"معين عليّان" مزارعٌ نشيط أخذته الزّراعة المحميّة باكراً، فتابع محاضراتها ونشراتها العلميّة واجتماعاتها الزّراعيّة محققاً بذلك تفوّقاً مميّزاً في المباريّات الإنتاجيّة وفي نوعية الإنتاج وحصد جوائز.

مدوّنة وطن "eSyria" التقته في منزله في قرية "العيديّة" بتاريخ 13 نيسان 2014 للحديث عن تجربته في الزّراعة النّظيفة، حيث ابتدأ بالقول: «ولدتُ في بيئةٍ زراعيّة تعيشُ على زراعة "الدّخان والفستق والحمضيّات"، ودرستُ الابتدائيّة في مدرسة "العيديّة"، والإعداديّة في مدرسة "رأس العين"، ولكن لم أنل الشّهادة الإعداديّة لأغادر المدرسة بعدها بشكل نهائيّ، وأجد نفسي قريباً من الوالد والأرض والعمل فيها، وفي العام 1990 التحقتُ بمدرسة حقليّةٍ في "رأس العين" خاصّة بالزّراعة المحميّة، حيث كنت أتلقّى العلوم الزّراعيّة عن طريق المُحاضرات ونشرات التّوعيّة التي كان يلقيها رئيس الوحدة الإرشاديّة "محمود شباني"، وكانت هذه المدرسة تابعة للمشروع الإقليميّ للإدارة المتكاملة للآفات "IPM" في الشّرق الأدنى، وكنت أطبّق التّعليمات بشكلٍ علميّ ودقيق في بيوتي البلاستيكيّة».

حالياً لديّ صالة "بندورة" بمساحة 900 متر مربّع أتفرّغ لها بالكامل؛ فالزّراعة المحميّة هي شغلي الشّاغل وهي مصدر رزقي الأساسيّ

وعن تطبيقه للإرشادات على محصوله قال: «كنت أزيل بقايا المحصول السّابق بكامله وأقوم بالفلاحة وبالتعقيم الشّمسيّ للتّربة لمدة 50 إلى 55 يوماً، وبعدها أبدأ تخطيط الأرض وأعقّم التّربة بإضافة "بيوكنت" الحُبيبي وهو معقّم فطريّ، وأقوم بتحليل التّربة وأضيف ما ينقصها من السّماد العضويّ، وكانت تربتي غالباً تحتاج إلى "الكالسيوم والبورون"».

يعمل في صالته البلاستيكية

وتابع: «استخدمت المصائد اللاصقة لمكافحة الذبابة البيضاء، ومفترس العناكب "فيتوسللوس" لمكافحة العناكب الحمراء، وطفيليّات "تريكو غراما" و"براغون" لمكافحة ديدان الأوراق ودودة الثمرة، وطبّقت أسلوب الرّذاذ الحديث لتخفيف أضرار الصّقيع، ولقّحتُ أزهار "البندورة" عن طريق "النّحل الطّنان"، حيث تزيد نسبة حمل الثّمار حوالي 20 بالمئة قياساً بطريقة تثبيت الزّهر اليدويّة، ونجحتُ في العام 2007 بتطبيق توصيّات الإدارة المُتكاملة بشكلٍ كاملٍ».

