اعتادت الجرأة في اتخاذ القرارات المبنية على التفكير وتحديد الهدف، إضافة إلى دعم البيئة الصغيرة المحيطة بها منذ الطفولة ولغاية اليوم، حيث استطاعت طبيبة العيون "ريم عثمان" أن تحقق النجاح في مهنتها وصقل مهاراتها في المغترب، لتنتقل من الطبّ كمهنة إلى العمل بإدارة المستشفيات.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 28 شباط 2019، مع الدكتورة "ريم عثمان"، فتحدثت عن نشأتها وحياتها قبل الاغتراب قائلة: «ولدت ونشأت في مدينة "جبلة" القرية الصغيرة التي تحمل هوية مميزة وطبيعة مختلفة في العلاقات والروابط الاجتماعية القائمة على المحبة والتسامح، فقد درست الابتدائية في مدرسة التطبيقات في "جبلة" والإعدادية والثانوية في مدرسة "بلال مكية"، وتفوقت في الثانوية العامة وحصلت على المرتبة الأولى وبرز اسمي في "جبلة" حينئذٍ، كما كان والداي يحبّان العلم والتعليم ويشجعان عليهما وعلى ضرورة صنع أنفسنا ذاتياً؛ وهو ما ساهم بنضج مبكر لدينا كأطفال واستمر معنا أنا وإخوتي، فقد عشت في بيئة فخورة بعلمي وإخوتي ولديها الثقة بنا؛ وهو ما حفزنا على النجاح والتفوق».

الدكتورة "ريم" إنسانة طيبة القلب كانت الأولى دائماً في مراحل دراستها كافة، حصلت على شهادة الدكتوراه في طب العيون بدرجة ممتازة وسافرت للعمل، فأثبتت نجاحها وجدارتها، وعملت على صقل مهاراتها بسعيها الدؤوب ومثابرتها على مواكبة كل جديد يحقق لها النجاح، وكان لنشأتها وتربيتها ضمن عائلتها الدور في التوازن في حياتها العملية والمهنية

وتتابع الحديث عن دراستها الجامعية قائلة: «بعد تفوقي في الثانوية العامة سافرت إلى "دمشق" لأسجل الأبحاث العلمية، لكن قربي من أمي صاحبة الأثر في تربيتي وتكوين شخصيتي جعلني أغيّر قراري وأعود لأسجل الطب البشري بجامعة "تشرين" في "اللاذقية"، وفي السنة السادسة تفوقت على دفعتي وحصلت على المرتبة الأولى بتقدير امتياز 95%، وتخرجت عام 1996، بعد ذلك درست اختصاص طب العيون وجراحتها، وكنت من الطالبات المميزات، ثم حصلت على ماجستير طب العيون عند الأطفال عام 2001».

د. ريم عثمان في نشاط طبي

كل مرحلة كانت بالنسبة لها بداية جديدة، وخاصة مرحلة السفر والعمل التي كانت بوابة لمراحل أخرى، وتقول: «تعلمت تقسيم حياتي إلى مراحل، وكل مرحلة يجب أن تكون أفضل من سابقتها، وبعد أن أنهيت دراستي الجامعية والاختصاص شجعتني أختي على السفر للعمل بالمستشفى الذي يعمل به في "جدة"، ولم تكن فكرة السفر واردة في تلك المدة، فاتخذت القرار بالسفر، وبقيت أعمل في المستشفى ثلاثة أعوام، ثم انتقلت للعمل بالمستشفى "الألماني السعودي" لمدة عام، ولن أغفل العامل الأساسي الذي ساعدني على السفر، الذي تجسد بتشجيع والدتي على السعي لبناء المستقبل والنجاح وتطوير نفسي، وتشجيع جدتي التي كانت مصدراً محفزاً من خلال مسيرتها العملية الحافلة بالصعوبات والتحديات ودعمها المعنوي لي، وساهمت نشأتي في النجاح من خلال تقبل الآخر والاعتدال بكل شيء، كما صقل السفر شخصيتي والتفكير بإيجابية في التطور المهني والصفاء النفسي».

وتضيف قائلة: «بعد عام من وجودي في "السعودية"، جاءتني بعثة من جامعة "تشرين" لإكمال دراستي وأخذ دكتوراه في طب العيون من "فرنسا"، وكنت أحتاج إلى جرأة في اتخاذ القرار بعدم العودة وإكمال مسيرتي بالعمل في "السعودية"، فقد اتبعت الصوت الباطني بداخلي الذي يوجهني دائماً، وعملي في المستشفى "الألماني السعودي" من المحطات المهمة في حياتي الشخصية والمهنية، ثم تزوجت من مؤسس مستشفيات السعودي الألماني المهندس "صبحي بترجي"، وانتقلنا للعيش في "دبي"، وجدت نفسي بحاجة إلى أخذ إجازة من العمل في الطب كمهنة، وقررت دراسة ماجستير بإدارة الأعمال، حيث كنت أحبّ أن أتعلّم كل جديد باستمرار».

