضمن خطة عملها.

غيداء والمتدربات

ابتسامتها المشرقة تسهّل عليها العمل، وخاصة أنها تتعامل مع نساء تعرضن لظروف الحرب القاسية من ذوي الشهداء والوافدات، فقد استطعنا بعامين في الاتحاد النسائي من خلال خبرتها وتدريبها تخريج 400 امرأة بمستويات عالية، ودفعهن إلى العمل، ويتم ترشيحها من قبل الاتحاد للتدريب في الدورات التي تقيمها جمعيات ومؤسسات في المدينة».

الجدير بالذكر، أنّ "غيداء زلف" من مواليد "جبلة"، عام 1972.

تخريج دورة