وعن نيله الجائزة قال: «ذات يومٍ من العام 2008 سمعتُ بزيارة وفدٍ برئاسة وزيرِ الزّراعة لتكريم أحد المزارعين المُبدعين من "آل ميّا" في قرية "العقيبة"، فذهبتُ مع وفدٍ زراعيّ من القرية لحضور هذا التّكريم، حيث ألقى بعض المزارعين مداخلاتهم وكنت منهم، وعندما لاحظ الوفد ثقتي بنفسي وبعملي قرّروا زيارتي في نفس اليوم في منزلي ليروا محصول "البندورة" الذي كان في أحسن حالاته من حيث كبرِ حجم الثّمرة وخضرة الأوراق وخلوّ الثّمار من أيّ مرضٍ، فتلقيت الإشادة من الوزير "عادل سفر" وقتها ومدير الزّراعة ومدير الإرشاد، وقرّروا منحي مكافأةً عن عملي المُميّز وأتعابي، ونعتني الوزير بالمزارع المُميّز الجريء. وبعد أيّام جاءت لجنة من المديريّة برفقة المصوّرين ودعيتُ للتّكريم في مجال "البندورة" كأفضل ثمرةٍ، حيث نلتُ شهادةَ تقديرٍ ومكافأة مالية، وبعد نيلي للجائزة زارني التلفزيون العربيّ السّوريّ أكثر من مرّة، وصحيفتا "الوحدة والثورة"، والكثيرون من طلاب الهندسة الزّراعيّة من أجل البحوث، وأذكر أنّ أحد الأساتذة قال لطلابه مازحاً: "احفظوا كلّ ما يقوله لكم المُزارع معين؛ لأنّه سيجيئكم في الامتحان"، وشاركتُ بعدها في معارض الهندسة الزّراعية في "جامعة تشرين" ومعارض العاصمة وبعض المعارض الخارجيّة، وحققت شهرةً مقبولةً على مستوى مزارعيّ القرية وأصبحتُ ذا خبرةٍ ودرايةٍ بالنسبة لهم، ويناديني بعضهم بالمهندس "معين"».

شهادة التقدير

وتابع: «بحكم حبّي لنقل المعلومات والاستفادة المتبادلة بين الجميع حوّلتُ صالون منزلي من العام 2008 إلى 2010 إلى مدرسة حقليّةٍ مؤلّفة من 18 مزارعاً من أبناء قريتي المهتمّين بزراعة "البندورة" المحميّة، حيث نجتمع كلّ يوم سبت لمدّة ثلاث ساعات، وكنّا ندعو كلّ أسبوع أحد المهندسين الزّراعيّين للإشراف على الجلسة وتوجيهها بالشّكل الصّحيح».

وختم حديثه بالقول: «حالياً لديّ صالة "بندورة" بمساحة 900 متر مربّع أتفرّغ لها بالكامل؛ فالزّراعة المحميّة هي شغلي الشّاغل وهي مصدر رزقي الأساسيّ».

المهندس الزّراعي "علي صبوح" رئيس الوحدة الإرشاديّة في قرية "رأس العين" تحدّث بالقول: «دائماً نسعى إلى وجود زراعة نظيفةٍ في بيئتنا السّوريّة، وبناءً على هذا انتشرت الزّراعة النّظيفة في محافظتنا، وهذا النّوع من الزّراعة هو مشروع إقليميّ تبنّته مديرية الزّراعة، وكان المزارع "معين" من المتحمّسين لهذه الفكرة حيث تطوّع للمشاركة فيها، فكان وما يزال يحضر الاجتماعات التي تدعو إليها مديرية الزراعة ومديرية الإرشاد، ودائماً يتّصل بي لاستشارتي في معظم خطواته الزّراعيّة؛ فهو مزارع له بصمة مميّزة ومهمّة في زراعة "البندورة" النظيفة».

المزارع "علي معلا" أحد المشاركين في مدرسته الحقليّة قال: «بعد نيلهِ للجائزة تحوّل إلى مرشدٍ زراعيّ لمعظم مزارعي قريته، وكنّا نجتمع عنده حيث يوزّع علينا نشرات التوعيّة ودفاترَ لتدوين الإرشادات، وقبّعاتٍ زراعيّة، ومكبّرات لرؤية الحشرات المؤذيّة، وهو ساهم في نقل تجاربنا في الزّراعة المحميّة من العمل العفويّ غير المنظّم إلى العمل المدروس والعلميّ، ولقد أحببنا عملنا أكثر بحضوره».

يُذكر أن المزارع "معين عليّان" من مواليد قرية "العيدية" في ريف "جبلة" 1964م، متزّوج وله ولد.