مع انطلاق الساعات الأولى لأحداث الشغب والتظاهرات التي حصلت في سورية مؤخراً، علم السوري المكيدة التي لم تخفى عنه، ولم يجهلها الفلاح والراعي والبائع الجوال وكل بسيط يعيش على أرضنا الحبيبة، لم تخف عن الطفل وعن الشيخ والنسوة اللواتي اجتمعن عند أبواب الحارات ليتحدثن دون العدسات في حوار عفوي يتناولن كل صباح ما يجري في بلدهم وما تفعله القنوات المغرضة باستقرارهم وأمنهم.

كيف تعامل السوري مع الأزمة ومحنتها وطريقة تعاطي الإعلام الذي استحل يوماً ما مكانة وموقعاً مرموقاً لدى السوريين.

لا بد لحالة الوعي التي كانت موجودة في المجتمع السوري منذ بدء الأحداث أن ترتقي إلى حالة ثبات وتمسك بكل مفردات الوطن من حفاظ على منشآته وصيانة مؤسساته والعمل على بناء الإنسان الذي يصبح رفض الفساد والتخريب واحترام هواء وطنه قبل شوارعه جزءا من لا وعيه، وكما خرج من خرج تحت شعار "الحرية"، لا بد من إيجاد توصيف دقيق لهذا الشعار، حيث إننا وإن عشقنا حريتنا فإنها لا بد أن تقف عندما تبدأ حرية الآخرين

اليوم ومن خلال استطلاع للرأي قام به eSyria نتعرف ماذا تحدث الشارع في "اللاذقية" عن دور تلك القنوات في التحريض على الإنقسام والقتل والفتنة ما بين الاخوة.

الاب جهاد ناصيف

يقول مدير الثقافة في "اللاذقية" الأستاذ "اسكندر ميا":« لعب الوعي عند الجماهير خاصة في المجتمع السوري دوراً كبيراً في فهم ما يجري في سورية من أحداث، هذا الوعي ليس نتيجة الحدث الذي حدث إنما نتيجة تربية تلقاها السوري منذ زمن بعيد سواء عن طريق المنظمات أو النقابات أو المجتمع الأهلي، والمعروف عن السوري حبه لإنتمائه سواء كان الإنتماء للوطن أو لتراب هذا الوطن ولحبه لقائده بشكل عام هذا الإنتماء ناتج عن الوعي بالدرجة الأولى وهذا الوعي جعل الجماهير تفهم ما يحدث منذ الأيام الأولى وأن سورية لم تكن يوماً ولن تكون في المستقبل هكذا، أي استطاع الشعب السوري نتيجة وعيه أن يحلل هذه الأحداث ويعلم أنه لابد من وجود مؤامرة وذلك في الأيام التي تلت الأسبوع الأول والسبب أن السوريين بشكل عام يعيشون حياة استقرار منذ أكثر من أربعين عاماً».

الصحفية "يونا زود" تحدثت عما استوقفها في بعض مواقف الشباب، لتقول: «رأيت الشباب السوري الذي اكتشف المكيدة منذ بداياتها بالتعاون مع الإعلام الوطني الذي أبدع في كشف أخطاء الإعلام المغرض بكل سذاجته، فما فتئ يردد على صفحاته (أي الشباب) التي تلونت بشتى عناوين الرغبة بالانتقام من كل من أسر حريتهم تحت داعي الحرية وسواها فكان لسان حالهم يقول (كرهنا كلمة حرية) لأنهم شوهوا مضمونها واستباحوا تردادها على ألسن لا تعرف معناها الحرية بالنسبة لنا الأمان وبالنسبة لهم التخريب والترهيب واستباحة فكر الآخرين وثقافتهم والتعدي على حرياتهم وممتلكاتهم الشخصية، كل هذا وأكثر جعلنا أكثر ثقة بموقفنا وأكثر ثباتاً بقيادتنا وأكثر جموحاً بحلم النصر القريب وحققنا هذا سريعا بالمحبة والوحدة الوطنية صحيح أننا بكينا كثيرا وتمزقت نفوسنا على من قضوا دفاعا عن أمننا وأماننا إلا أن أرواحهم الطاهرة لم تذهب سدى بل إنها حفرت في قلب كل سوري شريف وسيخلدها التاريخ».

"بادية حسن" تحدثت عن رأيها بما عايشته خلال هذا الأزمة، لتقول:«لا بد لحالة الوعي التي كانت موجودة في المجتمع السوري منذ بدء الأحداث أن ترتقي إلى حالة ثبات وتمسك بكل مفردات الوطن من حفاظ على منشآته وصيانة مؤسساته والعمل على بناء الإنسان الذي يصبح رفض الفساد والتخريب واحترام هواء وطنه قبل شوارعه جزءا من لا وعيه، وكما خرج من خرج تحت شعار "الحرية"، لا بد من إيجاد توصيف دقيق لهذا الشعار، حيث إننا وإن عشقنا حريتنا فإنها لا بد أن تقف عندما تبدأ حرية الآخرين».

من هنا نرى ما استطاعه السوري من خلال تفهمه تلفيق القنوات المغرضة بالمقارنة بين الأحداث في الشارع وما يقال على شاشاتهم بكل بساطة، وخصوصا أن السوري بكل ما تعنيه كلمة سوري يعرف ويدرك تماماً كل أمكنته وطني الجميل والامن.

