"الرقم لا يكذب، وثقافة الرقم هي ما يجب أن تعتمد في التخطيط لمستقبلنا، وخاصة مع التفكير بإعادة الإعمار"؛ بهذه الرؤية يتابع المخترع الدكتور "طارق أصلان" أعماله في التدريس والبحث العلمي.

علاقتنا مع الرقم والحاجة الماسة لاعتماده مرجعاً في تقرير سياساتنا العلمية وغير العلمية؛ هي الفكرة التي انطلق منها في حديثه مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 11 حزيران 2015، مؤكداً أن هذه الثقافة يجب تعميمها على كل الصعد الحياتية "فالرياضيات هي وحدها التي لا تستطيع الكذب".

يمكن تطوير الاختراع بما يتناسب والتطور التكنولوجي الحاصل حالياً، ونرجو أن نوفق في ذلك، والدكتور "أصلان" من خيرة الدكاترة

المخترع "أصلان" هو حالياً مدرس في جامعة "تشرين" التي نال منها الإجازة في الهندسة المدنية عام 1977، كما نال الدكتوراه اختصاص "البيتون المسلح" من "رومانيا" العام 1983، ومن مؤسسي جمعية المخترعين السوريين، وألف العديد من الكتب العلمية والأبحاث في عدة مجلات علمية عربية وعالمية.

المخبري راجي صبوح

قدم اختراعه "جهاز لكسر الأنابيب والجوائز البيتونية" بالتعاون مع المهندس "بسام بدر" عام 1999، ويقدم هذا الاختراع كما يقول: «طريقة لكسر الأنابيب البيتونية وفق المواصفات السورية والأميركية، حيث يوضع الأنبوب بكامل طوله ليستند إلى خطين متوازيين على طول الجهاز، ويتم التحميل من الأعلى على الأنبوب بواسطة قطعة معدنية بطول 1م، أو أكثر ذات صلابة كافية، وهي متمفصلة في نقطة استنادها لتوزيع الحمولة بانتظام على طول الأنبوب، وقد تم تنفيذ الاختراع في رحاب الجامعة بتكلفة بسيطة وقتها ويطبق الجهاز قوة حتى 20 طناً».

وزن الجهاز 600 كيلو غرام، وهو يستطيع تجريب الجوائز البيتونية المسلحة على الانعطاف أيضاً، ويعمل على مبدأ ضغط الزيت، وقد نشأت فكرة الاختراع من الحاجة الماسة إلى قياس هذه المعطيات في التجارب العلمية وفي الحياة الواقعية، فأغلب الاختبارات هي اختبارات قوى وتشوهات، ونظراً لصعوبة الاستيراد من الخارج والتكلفة العالية، فقد فكرنا بتصنيع جهاز محلي يخدم الغايات التعليمية وإجراء الأبحاث ويخدم المجتمع في نفس الوقت، فمثلاً، عند تركيب أنابيب الصرف الصحي تنشأ الحاجة إلى معرفة مقاومتها للقوى المطبقة عليها وتحملها كي لا تنكسر أثناء الردم أو في مرحلة الاستثمار، هذا الجهاز يقيس هذه القوة بدقة، وبالتالي تتوافر لدينا بيانات دقيقة عما نقوم به من أعمال متعلقة بالبيتون وغيره، وعملية الكسر هذه مهمة للتأكد من صلابة الأعمدة البيتونية وصحة نسبة الخلط فيها وخاصة للمتعهدين واللجان الفنية».

مع الاختراع في المخبر

تم تصنيع الجهاز بخبرات محلية وفق مخططات هندسية مدروسة لتتناسب مع الهدف، وهو قابل للفك والتركيب؛ وبالتالي يمكن نقله بسهولة إلى أي موقع تستدعي الحاجة إليه، وقد تم تنفيذ الكثير من الاختبارات منذ تركيبه في الجامعة للأبحاث العملية والعلمية، وقدم خدمات لقطاع واسع من المؤسسات والشركات، وقد باتت الحاجة ماسة إلى تطويره أكثر.

يقول الدكتور "أصلان": «نطمح في قادم الأيام إلى تصنيع نموذج آخر للجهاز أكثر تطوراً مزود بجهاز رقمي إلكتروني يقدم قراءات دقيقة مرفقة بطباعة مع تقارير فنية، وزيادة القوة التي يطبقها حتى 40 طناً وتزويده بمنظومة قياس تشوهات إلكترونية، وهذا غير متوافر حالياً في الجامعة.

جائزة الويبو

يمكن إنجاز هذا العمل بتكلفة مقبولة صغيرة نسبياً عند مقارنتها بتكلفة استيراد جهاز مماثل من الخارج».

حاز هذا الاختراع الجائزة الذهبية عام 2002 من قبل منظمة الوايبو (WIPO) الدولية، ويتم حالياً استخدامه من قبل الباحثين وطلاب الدكتوراه والماجستير، يقول المخبري "راجي صبوح" وهو من العاملين في مخبر الكلية حيث يوجد الاختراع: «يمكن تطوير الاختراع بما يتناسب والتطور التكنولوجي الحاصل حالياً، ونرجو أن نوفق في ذلك، والدكتور "أصلان" من خيرة الدكاترة».

يشار أخيراً إلى أن عدد المستفيدين من هذا الجهاز منذ وضعه في مخبر الكلية "الورشات" حتى الوقت الراهن تجاوز الآلاف من مختلف القطاعات الهندسية.