لا يكاد ينقضي أسبوع من دون أن يخرج فيه "إيهاب" إلى البرية حيث الغابات والدغل، يتفقّد كائنات البراري، كما لو أنه مزارع في حقله، فالجغرافي الذي عشق الطبيعة، يرسم في مخيلته وعلى أوراق بحثه، ملامح خريطة حلمه.

"إيهاب ريحان" طالب الماجستير في قسم الجغرافية في جامعة "تشرين"، قرر أن يناقش في رسالة ماجستير أثر العناصر المناخية في التنوع الحيوي، واختار محمية "الشوح والأرز" في منطقة "صلنفة" في جبال "اللاذقية" مكاناً للدراسة، في خطوة قد تكون مرحلة أساسية لتقوده إلى تحقيق حلمه الأكبر، وهو وضع خارطة بيئية للمنطقة الساحلية، الممتدة من شاطئ البحر وحتى "سهل الغاب".

في مشروعي أضيء على العناصر المناخية للبيئة المدروسة من جهة، والتنوع الحيوي فيها وأربطهما معاً، وبعد ذلك أستنتج إن كانت العلاقة بينهما تتطور سلباً "هدامة" أو إيجاباً "بناءة"، وبعد ذلك أقدم الحلول لإيقاف التطور السلبي إن وجد

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث الشاب "إيهاب ريحان" في المعسكر الاستكشافي الذي أقامه فريق "eSyria مستكشف" و"الجمعية الوطنية لإنماء السياحة في سورية" بتاريخ 24 نيسان 2016، حيث ابتعد قليلاً عن حقل بحثه الجامعي ليربط لنا بين ذلك البحث وما يدور في مخيلته، ويقول: «لا تبعد منطقة تجمّع "الجوبات" الرئيسة في الجبال الساحلية عن مركز محمية "الشوح والأرز" أكثر من 20كم، وهي على نفس الارتفاع، وبمناخ مشابه، إلا أننا نلحظ فروقاً بيئية مهمة، وهذا تحديداً ما يثيرني؛ فبحثي الجامعي يختص ببقعة صغيرة، لكنني هنا بجوار تلك البقعة أجد اختلافاً بيئياً يدفعني إلى دراسة كامل السلسلة الساحلية، لعلني أقدر يوماً أن أضع خريطة بييومناخية دقيقة، أحدد من خلالها بالتفصيل انتشار كل صنف من الكائنات التي تعيش على هذه الجبال».

إيهاب ريحان مع عماد حلوم

ويتابع واصفاً "الجوبات": «كان لدي اطلاع سطحي عن بنية "الجوبات"، وعندما أتينا فوجئت بضخامة حجمها ووجدت نفسي في مكان عبقري التكوين، النبع الغريب الذي رأيناه، الغابة العذراء ونباتاتها، التناغم التام بينها وبين المناخ، المناخ الأصغري الخاص بكل جوبة، انخفاض التلوث إلى مستوياته الدنيا».

أما عن بحثه الجامعي، فيقول: «في مشروعي أضيء على العناصر المناخية للبيئة المدروسة من جهة، والتنوع الحيوي فيها وأربطهما معاً، وبعد ذلك أستنتج إن كانت العلاقة بينهما تتطور سلباً "هدامة" أو إيجاباً "بناءة"، وبعد ذلك أقدم الحلول لإيقاف التطور السلبي إن وجد».

التخييم في الجوبات

قام الباحث بنحو 9 طلعات ميدانية علمية تحضيراً لرسالة الماجستير، وعشرات الطلعات الأخرى خارج نطاق الدراسة، وهو يتحضر للسمينار النهائي في نهاية صيف 2016، حيث يشرف الدكتور "عبد الكريم حليمة" على رسالته.

في جامعة "تشرين" التقينا الدكتور المشرف "عبد الكريم حليمة" الذي كان متفائلاً ببحث "إيهاب" ونشاطه، وعنه يقول: «"إيهاب" باحث متميز ونشيط، اختار موضوع شائك فيه جملة من التخصصات، وهو باحث ميداني استطاع من خلال ملاحظاته العلمية الدقيقة أن يربط بين العناصر المتنوعة في مكان الدراسة؛ أي توصل إلى أسباب حالة التنوع الحيوي في المحمية، وتوصل إلى نتائج موضوعية تطابقت مع الفرضية المتوقعة».

الباحث في جولة حقلية

أما عن مقومات نجاح بحثه، فيضيف: «من خلال العمل الميداني والمخبري والمكتبي استطاع بدقة التوصل إلى النتائج المرتبطة بالبحث، وهذا دليل على مهارة الباحث ووضوح الرؤية عنده عند معالجة بحثة ضمن الإمكانات المتاحة لدينا، من أدوات بحث، ومراجع ومصادر، ومن خلال المشاهدات العينية للمكان، وخبرة الباحث في هذا المجال».

يذكر أن الباحث "إيهاب ريحان" من مواليد عام 1985، في قرية "سكرّي" الملاصقة لمحمية "الشوح والأرز" من الشرق، يستمر بجمع أوراق بحثه من تحت ظلال الشجر فوق تلك الجبال؛ على أمل أن تبصر خريطته النور قريباً.