في شرح تفصيلي لما كان عليه مجتمعنا المحلي جراء ما حدث به خلال المحنة الأخيرة، يتحدث الأب "اسبيردون فياض" تحدث لموقعنا: «أن المجتمع السوري بشكل عام واللاذقاني بشكل خاص مجتمع مثقف واع يستقرئ الأخبار وما وراءها ومن وراءها ويعرف جيدا أن فكرة المؤامرة حقيقة واقعة وليست عقدة وبالتالي فهو لم يكن غائباً عن المجريات التي ألمت ببعض الدول العربية مؤخراً والتي تسارعت مجرياتها وانتشرت كالنار في الهشيم وكان باللا شعور يقارن ما بين الوضع في سورية والوضع في مصر على سبيل المثال، فوجد أنه لا مجال للمقارنة فسورية مستهدفة رئيساً وشعباً وموقعاً نسبة لمواقفها الداعمة لحركات المقاومة الشريفة ضد الكيان الصهيوني وهذا ما جعل السوريين يلتفون حول قيادتهم وعكس هذه المواقف جعلت الشباب المصري ينتفض على رئيسه كما ميز الشارع السوري المطالب المحقة له والتي نناشد بها كلنا شعباً ورئيساً وبين الشعارات الطنانة التي رفعها المتظاهرون في "اللاذقية" والتصرفات غير السلمية التي قاموا بها بأيادي سورية وأجندة مختلطة».

يضيف الأب "فياض": «من منا لا يطالب بالحرية والاصلاح ورفع المستوى المعيشي والقضاء على الفساد؟ وهذه المطالب يقود مسيرتها السيد الرئيس بنفسه، ولكننا نريد أن نصنع التغيير الذي بدأناه مع رئيسنا بأيدينا وبإرادتنا لا بإرادة خارجية مغرضة تملي علينا مصالحها الشخصية، كيف استطاع الخروج من هذه الأزمة والانتصار على مخططات المؤامرة الخارجية بالإدراك فالمجتمع اللاذقاني بعد أن أفاق من الصدمة التي أصابته بسبب الدعوة للثورة من خلال صفحات الفيس بوك مثلا أو دعوات من يدعون بأنهم من حقوق الانسان وناشطين تكشف لاحقا أنهم كانوا مطلوبين بتهم وبعد أن رأى من نزلوا ليطالبوا بالحرية بشكل غير سلمي وبعد أن لبى السيد الرئيس مطالبهم ورغم ذلك ثابروا في كل جمعة على مظاهراتهم وعلى مطالبهم التي لبيت أصلا ولم يكتفوا بذلك بل تسلحوا بالدعوات الطائفية والتخريب وترويع الأهالي وتهديد الأمن العام وقتل المدنيين والعسكريين والتمثيل بجثثهم لذلك كان الشارع السوري الواعي متحسباً لتلك الهجمة التي قادتها وسائل الإعلام المغرضة ولم تدم صدمته طويلاً بل سارع لمواجهة هذه الهجمة بالوقوف إلى جانب رئيسه والدفاع عن وجوده على أرض سورية الحبيبة خرج الشارع مدفوعاً بخوفه على وحدته الوطنية وعلى عيشه المشترك الذي تتبناه سورية منذ آلاف السنين».

وعن مدى ثقة الشعب السوري بقيادته، والطرق التي حمته من الفتنة، تحدث الأب "فياض": «خرج الشارع من الأزمة بسبب ثقته بقيادته الحكيمة وبقدرته على تخطي الأزمات بحكمة ووعي كبيرين ولأنه واثقاً من أن الفساد لا دين له وأنه لا يميز بين طائفة وأخرى خرج لأنه سأل نفسه السؤال السحري وعرف إجابته وهو لماذا تباطأت عجلة الإصلاحات في سورية الجواب هو أن سورية المستهدفة لم تستطع أن تستفيق من دوامة المؤامرات المتتالية إلى اليوم ورغم ذلك سورية قيادة وشعباً كانت تنهض في كل مرة أقوى وأفضل والإصلاحات ولو أنها تأخرت ولكنها لم تتوقف ونحن عشناها ولمسناها اقتصاديا وإجتماعياً وعلى كافة الصعد».

الأب "جهاد ناصيف" يطرح حلاً يساهم في تطوير الإعلام الوطني، ويجعله قويا ومتحضرا لمجابهة أي حرب إعلامية: «نستطيع أن نطور الاعلام السوري في عدة محاور منها أن يسمحوا لنا في الإعلام إن نسب بعضنا بمحبة، أن يجدد الإعلام السوري من المحاورين والمذيعين وأن يجد اختصاصيين من المذيعين، الرأي والرأي الآخر، الإعلام الآخر يعطي الأكشن الذي يشد المشاهد بغض النظر عن مصداقيته نحن لدينا المصداقية ولكن نفتقد للتشويق لقد كنت في قلب الحدث عندما كانت تذيع الجزيرة والعربية وغيرها الاخبار الكاذبة عن الوضع في "اللاذقية" مثلاً وعتبت على نفسي لأنني كنت في السابق أتابع وأصدق مثل هذه المحطات الكاذبة، لقد شارك هذا الإعلام في إسقاط الأنظمة ولكن هذا الإعلام سقط في سورية، بسبب وعي المواطن السوري وقدرته على كشف الحقائق».