فنان درس المسرح مع علمه اليقين أن هذا الطريق لن يكون معبداً له بالورود، لكن هذا الطريق المعبد بالأشواك؛ يشكل في نفس الوقت طريق كل ناجح ومنطلق نحو الحياة، فسار عليه ووصل، فكان مخرجاً لامعاً ومؤسساً كذلك لفرقة مسرحية كان لها الصدى الواسع في أغلب المهرجانات المحلية والعالمية.

موقع "eSyria" زار المخرج المسرحي "لؤي شانا" يوم "25/11/2010" ليحدثنا عن الدوافع التي كانت سبب اتجاهه نحو المسرح والعمل به، وقد بدأ بالقول: «بدا على سلوكي منذ طفولتي وبشكل فطري، أني أميل للمسرح وللفن عموماً ووجدت نفسي بأني بحاجة إلى المسرح مثل حاجتي للهواء، وكنت أتذوق المقالب والمشاهد التمثيلية بشكل عفوي وأمثلها على أهلي الذين ساعدوني فيها من خلال الإيحاء إلي بتصديقها».

مخرج ومسرحي مجتهد وأثبت حضوراً فنياً متميزاً وإنسانياً أيضاً والمستقبل لا يفتح أبوابه إلا للمجتهدين أتمنى له التوفيق والنجاح الذي يستحقه

يضيف "شانا" متحدثا عن بداياته: «طورت شغفي بالمسرح والتمثيل في المدرسة وبين طلابها وأساتذتها، وعندما قررت الدخول إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، كان هذا الخيار صعباً للغاية بسبب الظروف الضيقة التي واجهتني ومنها أني ابن بيئة فقيرة وطبقة فلاحين يأكلون مما يزرعون ويجنون خلال يومهم، وكان في ذلك الوقت معظم الأشخاص في المعهد من الطبقات الاجتماعية المرموقة في المجتمع حتى أني حاولت أكثر من مرة بالتقدم لمقابلة المعهد حتى قبلت».

من اعمال المخرج "لؤي شانا"

يقول "شانا": « الظروف التي واجهتها في بداياتي ما كان منها إلا إن زادتني إرادة وتصميم لبذل جهد أكثر، فإن الإبداع ليس حكراً على أحد فعلى الرغم من المعوقات والمصاعب كنت مصراً على عمل شيء جيد من خلال تحدي هذه الصعوبات، فالمسرح ليس طريق معبد نحو النجاح وقد عانى كل المسرحيين في سورية وفي العالم بأسره من ظروف المسرح حتى تجد بأن المسرحي يبذل من روحه في سبيل أن يكون العمل ناجح، فأنا بطبعي إنسان عنيد وأحب العمل، وبذات الوقت أنا إنسان لدي أحاسيس وأحبطت في بعض المرات ولكن لم توقفني عن المضي في حلمي وطريقي ومشروعي».

لكل فنان أناس داعمين له لأن المسرح عمل جماعي كما هو متعارف عليه، ولكن كيف يرى المخرج "شانا" إلى هذا الدعم: «منذ تخرجي من المعهد وفي بداية مضيي في الحياة العملية، لم تكن لدي أي علاقات أو أي احد يساعدني سوى بعض الأصدقاء كـ"حسين عباس" و"هاشم غزال" و"أحمد قشقارة"، وغيرهم..

المخرج المسرحي "لؤي شانا" يكرّم

كمخرج أحب أن اعتمد على الممثل بأعمالي بطريقة تشاركيه وليس كحجر شطرنج، كما أعتقد بأن أي عنصر بالعمل سواء كان فني إضاءة أو دور ثانوي فهو شريك حقيقي في العمل يجب على الجميع أن يعمل بدءاً مني أنا مخرج العمل في عملية تحضير العمل المسرحي وإنجاحه، وأنا أدعو الممثلين إلى ذلك بغية تقوية العلاقة مع خشبة المسرح"».

وللمخرج "لؤي شانا" تجربة رائدة أولى على مستوى سورية ألا وهي إقامة معهد خاص للتمثيل، وهو "معهد القباني" عن هذه التجربة يقول "شانا": «انطلقت فكرة تأسيس المعهد من أمر خاص وهو أنني لم أجد في المحافظة من يساعدني في بداياتي من حيث التدريب والتثقيف، فقررت إن يكون هناك دار أو معهد خاص بحيث يتيح للأشخاص الذين يملكون موهبة بأن يطوروا قدراتهم ومواهبهم، فالمسرح فن صعب وينطوي تحته عدة فنون وبحاجة إلى جهد مضاعف.

من احد اعمال المخرج "لؤي شانا"

والحقيقة أن البداية كانت صعبة ولكن مع الصبر والعمل كان لابد لهذا المشروع من إن ينجح فهو أول معهد في المحافظة وفي "سورية" يعنى بهذا الاختصاص وقد اعتمدت في منهاج الدراسة فيه منهاج الأكاديمي الذي درسته في المعهد العالي للفنون المسرحية وما يعلم الآن في معهد القباني حالياً لا يدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية».

