حمل مسؤولية العائلة منذ عقده الثاني ومسؤولية القرية فيما بعد، وكان طالب حق يسعى إليه في كل مكان تقتضيه المصلحة العامة، كما ارتبط اسمه واسم عائلته بالقرية.

في قرية "رسيون" التابعة لبلدة "الحفة" يسكن "سلمان الجردي" باني البيوت الحجرية، والناطق باسم أهلها، وفلاحها الأول الذي ربى الأجيال على حب الأرض والزراعة، قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 13 تموز 2016: «عملت بالزراعة في عام 1947 مع أبي وأهل قريتي التي كانت تقتصر على عائلة "الجردي" و"ضاهر" و"البقعاوي"، فقد كنا نعمل في أرض زراعية ليست ملكنا مقابل أجر بسيط يكاد لا يذكر، وفي الستينيات قمت بجمع عائلتي التي كنت مسؤولاً عنها بعد وفاة أبي، وامتلكنا مساحة كبيرة من الأراضي في القرية بعد شرائها، وهي تزيد على مئة دونم، عملنا يداً واحدة، وزرعنا الحبوب بأنواعها: (القمح، والشعير، والشوفان، والعدس، والحمص)، والتبغ، ونربي الماعز والأبقار، وننتج التين اليابس، وكنت أقوم بنقل المحصول بواسطة فرس امتلكتها آنذاك، وأبيعه في أسواق "الحفة" التي تبعد ثمانية كيلومترات، وأسواق "اللاذقية" التي تبعد ثلاثين كيلومتراً عن القرية».

كما أنه نشر ثقافة مساعدة الجار؛ ففي موسم الحصاد لابد أن يتعاون الجيران حتى ينتهي أهل القرية جميعهم، وعمل على توحيد الآراء برأي واحدٍ، وقام بتأجير منزله كمدرسة ابتدائية بسعر زهيد ليسهل ذهاب الأطفال إلى المدرسة، وفتح دكاناً في القرية لتأمين حاجاتهم، وبنى جامعاً صغيراً فيها

إضافة إلى الزراعة التي خبرها منذ طفولته، فقد ساهم في إنجاز مشاريع كثيرة لخدمة القرية، عُرف بإتقانه لمهنة البناء (قطع ودق الحجر)، وفيما بعد قوالب الخشب و"البيتون"، يضيف قائلاً: «قمت ببناء بيوت القرية كافة بالحجر، ومع تطور مواد البناء بنيتها بـ"البيتون"، وهي مهنة شاقة ولكنها ممتعة، فطبيعة القرية صخرية وحجارتها متنوعة، وخلال عملي بالزراعة كنت أنتقي الحجارة لبناء البيوت، فقد بنيت بيوت القرية القديمة كلها، لكنهم أدخلوا بعض التطوير إليها، علمت مهنة البناء لأبنائي، فهي مصدر عيشهم في الوقت الحالي، وكنت أعلمها لمن يريد من أبناء القرية، وقمت بالمطالبة بالمشاريع التي تخدم القرية كشق الطريق وتعبيدها، ومد مياه الشرب، وإنارة القرية بالكهرباء، وطالبت من مكاني كرئيس للجمعية الفلاحية لمدة خمسة عشر عاماً بحقوق المزارعين وكل ما يطور الزراعة في القرية من (سماد، وغراس، وبذار، وقروض زراعية)، وغيرها».

منطقة رسيون

نشاطه الدائم وحرصه على أبناء قريته جعل مكانته كبيرة بين الناس، ولكلمته مستقراً بينهم، مختار القرية "سيف الدين الجردي" يتحدث قائلاً: «اهتمامه بالمصلحة العامة لأبناء القرية، وسيرته الحسنة أكسبته المصداقية والثقة بين الناس، فقد كانوا يقصدونه لحل مشكلاتهم وفض نزاعاتهم في القرية والقرى المحيطة، كما أن بعضهم في بلدة "الحفة" ممن يعرفونه يلجؤون إليه ليقيم صلحاً بينهم وبين الطرف الآخر، وهو الرجل الأكبر سناً في القرية، وما زال يحافظ على العادات والتقاليد، وفي الأعياد يزور الأهالي ويهنئهم بقدومها، ويقتني بعض الأشياء القديمة، ويستخدم الخشب والقصب في صناعة بعض الصناعات التراثية القديمة».

التعاون والكلمة الموحدة سبيله لتطوير القرية منذ خمسين عاماً، يتابع "حسن نصور" قوله: «كما أنه نشر ثقافة مساعدة الجار؛ ففي موسم الحصاد لابد أن يتعاون الجيران حتى ينتهي أهل القرية جميعهم، وعمل على توحيد الآراء برأي واحدٍ، وقام بتأجير منزله كمدرسة ابتدائية بسعر زهيد ليسهل ذهاب الأطفال إلى المدرسة، وفتح دكاناً في القرية لتأمين حاجاتهم، وبنى جامعاً صغيراً فيها».

من الأدوات التراثية

الجدير بالذكر، أن "أبا صلاح" من مواليد عام 1935، ويقوم بهذه الأعمال كل يوم، ولديه ابنة واحدة وتسعة أبناء، ونحو ثلاثين حفيداً، وتعلم القراءة والكتابة في كتّاب القرية، ويتمتع بصحة جيدة.

في الحقل