الأماكن برمزيتها ودلالتها لا بأحجارها وأرضها فقط، هكذا يقول أهالي قرية "بطموش" عندما يتحدثون عن مكان في القرية يسمونه "مقيل الشيخ خليل"، فهو يرمز إلى العلم والمعرفة والالتزام الديني بالقول والفعل.

يقول مختار قرية "بطموش" السيد "محمد يوسف" في حديثه لمدونة وطن " eSyria" بتاريخ 5 كانون الثاني 2015، عن هذا المكان: «أهمية المكان تأتي من دلالاته، فهو يدلنا إلى أن الإنسان يمكنه أن يقرأ ويعطي علمه في أي مكان، وحيث كان، وفي كل الظروف، المهم أن يمتلك الرغبة والقناعة والإيمان بالعطاء، كما كان الشيخ "خليل" زاهداً عابداً مصمماً على المعرفة وعطائها».

كان هذا المكان مثل جامعة إن أردت، حيث يتعلم فيه الطلبة قراءة القرآن الكريم وحفظه، وتلقى فيه الخطب وتعقد الجلسات والندوات، وفي وقت الفراغ يقضي فيه الشيخ وقت الراحة أيضاً ويأخذ قيلولة الظهيرة

ويضيف "يوسف": «"المقيل" هو عبارة عن أرض صغيرة فيها شجرة كان يتفيأ بظلها أثناء جلوسه هناك، وهو ليس من القرية وإنما جاء إليها في مرحلة من حياته وأقام لفترة من الزمن ترك فيها أثراً كبيراً لدى الناس الذين تعلموا منه».

مقيل الشيخ "خليل"

ويتابع "يوسف": «كان هذا المكان مثل جامعة إن أردت، حيث يتعلم فيه الطلبة قراءة القرآن الكريم وحفظه، وتلقى فيه الخطب وتعقد الجلسات والندوات، وفي وقت الفراغ يقضي فيه الشيخ وقت الراحة أيضاً ويأخذ قيلولة الظهيرة».

يشير مدير مدرسة القرية "علي صقر" إلى أن بعض أبناء القرية يذهبون إلى ذلك المكان للقراءة فيه نظراً للهدوء، كما أنه مكان مشجع نظراً لتاريخه ودلالته على العلم والمعرفة بحسب "صقر".

ضريح تذكاري

استفاد أهالي القرية كثيراً من هذا المكان الذي لطالما نبض بالعلم، يقول مدير المدرسة: «كثر هم من تعلموا القراءة في ذلك المكان، أو الذين حملوا العلم منه إلى مختلف المناطق، كما أن أجدادنا كان لهم حصتهم من الفائدة؛ حيث حفظوا فيه الكثير ونشأ فيها جيل من المتعلمين دينياً وحفظة القرآن وقارئيه، وهو ما ترك أثراً كبيراً من الفائدة في القرية وأهلها».

مؤخراً شيد الأهالي ضريحاً للشيخ "خليل" في نفس الموقع الذي كان يجلس فيه ويقضي القيلولة، لتبقى رمزيته للأجيال اللاحقة ولكيلا يمحى، وقد زرعوا بجواره "حبقة" تفوح رائحتها الجميلة في المكان، يقول "صقر": «الرائحة التي تفوح من هذا المكان وستبقى هي رائحة العلم والمعرفة، رائحة العطاء وفعل الخير، الذي ورثناه جيلاً بعد جيل في هذه القرية، ونحن نحافظ على إرثنا ومتمسكون به بكل ما أوتينا من قدرة، فما قيمة الإنسان إن لم يكن معطاءً خيراً، والعطاء ليس فقط مادياً وإنما هناك عطاء معرفي وعلمي وروحاني، أن تورث الناس ما يفيدهم في دنياهم وآخرتهم، وتعلمهم محبة بعضهم بعضاً، والتعاون وجعل ما يملكه فرد في خدمة الجميع، أن تبذل جهداً في خدمة الآخرين».

يذكر أن قرية "بطموش" تابعة لمدينة "جبلة"، وهي تحتضن "مقيل الشيخ خليل" في الجهة الشرقية من القرية وتحيط به أراضٍ زراعية، ويرتفع عن سطح البحر قرابة 1000 متر، ويبعد عن مدينة "جبلة" نحو 40كم.