يحمل الحاج "أبو علي" في ذاكرته البعيدة كثيراً من القصص والحكايات التي ترسم ملامح ماض يبحث عنه أبناء المدينة بكثير من الحنين واللهفة.

بتاريخ (18/06/2008)م توجهت eLatakia إلى منزل "الحاج سليم شريقي" (أبو علي)، الواقع في حي القلعة حيث استقبلنا بكثير من الود ودعانا للجلوس معه في شرفة منزله، المطلة على جامع المغربي، حدثنا عن ذكريات نشأته في رحاب مدينة اللاذقية، حيث كانت العمارة لا تمثل سوى مساحة عشرة بالمائة من المساحة الحالية يقول (أبو علي): "كان في اللاذقية مدرستين حكوميتين ابتدائيتين، إحداها تدعى مدرسة المأمون (القادسية حالياً)، والأخرى مدرسة "طارق بن زياد"، قرب جامع (البازار)، إضافة لمدرستي تجهيز هما البنين (جول جمال حالياً) والبنات (البعث حالياً).

أما المدارس الخيرية، فكان هناك مدرسة يمولها الدكتور المرحوم "نديم شومان"، هي (المدرسة الخيرية الإسلامية) ومدرسة أخرى هي (مدرسة الروم الاورثوذكس الخيرية) كانت تقع في شارع المثنى".

من شرفة منزل أبو علي

يذكر "أبو علي" عن فترة الحرب العالمية الثانية، ونتيجة لموجة الغلاء التي اجتاحت العالم حين ذاك، كيف اضطر لأن ينتقل من المدرسة الحكومية إلى المدرسة الخيرية، لتوفر القرطاسية، والحقائب بشكل مجاني، هكذا أكمل أبو علي" دراسته الابتدائية، قبل أن يخرج من المدرسة أيضاً تحت ضغط العامل الاقتصادي، على الرغم من أن اسمه كان في لوحة الشرف في المدرسة بين الطلبة المتميزين، حين ذاك انتقل "سليم" الصغير إلى العمل الميداني، حيث بدأ يعمل في مؤسسة (الريجي)، منذ ذلك الحين وبقي يعمل فيها لمدة طويل قبل أن يخرج للتقاعد.

يذكر "أبو علي" أربع من عيون الماء كانت تعرف في المدينة في تلك الفترة، إحداها خارج أسوار المدينة في منطقة تسمى حالياً باسمها (عين أم إبراهيم)، و(عين التمرة) تقع بقرب مطعم (سومر)، (عين ست لكس)، و(عين البحر).

زقاق في شارع أوغاريت

أما عن مداخل اللاذقية، فتحدث عن ثلاث بوابات متباعدة، تغلق مساءاً، وتفتح في الصباح الباكر، كما جميع المدن الشرقية، كان أحد هذه البوابات في حي (الشيخ ضاهر)، وبقربه جامع مازال حتى الآن يدعى بجامع البوابة، والبوابة الثانية هدمت في الأربعينيات من القرن الماضي تقع بقرب جامع (أرسلان باشا) في حارة الأشرفية (الشحادين سابقاً)، والبوابة الثالثة هي في حي القلعة أسفل التل، على يمين الدرج المؤدي إلى جامع المغربي، اثنين من هذه البوابات تم هدمها في وقت سابق بسبب توسع المدينة، في حين بقيت بوابة حي القلعة دون أن يصبها الضرر، وهي الآن تمثل مخرجاً من الحي إلى المقبرة التي تقع خلف الجامع من ناحية الشرق، وجميع ما هو خارج السور شرقاً كان عبارة عن مروج وبساتين زراعية، في حين تقتصر المدينة عد عدد صغير من الأحياء داخل السور، ويذكر "أبو علي" أنه في زمن رئيس الجمهورية تحت الانتداب الفرنسي (محمد علي العابد)، جرى تعداد سكاني لمدينة اللاذقية، كان بنتيجته أن عدد سكان المدينة لا يتجاوز (25) ألف نسمة.

"أبو علي" من مواليد عام (1929) أي أنه مع حلول العام القادم سيكمل عامه الثمانين (97) سنة وذاكرة "أبو علي" ليست من مما رآه فقط، بل هي ما حمله من كلام والده، فهو يكمل به الصورة عندما يغيب ركن من أركانها عن ناظريه.

جامع رسلان باشا 2005م