ثلاثون عاماً قضاها بين الطلاب والمخابر متابعاً تغيرات العملية التدريسية والعلمية في "كلية الهندسة" بجامعة "تشرين"، وما يزال مصمماً على تقديمها بطريقة مختلفة.

الدكتور المهندس "فائق مصطفى عراج" المولود سنة 1963 في قرية "القنجرة" شمال "اللاذقية" من الرعيل الثاني الذي مارس التدريس في "كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية" بجامعة تشرين قبل سفره إلى بلغاريا عام 1988، وبعد عودته منها حاملاً شهادة الدكتوراه في اختصاص الإلكترونيات الضوئية عام 1994 إلى اليوم، متابعاً عمله في الكلية ومطوراً خبرته العلمية والعملية مع الطلاب بطرائق مستحدثة دوماً.

نستفيد كطلاب من حضوره دوماً فهو الأب الحنون الذي يقدم عصارة جهده لمصلحتنا، ولا يمل أو يكلّ في تقديم ما نحتاج

وفي حديثه مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 31 تشرين الأول 2015، قال الدكتور "عراج": «إن هناك اتجاهاً أكبر نحو العلم والمعرفة، الأمر لا يتعلق بالأزمة السورية الراهنة فقط، إنما ناتج عن زيادة الوعي عند الناس في سنوات الأزمة بنسبة كبيرة، على الرغم من أن الزيادة في أعداد الطلاب أدت إلى مشكلات وانعكست بتأثير سلبي في العملية التدريسية لعدم اتساع القاعات المخصصة للمحاضرات لهذا العدد من الطلبة، وبسبب عدم وجود وسائل إيضاح متطورة أيضاً كالتجهيزات الصوتية في كثير من القاعات والمدرجات أو بسبب تعطلها وعدم إصلاحها، كما أنه لا يوجد فيها ستائر لحجب الضوء الخارجي، خاصة عند استخدام أجهزة العرض، عدا استعارة جهاز العرض كل مرة وحمله مع "اللابتوب" في كل محاضرة وقطع مسافات كبيرة إلى القاعة ومن القاعة إلى القسم، فلا يوجد جهاز عرض ثابت لكل قاعة».

أساسيات الهندسة الإلكترونية

وللطلاب أيضاً شجونهم مع القاعات الدراسية، يذكر الدكتور "عراج": «مع زيادة عدد الطلاب كثيراً فإنهم يعانون من صعوبات في عدم اتساع القاعة لأكثر من نصفهم، وعدم وجود مقاعد كافية داخل القاعة لذلك يضطرون للوقوف في آخر صف من المقاعد، فلا يسمعون صوت المدرّس لعدم وجود تجهيزات ومكبرات صوتية، ولا يستطيعون الكتابة بسبب وقوفهم ولا يستطيعون رؤية ما يكتبه المدرّس على اللوح بسبب البعد، أما بالنسبة للدكتور المحاضر أيضاً فإنه يعاني من زيادة رفع صوته لكي يسمع الطلاب الموجودون في آخر القاعة وهو ما يزيد الإرهاق، كما ويعاني من الضجيج الذي يصدره الطلاب الموجودون في النصف الثاني من القاعة بسبب عدم استفادتهم من المحاضرة».

يدرّس الدكتور "عراج" في كلية الهندسة ويشرف على رسائل ماجستير ودكتوراه، ويرى أن معظم مشاريع التخرج في كلية الهندسة يمكن أن يكون لها سوق حقيقي لاستثمارها على أرض الواقع، حيث يقول: «لا تواصل بين المؤسسات العامة والخاصة مع الجامعة للأسف، هذه معضلة قديمة في التعليم العالي ناتجة عن سوء التخطيط في البلد، كل سنة نقدم وبعض زملائي في قسم هندسة الاتصالات والإلكترونيات مشاريع عملية لها تطبيقات عملية في معظم مجالات الحياة في الصناعة، والطب، والتحكم بالأجهزة المنزلية والصناعية، والتحكم ببعض أجهزة مؤسسات الدولة، لكن كل هذا من دون جدوى واقعية».

الطالبة جوانا ملا

ويوجد عدة حلول لهذه المعضلة بعيداً عن العلاقة الأبوية مع الدولة، ويضيف: «اقترحت في السابق وما زلت أقول إنه يجب إحداث ما يسمى بالحاضنة الإلكترونية في كلية الهمك، حاضنة للطلاب، يمكنهم من خلالها بيع مشاريعهم العملية في الأسواق ومدخولها يعود بالنفع على الكلية والطلاب والمدرّسين؛ عبر التشبيك مع المجتمع وحاجاته بما يشبه تجربة حاضنة الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية للمشاريع المقدمة لها».

يجب أن تتطور وسائل التعليم مع تطور المجتمع، وبالتالي تحقيق تزامن مطلوب بين جودة المادة المقدمة وحداثتها بما يتلاءم مع التغييرات المتسارعة في عالم اليوم، ومنها المناهج التدريسية، يذكر الدكتور "عراج": «المواد تتطور في أشهر ولا يحتاج المحاضر للانتظار سنوات لكي يطور مقرره، إنما التطوير يحدث في مقرراتي دائماً، والسبب الرئيس في تطوير المواد التي أقوم بتدريسها شخصياً هو دراستي واطلاعي الدائم والمستمر على المواضيع العلمية التي أقوم بتدريسها عبر "النت"، ومن خلال أطروحات الماجستير التي أشرف عليها».

دارة إلكترونية

ووسط الظروف الراهنة يقترح: «إضافة إلى ما سبق يجب توفير بيئة تقوم بتقديم الدروس عبر "النت" وعبر وسائل التواصل الاجتماعي بما يتيح تغيير الصورة النمطية للتعليم لدينا، وفتح بوابات جديدة للتخفيف من الازدحام في الكليات، والحاجة إلى بنى تحتية كثيرة».

الدكتور "عراج" وفقاً لطلابه وتعليقاتهم من الناس الذين يبذلون جهدهم لخدمة العلم والتعليم، تقول الطالبة "جوانا الملا": «نستفيد كطلاب من حضوره دوماً فهو الأب الحنون الذي يقدم عصارة جهده لمصلحتنا، ولا يمل أو يكلّ في تقديم ما نحتاج».

فيما يصفه صديقه الدكتور "رامي منصور" بـ"دينامو" التدريس في الكلية؛ الذي لا يمل من البحث عن أي أفكار جديدة تساعد الطلاب على استيعاب المادة التدريسية والتقاطها بطريقة غير تقليدية، مضيفاً: «هو رجل عصري يتابع آخر ما تقدمه التكنولوجيا لخدمة العملية التعليمية، يقوم بتحديث دائم لمواده؛ وهو ما يجعل الطلاب على اتصال مباشر بآخر مستجدات العلم».

يذكر أخيراً، أن "عراج" لديه عدد من المؤلفات العلمية في الإلكترونيات الضوئية التي يدرّسها، منها: "أسس هندسة إلكترونية" عام 2011، و"إلكترونيات دقيقة"، إضافة إلى حضوره الدائم في عالم الطلاب متابعاً عملهم في مختلف مفاصل الكلية.