رحلة الإدارة لم تأتِ من فراغ، لكن عملت الطبيبة "ريم عثمان" على تكريس مهاراتها ومعارفها العلمية في سبيل النجاح، فتقول: «بعد أن أنهيت ماجستير إدارة الأعمال في "دبي"، أصبحت أعمل بالمكتب التنفيذي في مجموعة "السعودي الألماني" كمراقبة ومحللة مالية، وتم افتتاح المستشفى "السعودي الألماني" في "دبي" لاحقاً، فتسلمت المدير الاستراتيجي، ثم المديرة التنفيذية، فقد تعلمت إدارة المستشفيات من زوجي من خلال مراقبتي له ولعمله، فوثق بمهاراتي في القيادة والإدارة الناجحة، وتسلمت إدارة المستشفى عام 2012 في "دبي"، وبعد التوسع أصبحت المديرة التنفيذية لمجموعة مستشفيات "السعودي الألماني" في "الإمارات" جميعها».

كانت الدكتورة "ريم عثمان" قدوة جيدة في الحياة والعمل، وتركت بصمة خاصة ترجمتها بالنجاح والتكريم، وهنا تقول: «حققت نجاحاً ونتائج إيجابية على مستوى "الإمارات العربية المتحدة" والشرق الأوسط، ونلت جائزة "المرأة العربية" في "دبي" منذ سنوات، وجائزة أفضل مديرة تنفيذية من بين مجموعة أفضل مديرين تنفيذيين، وصُنفت رقم 15 بلائحة أهم 100 شخصية في "الإمارات"، ورقم 30 بلائحة أهم 100 امرأة بالشرق الأوسط، كما أعمل بالمجال الخيري والتطوعي، وسفيرة لمنظمة "زايد العطاء" التطوعية».

كما تواصلت مدونة وطن مع المحامي "آدم علوش"، فتحدث عن معرفته بالدكتورة "ريم عثمان" قائلاً: «الدكتورة "ريم" إنسانة طيبة القلب كانت الأولى دائماً في مراحل دراستها كافة، حصلت على شهادة الدكتوراه في طب العيون بدرجة ممتازة وسافرت للعمل، فأثبتت نجاحها وجدارتها، وعملت على صقل مهاراتها بسعيها الدؤوب ومثابرتها على مواكبة كل جديد يحقق لها النجاح، وكان لنشأتها وتربيتها ضمن عائلتها الدور في التوازن في حياتها العملية والمهنية».

أما الدكتورة "حسين مصطفى" استشاري أمراض القلب التداخلي في المستشفى "السعودي الألماني" في "دبي"، يتحدث عنها قائلاً: «كانت معرفتي بالدكتورة "ريم عثمان" من أجمل المصادفات التي تعرضت لها في رحلة الغربة الأخيرة؛ وذلك في معرض البحث عن عمل بداية عام 2013، حيث زرت المستشفى "السعودي الألماني" وقدمت سيرة ذاتية، وذهبت لمقابلتها، وكان اللقاء بها يشبه لقاء المغترب بأحد أفراد عائلته، وكانت تعكس في كلماتها وفي عينيها عراقة بلد وتاريخ أمة، شديدة اللطف وعالية الثقة بنفسها، تعرف ما تريد وتحسن الحكم على الناس وتتقن تقييم الدرجات العلمية والخبرات وانضمت إلى هذه المؤسسة الرائدة علمياً، ومنذ ذلك الحين ومع توالي الأيام تعرفت أكثر إلى الطبيبة "ريم"، وكنت ولفيف من زملائي السوريين في المستشفى نشعر بالفخر لكون هذه الدكتورة الناجحة والمتألقة على كل الصعد سوريّة الأصل واللون والهوى، فما أجمل أن ترى بنت البلد تضيف في كل يوم وساماً إلى صدورنا جميعاً بنجاحاتها المتتالية، لقد حولت هذا المستشفى الحديث العهد إلى أهم مؤسسة صحية في القطاع الخاص في "دبي"، فكانت نموذجاً يحتذى، وسباقة في تحقيق الكثير، ولا أغالي إذا قلت أن المشافي المنافسة تقلد أفكارها وتحذو حذوها محاولة تحقيق ذات القدر من النجاح، وهي ببساطة نموذج للنجاح السوري في المهجر وصارت واحدة من أهم سيدات الأعمال في العالم العربي، ولا يفوتني أن أذكر أنها تعمل هنا، وعينها على "سورية" الوطن الأم، وأعرف أنها تفكر في عمل شيء مميز من أجل "سورية" في الوقت المناسب».