مخترع، باع بيته وأرضه كي يكمل اختراعه، واليوم وبعد سبع سنوات تم الإنجاز، وما يزال يطرق أبواب الوزارات والشركات من دون يأس، حالماً بأن تنتهي أزمة الكهرباء السورية إلى الأبد.

منذ صغره وهو يحول كل التطبيقات النظرية في المدرسة إلى تجارب عملية يستعذب رؤيتها وتفاعلاتها ونتائجها أيضاً، وكبرت الحكاية حتى بدأ مقاربة عالم المحركات، خريج كلية الحرب الإلكترونية في "دمشق"، المخترع "نعمان جبور" في حديث مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 14 أيار 2015، ويقول: «مع علمي بفشل تجربة العالم "فرانكل" لإنتاج محرك احتراق داخلي لا يحتوي على محور دوران داخلي؛ (أي ما يعرف شعبياً باسم الكرنك، وهو أحد أكبر أسباب ضياع المحرك)، بدأت السعي لإنتاج محرك احتراق داخلي منطلقاً من تجربة "فرانكل"، ونجحت تجربتي في بناء محرك احتراق داخلي من دون محور "كرنك"، وتطورت التجربة لإنتاج طاقة كهربائية من الرياح، مع تفوق جديد مضاف وهو استخدام الأجنحة العمودية بدل المائلة».

رغم أن هناك قضايا تقنية مهمة يجب حسبانها في حالة المرواح الهوائية إلا أن التنفيذ ممكن، ومع تصاعد أزمة الكهرباء الوطنية قد تكون هذه المراوح حلاً، وخاصةً أن دولاً كثيرة منها "هولندا"، قد أصبحت تعتمد كلية على الطاقة المنتجة من الرياح لتأمين احتياجات سكانها من الطاقة الكهربائية النظيفة

تقوم فكرة المخترع "جبور" من منطلق تأمين صناعة ألف مروحة مكبسية، وبعدها -على مسؤوليته- سوف نقوم بتصدير الكهرباء، يقول المخترع: «أقمت وقتاً من الزمن بين مدينتي "حمص" و"طرطوس" بالقرب من الفتحة الشهيرة، وهناك خطر ببالي -حيث الرياح القوية- فكرة الربط بين المحرك الذي اخترعته وطاقة الرياح لتكون بدلاً من الطاقة الأحفورية المستخدمة عادة في عمليات احتراق المحركات، وعملت بجهد شخصي على أن يكون هذا المصدر البديل لتوليد الكهرباء بكل معطياته وأدواته الأولية محلياً، وركزت اهتمامي على دراسة إمكانية الاستفادة من طاقة الرياح، وتوصلت لاختراع مروحة تولد طاقة كبيرة تكفي لمدينة صغيرة أو متوسطة، ويفوق إنتاجها المراوح المعروفة.

نموذح متخيل للمروحة المكبسية

لا تختلف آلية عمل المروحة المكبسية عن المراوح التوربينية المستخدمة حالياً في كثير من أرجاء العالم، لكن ميزتها الأهم هي أجنحتها العمودية، فهي تستفيد من قدرة الرياح التي تتعامد على سطح الأجنحة، وبالتالي تولد طاقة مضاعفة عن المراوح ذات الأجنحة المائلة، إذ لا تستفيد تلك بأكثر من قدرة الرياح، وهذا يعني إنتاجاً أكبراً للطاقة».

لتنفيذ فكرته والتأكيد على واقعيتها قام "جبور" ببيع بيته ثم أرضه لتنفيذ نموذج للمروحة المكبسية يعطي الطاقة فعلاً، وقد قام بإنتاج نماذج تجريبية منه أعطت الطاقة المطلوبة بكفاءة عالية، وهذه النماذج موجودة لدى المخترع وواحدة منها تم تنفيذها في منطقة "دوما" بـ"دمشق"؛ إلا أنها لم تكتمل بسبب الظروف الراهنة.

نموذج في "دمر" لم يكتمل

التفكير خارج الصندوق هو النهج الذي يجب اتباعه للحصول على طاقة سورية كاملة من الرياح، يحسب المخترع "جبور" التكلفة والإنتاج كالتالي: «تحتاج "سورية" قرابة 10 آلاف ميجا واط، وتنتج المروحة المكبسية ما يقارب 10 ميجا واط، أي إننا نحتاج إلى ألف مروحة مكبسية، وتكلفة تصنيعها كلها تعادل استهلاك الدولة من الوقود لثلاث سنوات، أي يمكننا -عبر اعتماد خارطة وطنية لتوزيع المراوح- تحقيق اكتفاء من الكهرباء في غضون سنوات قليلة، ثم إذا أردنا يمكننا تصديرها للدول المجاورة».

ويضيف: «تنتج المروحة المكبسية السورية ثلاثة أضعاف ما تنتجه المروحة التوربينية الدانماركية (النموذج العالمي للمقارنة) بنفس سرعة الرياح تقريباً، ويمكن أن تكون تكلفتها نصف تكلفة المروحة الدانماركية، فمتوسط طاقة المحطة الحرارية تعادل 200 ميغا واط بالساعة، وتحتاج إلى 50 طن فيول في الساعة مع عدد كبير من المختصين بمختلف أنواعهم وقطع غيار بوجه دائم، إضافة إلى الضرر الذي تلحقه بالبيئة على مدار الساعة.

من الشهادات الممنوحة له

والقيمة المضافة إلى عمل المراوح تتجلى في عناصر كثيرة، من أهمها قلة الحاجة إلى الصيانة، والمردود الكبير الذي تقدمه قياساً بالمردود العالمي، كذلك فإن هذا الإنتاج يخلو تماماً من أي ملوثات للبيئة، ولا تحتاج المراوح إلى يد عاملة إلا بالحد الأدنى كورشات للصيانة قليلة العدد، فالمروحة تعمل ذاتياً ويمكن تطويرها بأتمتة عملها بالكامل بما فيه الصيانة».

إذاً، ما الذي يمنع رسمياً من تبني هذا المشروع الطموح الذي مضت عليه سنوات كثيرة من دون أن يطرأ عليه أي تغيير رغم الظروف الصعبة التي مرّ بها قطاع الكهرباء السوري؟ فيشير المخترع "جبور" إنه يحلم بأن تكون "سورية" هي من يبادر إلى تبني هذا المشروع قبل أن يعرضه على الشركات العالمية التي لن تترد في تبنيه، فمثلاً مردود المراوح الألمانية المستخدمة حالياً هناك يعادل نصف ما تقدمه نماذج هذه المراوح التي يمكن إنتاجها محلياً.

تعقيباً على المشروع يرى المهندس الكهربائي "جابر عاصي" إن المستقبل للطاقات البديلة، ويقول: «رغم أن هناك قضايا تقنية مهمة يجب حسبانها في حالة المرواح الهوائية إلا أن التنفيذ ممكن، ومع تصاعد أزمة الكهرباء الوطنية قد تكون هذه المراوح حلاً، وخاصةً أن دولاً كثيرة منها "هولندا"، قد أصبحت تعتمد كلية على الطاقة المنتجة من الرياح لتأمين احتياجات سكانها من الطاقة الكهربائية النظيفة».

تشير تقارير الأمم المتحدة ذات الصلة إلى أن الطاقات البديلة من رياح وشمس وموج بحر ونفايات سوف تكون لها الأولوية في قادم الأيام مع نضوب الطاقة الأحفورية بعد ما يقارب خمسين عاماً.

يذكر أن المهندس "نعمان جبور" من مواليد "اللاذقية"، عام 1958.