تركت الأزمة الراهنة على المنتج السوري بمختلف تنوعاته تأثيرات كبيرة، سواء من جهة الحاجة إلى التصدير، أو من جهة ضرورة تلبيته لحاجة السوق المحلية، وبينهما ما يزال مصمماً على البقاء في دائرة الضوء.

هذه الصناعات التي كانت تغطي مساحة واسعة من البلاد تغيرت خارطتها كثيراً، عدا ذلك فإن المنتج الذي تقدمه وقع بين ناري الاستهلاك المحلي والحاجة إلى الوجود في الأسواق الخارجية، من هنا كان لزاماً عليها البحث عن حلول لهذه المشكلة.

إن سياسات الحصر والحماية للعديد من القطاعات الصناعية جعلت من المنافسة أمراً محدوداً فلم تسعَ تلك الشركات إلى تطوير نفسها فنياً عبر استقدام التكنولوجيا المتقدمة التي تقود إلى خفض التكاليف وإنتاج سلع ذات مواصفات فنية عالية يتناهى الخطأ فيها إلى الصفر عبر مراقبة الإنتاج باستخدام تقنيات الحاسوب

يقول الصناعي "محمد حسن" صاحب مشغل لصناعة الألبسة في "اللاذقية" في حديث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 آب 2015: «هناك حاجة ماسة لنا للتصدير كما للسوق المحلية، التصدير يؤمن لنا القطع الأجنبي اللازم للاستمرار بالعمل وصيانة الآلات، وتقديم اسم الصناعة السورية في الخارج كما كانت قبل الأزمة، غاية التصدير هي غاية كل شركة صناعية أو غير صناعية، خاصة عندما يكون منتجها موجهاً لقطاع واسع من المستهلكين، أما المستهلك المحلي فهو أيضاً ضمن الهدف، لكن التعامل معه يختلف بحكم نوعية السوق المحلي المرتكز على السعر والجودة معاً».

محمد حسن

مشكلات كثيرة تعترض المنتج المحلي ونقله بين المحافظات وتصديره خارجياً، يجملها الصناعي "حسن" في التالي: «عدم استقرار سعر الصرف يؤثر كثيراً في عدم تمكننا من تثبيت البيع مع الشركات الأجنبية أو الأفراد في البلدان التي نصدر إليها، يحدث أحياناً عدم توافر وسائل النقل إلى تلك البلاد؛ وهو ما يضطرنا إلى اعتماد شركات وسيطة وبالتالي ارتفاع في تكلفة المنتج المصدر، فضعف منافسته أمام المنتجات من نفس النوعية المنتجة في بلاد أخرى.

أما محلياً فإن مشكلات النقل بين المحافظات تؤثر بنقلنا للإنتاج إليها؛ وهذا يكلفنا أعباء إضافية تنعكس سلباً على المستهلك المحلي تتمثل بارتفاع الأسعار غير المبرر بالنسبة للمواطن، لكونه منتجاً محلياً بالأساس ويفترض أنه أقل في التكلفة من المنتج المستورد».

لا تنحصر مشكلات الإنتاج المحلي في النقل، فعدم القدرة أحياناً على تأمين المواد الأولية اللازمة يفضي إلى توقف بعض المنشآت، يذكر "عبد الكريم ريحاوي" صاحب منشأة لتصميم وصناعة ألبسة الجينز في "اللاذقية" أن من أكبر العوائق أحياناً تأمين المادة الأولية ذات الجودة العالية التي يجب استخدامها للوصول إلى الشروط التصديرية الملائمة، ويضيف: «يختلف ذوق المستهلك المحلي عن المستهلك الخارجي بسبب اختلاف الثقافات، وهذا طبيعي، من هنا فإن الناتج المحلي عليه أن يكتسب وينوع في حالتنا مثلاً بين المحلي والعالمي، وسابقاً كان لدينا تخمة من نوعيات الأقمشة المصنعة محلياً؛ فقد كانت تفي بكامل العرض وهي ذات سمعة عالمية لا تضاهى، ونتفاءل اليوم بعودة جزء منها إلى العمل وتوطين بعضها الآخر في مناطق جديدة مثل الساحل السوري».

في السوق العالمية هناك منافسة شرسة لطيف واسع من المنتجات المتشابهة، والجودة التي يقدمها المنتج المحلي ليست كافية في ظل الحاجة الماسة إلى التسويق باستخدام أحدث التقنيات العالمية من إعلان وغيره، يذكر "كمال الدين طعمة" وزير الصناعة السابق في حديث له: «إن سياسات الحصر والحماية للعديد من القطاعات الصناعية جعلت من المنافسة أمراً محدوداً فلم تسعَ تلك الشركات إلى تطوير نفسها فنياً عبر استقدام التكنولوجيا المتقدمة التي تقود إلى خفض التكاليف وإنتاج سلع ذات مواصفات فنية عالية يتناهى الخطأ فيها إلى الصفر عبر مراقبة الإنتاج باستخدام تقنيات الحاسوب».

يحتاج المنتح المحلي إلى مزيد من العناية والاهتمام ووضع خارطة طريق جديدة له تتيح الوصول السريع إلى المستهلك المحلي كما الخارجي وفق معايير جديدة تعتمد مبدأ العناقيد الصناعية؛ أي تلك المنشآت المتكاملة في منطقة واحدة.