مع التغيرات المتسارعة في عالم التكنولوجيا وعلاقتها المباشرة بالتعليم، تغيرت الصورة التقليدية لوسائل الإيضاح التعليمية المرافقة، وأصبحَ لزاماً تغيير ما يتبعها من سلوك تربوي وتعليمي للمدرس والطالب في آن واحد.

التعليم وفي كل مراحله، مع ما يلحقه من وسائل تربوية لإيضاح مشكلاته وتجاربه والوصول إلى فهم مثالي لمضامينه؛ قضية شغلت بال الكثيرين من فلاسفة التربية والتعليم، فيرى شيخ التربويين الروسي "ماكارينكو" في كتابه "قصيدة تربوية" أن الوسائل التعليمية لا تقل أهمية عن العلم نفسه، وقد أضاف تغيير المناهج السورية الأخير الكثير من المشكلات تجاه هذه القضية.

فعلى سبيل المثال، "يمكن لمدرس أن يختار مما حوله ما يساعده على الأمر، قد يكون الساحة المدرسية لشرح مفهوم المساحة فينزل مع الطلاب إليها لشرحه، ومثله مفهوم المحيط والهرم وغير ذلك، وقد يكون في حال المرحلة الثانوية مثلاً عروض لشرائح عبر الحاسوب، أو حتى جولة افتراضية في برنامج ثلاثي الأبعاد مثل "غوغل إيرث"

قلة من المدرسين من يعدون المنهاج الدراسي كافياً دون وسائل إيضاح مناسبة، لعل ذلك يتبع الاختصاص، فبعض المواد لا تحتاج إلى وسائل إيضاح بحكم طبيعتها، ولكن كثيراً غيرها يحتاج، تقول المدرسة "نجوى غانم" (إنكليزي مرحلة أولى) في حديث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 26 آذار 2015: «إن اللغة التي لم تكن تحتاج سابقاً سوى للحفظ والإظهار، تغيرت طرائق تدريسها وباتت بحاجة إلى وسائل إيضاح، منها الصوت والفيديو والصورة والمحاكاة، وهو ما تضمنه المنهاج الجديد الذي حاول تحقيق الأمر معتمداً على إمكانيات متاحة لدى أغلب المدارس، وكل هذه الطرائق باتت أقرب وأكثر فاعلية للعملية التعليمية مما كان سابقاً».

الآنسة نجوى غانم مع طلابها

ورغم المحاولات الحثيثة للنظام التربوي السوري للحاق بالتغيرات العالمية لوسائل الإيضاح، إلا أننا ما نزال في مرحلة ذات جودة أقل مما يراد حقيقة، تضيف "نجوى" قائلةً: «لم تعد الطرائق التقليدية في الإيضاح تكفي، ولا المناهج تكفي، خاصة في ظل أزمة المدارس التي نعاني من ازدحامها بسبب الأزمة الراهنة، هناك حاجة من المدرس إلى ابتداع وسائل من قلب وروح تجربته التعليمية، وعليه يقع عبء استثمار كل الطاقات المتاحة لإيصال المفاهيم التعليمية بسهولة ويسر، كذلك يقع على الأهل مساعدة المدرسين، وهو ما نلحظه في المنهاج الجديد خاصة لأطفال المرحلة الأولى في تعليمهم بعض المفاهيم التجريدية؛ كما في الرياضيات مثلاً للصف الأول والثاني».

على أن هناك من المدرسين من لا يفضل الوسائل التعليمية أو لم يقدر على مجاراة التطور الحاصل في هذا الأمر، فالنظام التربوي الجديد بني على أساس تفاعلي، تضيف الآنسة "نجوى" في حديثها: «من الضروري تدريب المعلمين والمدرسين لمجاراة الوسائل التقنية الحديثة، إن الحصة الدراسية 40-45 دقيقة، وبوجود الأعداد الزائدة من الطلاب من الصعب استخدام وسيلة تعليمية بطريقة صحيحة، أو تحقيق كل الفائدة المرجوة منها، وهنا تظهر لدينا مشكلتان: الأولى وجود وسائل وعدم القدرة على استخدامها بطريقة صحيحة نتيجة الوضع الحالي للمدارس، وخاصة أن المنهاج الجديد وضع على أساس نظام التعلم التفاعلي، والثانية أن بعض المدرسين ليس لديه المقدرة أو الرغبة بالتعلم، أي يغيب التفاعل بينه وبين الجيل الجديد الذي له حاجيات تربوية مختلفة عن سابقه».

إيهاب ريحان مع تعليم GPS

لا تنحصر أهمية وسائل الإيضاح في طرف المتعلم فقط، فهي تقدم للمدرس مستوى جديداً في نقل المفاهيم التربوية والتعليمية بطريقة سلسة، يوضح مدرس الجغرافية "إيهاب ريحان" قائلاً: «لنأخذ مفهوم الكرة الأرضية نموذجاً للشرح، بوجود مجسم لها، يصبح شرح المفهوم أبسط، ويصل المراد إلى المتعلم بطريقة لا تحتاج إلى كثير من التعب الذهني، كذلك لا يحتاج المدرس إلى كثير من الشرح لإيصال مفهوم مثل الكرة والأرض ونسبة المياه على اليابسة، ..إلخ، فالكرة أمامه، وعليها التضاريس والحدود والقارات وغير ذلك، هنا يعرف المتعلم عدة مفاهيم مجردة بطريقة تدخل الإفهام بسهولة، لنتخيل أننا نشرح المفهوم دون وجود هذه الوسيلة، كم سيكون الأمر صعباً على الطرفين؟».

يبتكر المدرس أحياناً وسائل إيضاح أخرى قد تكون من قلب البيئة وهو ما يساعد في العملية التربوية، يضيف المدرس "ريحان": «فعلى سبيل المثال، "يمكن لمدرس أن يختار مما حوله ما يساعده على الأمر، قد يكون الساحة المدرسية لشرح مفهوم المساحة فينزل مع الطلاب إليها لشرحه، ومثله مفهوم المحيط والهرم وغير ذلك، وقد يكون في حال المرحلة الثانوية مثلاً عروض لشرائح عبر الحاسوب، أو حتى جولة افتراضية في برنامج ثلاثي الأبعاد مثل "غوغل إيرث"».

من وسائل التعليم للصغار

المستفيد الأكبر من هذه العملية هو الطالب، وبفضلها تتغير الصورة التعليمية من عملية جامدة إلى بنيان متكامل يجمع الصورة المجردة مع الحالة العملية، يقول الطالب "عبد الله جولاق" (صف تاسع) إن استخدام وسائل الإيضاح في الدروس يساعده كثيراً على إتقان الدروس والتقليل من الوقت المطلوب لفهمها وحفظها، ومع توافر الحواسيب في أغلب المدارس أصبحت الوسائل متاحة على شبكة الإنترنت كثيراً، إلا أن "مدارسنا تعاني من غياب الإنترنت اللازم الذي يساعد في فهم الدروس جيداً"».