اصطدمت "صفية ديوب" في صغرها بمرض والدها الذي منعها من إكمال دراستها، وبعد أن تزوجت كان لمرض ابنتها منعطف كبير في حياتها الحافلة بالتعليم والإبداع والنشاط الاجتماعي.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 13 أيار 2016، المربية "صفية ديوب" في منزلها الكائن في ضاحية "جبلة"؛ التي تحدثت عن مسيرة حياتها بالقول: «نشأت وترعرعت في بلدة "عين الشرقية"؛ وهي منطقة ساحلية جبلية، ففيها أبصرت النور عام 1970، وعشقت طفولتي فيها وتنقلت بين مدارسها حتى نلت الشهادة الإعدادية، لكن مرض والدي حال دون إتمام دراستي، إلا أن حبي للعلم وإصراري على تحقيق طموحي كان حافزاً لحصولي على الشهادة الثانوية بجهدي الخاص من دون الالتحاق بالمدرسة، فدخلت معهد "إعداد المعلمين" وتخرجت فيه عام 1992، وعملت في سلك التدريس، ثم أمينة السر في مدرسة "الضاحية" في مدينة "جبلة"، هذه المهنة كانت أول خطوة لي في العطاء التي أعدّها حالة إنسانية تشعرني بالسعادة، ففي عام 2000 بدأت نشر كتاباتي في "جريدة الوحدة" في زاوية "همس الموج" كل أسبوع لعدة سنوات متتالية، إضافة إلى أنني قمت بالعديد من الندوات في المراكز الثقافية في محافظة "اللاذقية"، وشاركت في مهرجانات "طلائع البعث" كناشطة، وقمت بالعديد من الأنشطة الثقافية للأطفال المصابين بمتلازمة "داون"، وفي عام 2011 أسست جمعية "دار الأماني" لذوي الاحتياجات الخاصة من أجل دمجهم وتعليمهم وتأهيلهم ليكونوا جزءاً أساسياً من المجتمع».

هي إنسانة رائعة ومعطاءة محبة للخير، حملت رسالة محبة ودأبت لإيصالها بكل صدق وأمانة، وإن مبادرتها بدعم أبنائنا وتقديم العلم والمعرفة لهم بطريقة تناسب فكرهم العقلي هي خطوة إيجابية تستحق التقدير والثناء، أضف إلى أنني كنت أقرأ لها ما كانت تنشره في صحيفة الوحدة، وأدهشني أسلوبها الشعري الذي يخاطب وجدان القارئ بكل صدق وعفوية

ترى أن الطبيعة أثرت في سير حياتها وسكنت روحها وكانت مصدر إلهام لكتاباتها، وتابعت القول: «فتحت الكتابة أمامي حياة جديدة من الثقافة والمعرفة الفكرية، فكانت البدايات بكتابة القصص القصيرة في الصف السابع، وهي تعبير عن أحاسيس مكنونة في داخلي كتبتها في قصة وقد لاقت الإعجاب، إضافة إلى بعض الخواطر والقصائد الشعرية، لكنني لم أكن أنشرها في ذلك الوقت، وفي مراحلي الدراسية كانت الموضوعات الإنشائية التي أكتبها تنال إعجاب المدرّسين، ويمكن القول إن القراءة الكثيرة هي التي ساهمت في تنمية موهبة الكتابة لدي، فمن خلال مطالعاتي المبكرة تأثرت كثيراً بالأدب الروسي الذي أضاف الكثير إلى منشوراتي التي امتزجت ما بين الطبيعة والمرأة حتى تحولت إلى المحور الأساسي لكتاباتي».

طفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة تتابع تعليمها

العطاء هو الحياة بالنسبة لها؛ هذا ما تحدثت عنه "صفية" وأكدت: «يتجسد العطاء في مجالات متعددة، وبرأيي أن تساهم في تربية وتنشئة أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وتقديم العون لهم و دمجهم بالمجتمع له إحساس في القلب والوجدان يختلف عن أي عمل آخر، وباعتباري أمّاً لطفلة تحمل متلازمة "داون"؛ كان حافزاً كبيراً دفعني إلى تقديم يد العون والمساعدة إلى كل أسرة لديها طفل لديه إعاقة عقلية، إضافة إلى عملي التطوعي بتقديم المساعدة لجرحى الجيش وأسر الشهداء وتجهيز وجبات الطعام لهم في منزلي وإيصالها إلى أماكن وجودهم حتى خارج محافظتي، وشاركت بالعرس الجماعي المقام للجيش، ويكفيني شكر الناس وسعادتهم كثناء وتقدير على مجمل مساهماتي، كما أن القيمة الإنسانية للعطاء تشعرني بقيمتي كإنسانة وتمنحني السعادة والفرح وخاصة في هذه الظروف الصعبة التي تواجهنا، والتي تكاد تفقد الإنسانية قيمها ومبادئها».

وفي لقاء مع "نور لميا" إحدى أعضاء الجمعية التي تحدثت عن المربية "صفية" بالقول: «تعدّ "صفية" مثالاً للمرأة الناجحة في عملها، والقادرة على تسيير العمل بكل احترام ومودة، وقد لمست مبادراتها الإنسانية في عدة جوانب؛ فقد أسست جمعية "دار الأماني" لذوي الاحتياجات الخاصة بهدف مساعدة هذه الشريحة وتعليم أفرادها مهارات الحياة ليكونوا جزءاً فعالاً في المجتمع، كما أنها أمّنت المواصلات لنقل الأطفال من منازلهم في عدد من القرى في مدينة "جبلة" إلى الجمعية مجاناً، إضافة إلى إقامة مشغل لـ"التريكو" لتأمين عمل لهم بعد سن 18 ويكون عوناً لهم طوال حياتهم، إضافة إلى عملها الإنساني تجاه جرحى الجيش وأسر الشهداء ومساعدتهم».

إحدى إصداراتها

وفي لقاء مع "وحيدة صبيح" والدة أحد الأطفال في الجمعية، حدثتنا بالقول: «هي إنسانة رائعة ومعطاءة محبة للخير، حملت رسالة محبة ودأبت لإيصالها بكل صدق وأمانة، وإن مبادرتها بدعم أبنائنا وتقديم العلم والمعرفة لهم بطريقة تناسب فكرهم العقلي هي خطوة إيجابية تستحق التقدير والثناء، أضف إلى أنني كنت أقرأ لها ما كانت تنشره في صحيفة الوحدة، وأدهشني أسلوبها الشعري الذي يخاطب وجدان القارئ بكل صدق وعفوية».

يذكر أن الشاعرة "صفية ديوب" لها عدد من الإصدارات التي تحاكي قضايا المرأة وواقع الطفل، منها: "دموع البنفسج"، و"منتصف الربيع". ومن هواياتها الرسم والمطالعة، وهي متزوجة ولديها ثلاثة ذكور، وأربع إناث.

من نشاطات الجمعية