ويضيف "شانا" على حديثه عن معهد القباني: «إن دوري في المعهد يمثل العنصر الأساسي في المعهد فأنا أدرس مادة التمثيل وهي أهم مادة وتنطوي تحت هذه المادة عدة مواد على سبيل المثال الصوت والإلقاء والليونة، و"أحمد قشقارة" يدرس المواد النظرية فهو خريج نقد وتحليل نص من المعهد العالي، بالإضافة إلى أساتذة زائرين من "دمشق" وهم بالطبع أكاديميون وخريجين المعهد العالي للفنون المسرحية أيضاً، فيقومون بعقد لقاءات مع الطلاب ولكل منهم أسلوبه، وأنا أحبذ هذا التنوع بالأساليب، ويوجد في المعهد أربع صفوف والذي يدرس في السنة الأولى من المعهد العالي يدرس في الصف الأول في معهد القباني».

وعن تعلقه بالجيل الشاب ووقوفه الدائم إلى جانبهم، يتحدث "شانا": «أتمنى وأملي كبير بتغيير الواقع المسرحي في اللاذقية، كما انه يجب فتح النافذة على ضخ دماء جديدة في الحياة المسرحية، وأعتقد بأن الجيل الجديد ذكي ويمتلك القدرة على الإبداع والنجاح ولكن ذكائه موجه إلى أشياء أخرى وإلى أشياء مادية متدنية، ويستثنى من ذلك قلة من هذا الجيل ما زال يعمل على الطريق الصحيح».

هو مخرج بارع بشهادات الكثيرين من العاملين بحقل التمثيل والاخراج، ولكن "شانا" لم يظهر كممثل مسرحي ومشاركاته قليلة بالتلفزيون، يعزو "شانا" هذا البعد عن التمثيل: «أنا خريج قسم التمثيل وقد مثلت العديد من الأدوار خلال الدراسة ومشاريع التخرج وقبل ذلك عملت في مسرح الشبيبة ممثلاً ومخرجاً، ولكن بعد التخرج لم أعمل ممثلاً على الإطلاق وانا أتوق للعمل كممثل، شرط أن يكون العمل مميز».

كان سابقاً مديراً للمسرح القومي وفي ذات الوقت كان يعمل في الإخراج، فكيف لفنان ومبدع مسرحي أن يجمع ما بين الإبداع والإخراج والإدارة ضمن حقل واحد، هو الثقافة، يجيب "شانا": «أنا أرى إن الإدارة والإخراج متشابهان تماماً، فأنا في عملي المسرحي مدير، وعندما يكون المخرج مديراً قادراً على أن يتحسس الأخطاء بشكل أكثر من غيره، فسيكون ناجحاً وأنا لا أقبل إن يكون هناك خطأ بالصورة العامة للعملية الحياتية التي أعيشها وخصوصا إذا ما كانت في مكان واحد كالمسرح مثلاً».

يقول الدكتور "عجاج سليم" مدير "المعهد العالي للفنون المسرحية" عن إبداع المخرج "لؤي شانا" بالقول: «مخرج ومسرحي مجتهد وأثبت حضوراً فنياً متميزاً وإنسانياً أيضاً والمستقبل لا يفتح أبوابه إلا للمجتهدين أتمنى له التوفيق والنجاح الذي يستحقه».

يبقى أن نشير في سطور إلى مسيرة عمل المخرج "لؤي شانا":

"لؤي جميل شانا" من مواليد "اللاذقية" /1972/.

خريج المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق عام /1998/

عضو في نقابة الفنانين في الجمهورية العربية السورية.

كُلف بإدارة المسرح القومي في اللاذقية بين عامي "2002 -2004".

كُلف بالإشراف على مسرح دار الأسد للثقافة في اللاذقية عام /2005/.

كُلف للمرة الثانية بإدارة المسرح القومي في اللاذقية في "6/9/2005".

رئيس لجنة مشاهدة العروض المسرحية باللاذقية منذ عام /2002/ ولغاية /2010/.

رئيس وعضو في العديد من لجان التحكيم الخاصة بالمهرجانات المسرحية المحلية.

قام بتأليف وإعداد الكثير من المسرحيات والمهرجانات المحلية.

شارك في بعض المهرجانات المسرحية الدولية والقطرية والمحلية.

ومن أعماله الكثيرة نذكر بعضها:

مسرحية "موت موظف" /عن قصة لتشيخوف/ عام /1999/.

مسرحية "أبو خليل القباني" عام /2000/.

مسرحية "الممثل" /عن قصة كالخاس لتشيخوف/ عام /2001/.

مسرحية "الباطوس" /عن المفتش العام لغوغول/ عام /2002/

مسرحية "أكشن" /2008/

مسرحية "كاريكاتير" (المأخوذة عن لوحات الفنان علي فرزات) /2008/.

مسرحية "حكاية بلا نهاية" (تأليف الفنان أسعد فضة ) /2010/.