ترك المعلّم والمربّي "جميل حسن" بصمة معرفية لا تنسى، نهل علمه من عدّة مدن في "سورية"، وساهم في محو أميّة الكثير من قراها وشبابها، أحبَّ الشعر ونظم في قرية "بشراغي" التي يحب ملحمته الشهيرة.

مدونة وطن "eSyria" زارت بتاريخ 5 تشرين الأول 2016، الشاعر "جميل حسن" في منزله، فعاد بنا إلى جيل نقرؤه في الكتب، وذكريات وثّقها بشعره، ويقول: «ولدت في قرية "عين شقاق، جبلة" عام 1932، كما هو مسجل في بطاقتي، ومن المؤكد أنني ولدت عام 1930، وعشت في بيت ترابيّ، ابن فلاح أرعى الأبقار في البراري حافي القدمين، استطعت انتزاع علمي من أنياب الفقر، تعلّمت الكتابة وقراءة القرآن في كتّاب القرية عند "الخطيب"، وفي عام 1940 تعلّمت في مدرسة القرية، إلا أن أبي الذي كان تواقاً للعلم والمعرفة أخذني إلى مدرسة في مدينة "جبلة"، فحصلت على الشهادة الابتدائية فيها، ثم نقلني إلى مدرسة التجهيز الثانوية في "اللاذقية"، وفيما بعد حصلت على الشهادة المتوسطة من الثانوية الأرثوذوكسية في "حمص"، ثمّ انتقلت إلى دار المعلمين في "حلب"، وبقيت هناك ثلاث سنوات لإنهاء دراستي».

كان شاباً متحمساً وطموحاً ومعلماً لخمسة صفوف في وقت واحد، وكان حريصاً على إيصال المعلومة إلى كل تلميذ، وتفقّد حالته الصحية والنفسية، وخلق نشاطات ترفيهية كالرياضة والرحلات، علّمني في عام 1951، وكنت آنذاك في الصف الرابع الابتدائي، قدّم الفائدة للقرية من النواحي التربوية والتعليمية والاجتماعية والثقافية، واستطاع أن يمحو أميّة شبابها، وساهم في حلّ الخلافات فيها بالوعي والحكمة، وتوحيد رأي الشباب بما يخدمهم، ونشر المودة والمحبة، فآثاره النبيلة مازالت في نفوس أهل "بشراغي"، ولديه رصيد كبير من المحبة والعرفان

انتقل المربّي "جميل حسن" من مرحلة التعلّم إلى مرحلة التعليم مباشرة، وهنا بدأت مسيرته العملية، يتحدث عنها قائلاً: «في عام 1951 صرت معلماً وحيداً للمرحلة الابتدائية في مدرسة تتألف من خمسة صفوف في قرية "بشراغي" التابعة لمدينة "جبلة"، فقد علّمت خمسين تلميذاً، وقدمت تسعة تلاميذ منهم للشهادة الابتدائية فنجحوا، وفي العام نفسه -حيث كانت الأميّة منتشرة- قمت بدعوة شباب القرية إلى التعلّم في المدرسة بدوام ليلي فوافقوا، وكنت أحضر قنديلي لهم، وبذلك محوت أميّة شباب القرية جميعهم، وفي عام 1952 علّمت في مدينة "الحسكة"، وفي أثناء ذلك تقدمت لامتحان البكالوريا في "دير الزور"، وحصلت على الشهادة، ثم درست اللغة العربية عام 1956 في الجامعة السورية في "دمشق"، وتخرجت عام 1960، كما علّمت في "إدلب" وقرى "طرطوس" و"جبلة"، وعملت مديراً للتأهيل التربوي في "الإمارات"، وموجّهاً للغة العربية في الساحل السوري».

"جميل حسن" أمام مكتبته الخاصة

خياله الواسع واهتمامه بالعربية صقل موهبته الشعرية، وعن ذلك يقول: «حين نطقت الشعر نطقته موزوناً، والأذن الموسيقية التي أملكها تساعدني في نظم الشعر، فبدأت كتابته في المرحلة الإعدادية، وكان عمري ثلاثاً وعشرين سنة عندما التقيت الشاعر "بدوي الجبل" في حفل تأبيني، وألقيت قصيدة وهو يهزّ لي برأسه، وحينئذٍ قال لي: (أنت شاعر، اقرأ وأكثر من القراءة)، وفي عام 1963 طبعت أول ديوان "بواكير غضة"، وكتب مقدمته صديقي الشاعر "سليمان العيسى"، ولدي سبعة عشر كتاباً مطبوعاً من بينها الدواوين والملاحم الشعرية، وهي تحتل مكانة في وجداني، إلا أن ملحمة "بشراغي الشعرية" لها مكانة تفوق كل ما كتبت ناتجة عن العلاقة الوجدانية بيني وبين أهل "بشراغي" حتى يومنا هذا».

الأستاذ "يوسف جمعة" خريج لغة عربية، وسفير سابق من أهل قرية "بشراغي"، يتحدث عنه قائلاً: «كان شاباً متحمساً وطموحاً ومعلماً لخمسة صفوف في وقت واحد، وكان حريصاً على إيصال المعلومة إلى كل تلميذ، وتفقّد حالته الصحية والنفسية، وخلق نشاطات ترفيهية كالرياضة والرحلات، علّمني في عام 1951، وكنت آنذاك في الصف الرابع الابتدائي، قدّم الفائدة للقرية من النواحي التربوية والتعليمية والاجتماعية والثقافية، واستطاع أن يمحو أميّة شبابها، وساهم في حلّ الخلافات فيها بالوعي والحكمة، وتوحيد رأي الشباب بما يخدمهم، ونشر المودة والمحبة، فآثاره النبيلة مازالت في نفوس أهل "بشراغي"، ولديه رصيد كبير من المحبة والعرفان».

مؤلفات الشاعر

الجدير بالذكر، أن "جميل حسن" يقرأ ويكتب يومياً، ويتمتّع بصحّة جيدة، ويجتمع بأصدقائه.