نجحت صناعة الدواء السوري في محاولتها تلبية حاجة المواطنين على الرغم من قسوة ظروف الإنتاج ومنعكسات الأزمة عليها، وصولاً إلى محاولة استعادة الثقة بهذا الدواء مرة جديدة.

تعرضت الصناعة الدوائية لكثير من المشكلات الحقيقية التي أثرت في توزع معاملها ونوعية الإنتاج، وامتدادها الجغرافي على مساحة البلد، وبدأت مشكلاتها بعد سنوات من الاستقرار والتمدد العالمي ليس فقط بتعرض معاملها للسرقة والتخريب، وحتى نقل آلاتها إلى الدول المجاورة، بل وبمحاصرتها عالمياً بعدم السماح لهذه المعامل والمؤسسات باستيراد المواد الأولية اللازمة لعملها.

كذلك فإن توقف عدة معامل قلل من الكميات المنتجة، وأثر في سوق البدائل والنوعية، الآن معظم المعامل أغلقت والنوعية المتوافرة ليست بالجودة المقبولة، وليس هناك مراقبة لصيقة، ولم يعد الأمر كما كان على الرغم من أن الدواء ما زال متوافراً بوجه عام، لذلك فإن موضوع التصدير باعتقادي غير وارد الآن

الدكتورة "ميساء علي" المدرسة في "المعهد الطبي التقاني" في جامعة "تشرين"، تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 أيار 2015، قائلةً: «أغلب معامل الأدوية تعرضت لعمليات تدمير ممنهج من قبل الجماعات الإرهابية، خاصة معمل "تاميكو" في "دمشق"؛ الذي كان يلبي قسماً كبيراً من احتياجات السوق المحلية، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي لأوقات طويلة؛ وهو ما أثر في شروط حفظ الأدوية، وتبعها طول مسافات النقل بين المحافظات، ومع ذلك كله بقيت الأدوية السورية بوضع مقبول جداً في ظل الأزمة الراهنة، وكان ارتفاع الأسعار معتدلاً».

د.ميساء علي

لقد أثبت الدواء السوري فعاليته في ظل المراقبة اللصيقة لتركيز المادة الفعالة ومدة الصلاحية، الأمر الذي جعله كما تقول الدكتورة "علي": «آمناً وموثوقاً من قبل المواطن السوري، لدرجة نضطر إلى تنبيهه أكثر من مرة لقراءة تاريخ الصلاحية، وهذه الثقة انسحبت على العديد من دول العالم التي كانت تستورد الأدوية السورية لفعاليتها ورخص ثمنها، ولكن تصرفات بعض الأطباء تحاول زرع الشك في نفوس المرضى بإصرارهم على شراء الأدوية الأجنبية؛ لأن المحلية -على حد قولهم- غير فعالة، وهذا الكلام يطرح الكثير من التساؤلات حول الغاية الحقيقية من هذه التصرفات غير المهنية».

في نفس الوقت الذي قاومت فيه الصناعة الدوائية مشكلاتها المحلية، كانت تتعثر في محاولتها الامتداد خارجاً أثناء الأزمة، ورغم السمعة الطيبة لها خارج البلد، إلا أن الظروف الموضوعية المرتبطة منعت تحقيق التقدم المطلوب، تقول الصيدلانية "رانيا عباس": «الدواء السوري قفز قفزات نوعية قبل الأزمة وأمّن حاجة شبه كاملة للسوق المحلية، إضافة إلى سوق تصدير واسعة وثقة مقبولة جداً خارجياً، فقد كان لدينا أدوية ممتازة رغم وجود بعض الشركات السيئة، ولكن لم يعد هناك إمكانية حالياً لتصدير كميات كبيرة منه بسبب الظروف الراهنة التي تمنع ذلك، سواء تعلق الأمر بالكمية أم بالنوعية، ومع صعوبة الوصول إلى الخارج تبعاً للعقوبات الاقتصادية على البلد».

د.ميشيل عرنوق

معوقات كثيرة واجهتها هذه الصناعة بشجاعة تشكر عليها، ولكنها حاولت تجاوزها بكثير من الصبر والحكمة، وحالياً تم منح تراخيص لعدد لا بأس به من معامل الأدوية في الساحل السوري لتدارك النقص، الأمر الذي يعيد إلى خارطة الدواء بعض المنطقية، وهذه الخطوات المهمة كفلت لسوق الدواء السوري الاستقرار إلى حد ما؛ كما يقول الدكتور "ميشيل عرنوق": «كذلك فإن توقف عدة معامل قلل من الكميات المنتجة، وأثر في سوق البدائل والنوعية، الآن معظم المعامل أغلقت والنوعية المتوافرة ليست بالجودة المقبولة، وليس هناك مراقبة لصيقة، ولم يعد الأمر كما كان على الرغم من أن الدواء ما زال متوافراً بوجه عام، لذلك فإن موضوع التصدير باعتقادي غير وارد الآن».

في المحصلة، يحتاج سوق الدواء السوري إلى مزيد من العناية والاهتمام كي يبقى محافظاً على حضوره في حسابات المواطن السوري ولا يضطر إلى الدخول في لعبة الدواء المستورد؛ الذي يستغله بعض الأطباء كما الصيادلة لتحقيق أرباح خيالية وضرب سمعة الدواء المحلي؛ خاصة بوجود بدائل محلية لعدد كبير من الأدوية العالمية ذات السعر المرتفع.

من شركة تاميكو المعروفة